ثَلاثةُ أَوْجُهٍ : يُقَال : خَائِفٌ ، وَخُيَّفٌ (١) ، وخَوْفٌ ، ونحوُ ذلك كذلِكَ ، ففي سِيَاقِ عِبَارَةِ المُصَنِّفِ قُصُورٌ لا يَخْفَى.
وقال غيرُه : قَوْمٌ خَوْفٌ : خَائِفُونَ ، أَو هذِه اسْمٌ لِلْجَمْعِ ، وَمنه قولُه تعالَى : (خَوْفاً وَطَمَعاً) (٢) ، أي : اعْبُدُوه خَائِفِينَ عَذَابَهُ ، وطَامِعِينَ في ثَوَابِهِ.
والْخَوْفُ أَيضاً : القَتْلُ ، قِيلَ : ومِنْهُ قَوْلُه تعالَى : وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ (الْخَوْفِ وَالْجُوعِ) (٣) ، هكذا فَسَّرَهُ اللِّحْيَانِيُّ.
والخَوْفُ أَيضاً : الْقِتَالُ ، ومِنْهُ قَوْلُه تعالَى : فَإِذا جاءَ الْخَوْفُ (٤) ، وكذلك قَوْلُهُ تعالَى : (وَإِذا جاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذاعُوا بِهِ) (٥) ، هكذا فَسَّرَه اللِّحْيَانِيُّ.
والخَوْفُ أَيضاً : الْعِلْمُ ، ومِنْهُ قَوْلُه تَعالَى : وَإِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ مِنْ بَعْلِها نُشُوزاً أَوْ إِعْراضاً (٦) وكذا قَوْلُه تعالى : فَمَنْ خافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفاً (أَوْ إِثْماً) (٧) ، هكذا فَسَّرَه اللِّحْيَانِيُّ.
والخَوْفُ : أَدِيمٌ أَحْمَرُ ، يُقَدُّ منه أَمْثَال السُّيُورِ ثم يُجْعَلُ على تِلْكَ السُّيُورِ شَذْرٌ ، تَلْبَسُه الجارِيَةُ ، الثَّلاثَةُ عن كُرَاعٍ ، لُغَةٌ في الْحَوْفِ بِالْمُهْمَلَةِ ، وَهي أَوْلَى ، كما في اللِّسَانِ.
ورَجُلٌ خَافٌ : خَائِفٌ ، قال سِيبَوَيْه : سأَلْتُ الخَلِيلَ عن خَافٍ ، فقَالَ : يَصْلُح أَنْ يكونَ فاعلاً ذَهَبَتْ عَيْنُهُ ، ويصْلُحُ أَنْ يكونَ فَعِلاً ، قال : وعلَى أيِّ الوَجْهَيْنِ وجَّهْتَ ، فتَحْقِيرُهُ بالوَاوِ ، وفي الصِّحاحِ : ورُبَّمَا قالُوا : رَجُلٌ خافٌ : أي : شَدِيدُ الْخَوْفِ ، جَاءُوا به على فَعِلٍ ، مِثْل فَرِقٍ ، وفَزِعٍ ، كما قَالُوا : رَجُلٌ صَاتٌ : أي شَدِيدُ الصَّوْتِ.
والْخَافَةُ : جُبَّةٌ مِن أَدَم ، يَلْبَسُهَا الْعَسَّالُ ، وَهكذا فَسَّرَ الأَخْفَشُ قَوْلَ أَبي ذُؤَيْبٍ الآتِي ، وقيل : فَرْوَةٌ يَلْبَسُهَا الذي يَدْخُلُ في بُيُوتِ النَّحْلِ ، لِئَلَّا تَلْسَعَهُ ، أَو خَرِيطَةٌ منه ضَيِّقَةُ الأَعْلَى ، وَاسِعَةُ الأَسفَلِ ، يُشْتَارُ فِيها الْعَسَلُ ، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ ، وأَنْشَدَ لأَبِي ذُؤَيْبٍ :
تَأَبَّطَ خَافَةً فِيهَا مِسَابٌ |
|
فَأَصْبَحَ يَقْتَرِي مَسَداً بِشِيقِ (٨) |
أَو سُفْرَةٌ كَالْخَرِيطَةِ مُصَعَّدَةٌ ، قد رُفِعَ رَأْسُهَا لِلْعَسَلِ ، نَقَلَهُ السُّكَّرِيُّ ، في شَرْحِ قَوْلِ أَبي ذُؤَيْبٍ.
قال ابنُ بَرِّيّ : عَيْنُ خَافَةٍ ، عند أَبي عَليٍّ ياءٌ ، مَأْخُوذةٌ مِن قَوْلِهِم : النَّاسُ أَخْيَافٌ ، أي : مُخْتَلِفُون ، لأَنَّ الخَافَةَ خَرِيطَةٌ مِن أَدَمٍ مَنْقُوشَةٌ بأَنْواع مُخْتَلِفَةٍ مِن النَّقْشِ ، فعلَى هذا كان يَنْبَغِي أَن يَذْكُرَ الْخافةَ في فِعْلِ (٩) «خ ي ف».
وخُفْتُه ، أَخُوفُهُ ، كَقُلْتُهُ أَقُولُهُ : غَلَبْتُهُ بالْخَوْفِ ، أي : كان أَشَدَّ خَوْفاً منه ، وقد خَاوَفَهُ مُخَاوَفَةً ، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ.
ويُقَال : هذا طَرِيقٌ مَخُوفٌ : إذا كان يُخَافُ فِيهِ ، وَلا يُقَال : مُخِيفٌ ويُقَال : وَجَعٌ مُخِيفٌ ، لأَنَّ الطَّرَيقَ لَا تُخِيفُ ، وإِنَّمَا يُخافُ قاطِعُهَا ، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ ، وهكذا خَصَّ ابنُ السِّكّيتِ بالمَخُوفِ (١٠) الطَّرِيقَ ، وذكَر هذا الوَجْهَ الذي ذَكَرَه الجَوْهَرِيُّ ، وخَصَّ بالمُخِيفِ الوَجَعَ.
وَقال غيرُه : طَرِيقٌ مَخُوفٌ ، ومُخِيفٌ : يَخَافُهُ النَّاسُ ، وَوَجَعٌ مَخُوفٌ ومُخِيفٌ : يُخِيفُ مَن رَآهُ.
وَفي الحَدِيثِ : «مَنْ أَخَافَ أَهْلَ الْمَدِينَةِ أَخَافَهُ الله تَعَالَى» ، وفي آخَرَ : «أَخِيفُوا الْهَوَامَّ قَبْلَ أَنْ تُخِيفَكُمْ» ، أي احْتَرِسُوَا منها ، فإِذا ظَهَرَ منها شَيْءٌ فَاقْتُلُوه ، المَعْنَى اجْعَلُوها تَخافُكُم ، واحْمِلُوهَا علَى الخَوْفِ منكم ؛ لأَنَّهَا إذا أَرَادَتْكُم وَرَأَتْكُم تَقْتُلُونَها فَرَّتْ منكم.
والْمُخِيفُ : الأَسَدُ الذي يُخِيفُ مَن رَآهُ ، أي : يُفْزِعُه ، قال طُرَيْحٌ الثَّقَفيُّ :
وُقُصٌ تُخِيفُ ولا تَخَافُ |
|
هَزَابِرٌ لِصُدُورِهِنَّ حَطِيمُ (١١) |
وحَائِطٌ مُخِيفٌ. إِذَا خِفْتَ أَنْ يَقَعَ عَلَيْكَ ، وَقال اللِّحْيَانِيُّ : حَائِطٌ مَخُوفٌ ، إذا كان يُخْشَى أَنْ يَقَع هُوَ.
__________________
(١) في التهذيب : خائف وخُيَّفٌ وخِيَّفٌ وخُوَّفٌ.
(٢) سورة الأعراف الآية ٥٦.
(٣) سورة البقرة الآية ١٥٥.
(٤) سورة الأحزاب الآية ١٩.
(٥) سورة النساءِ الآية ٨٣.
(٦) سورة النساءِ الآية ١٢٨.
(٧) سورة البقرة الآية ١٨٢.
(٨) ديوان الهذليين ١ / ٨٧ برواية : «فأضحى يقتري».
(٩) في اللسان : فصل.
(١٠) عن اللسان وبالأصل «بالخوف».
(١١) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله : وقص هكذا في الأصل ، ولم يوجد بالمواد التي بأيدينا».