قال : وكان أَهْلُ الجَاهِليَّةِ يقولون : أَخْلَفَتِ النُّجُومُ ، أي : أَمْحَلَتْ ، فلَم يَكُنْ فِيهَا مَطَرٌ ، وَهو مَجَازٌ ، وأَخْلَفَتْ عن أَنْوائِهَا كذلك ، أي : لأَنَّهُمْ كانُوا يَعْتَقِدُونَ ويَقُولُونَ : مُطِرْنَا بِنَوْءِ كذا وكذا.
وَنَقَلَ شيخُنَا عن الفَارَابِيِّ في ديوان الأَدَب ، أنَّ أَخْلَفَهُ من الأَضْدَادِ ، يَرِدُ بمعنَى : وَافَقَ مَوْعِدَهُ ، قال : وهو غَرِيبٌ.
وأَخْلَفَ فُلانٌ لِنَفْسِهِ ، أَو لغيرِه : إِذا كَان قد ذَهَبَ لَهُ شَيْءٌ ، فَجَعَلَ مَكَانَهُ آخَرَ ، وَمنه الحديثُ : «أَبْلِي وأَخْلِفي ، ثم أَبْلِي وأَخْلِفي» ، قَالَهُ لأُمِّ خالِدٍ حين أَلْبَسَهَا الخَمِيصَةَ ، وَتقول العَرَبُ لمَن لَبِسَ ثوباً جديداً : «أَبْلِ ، وأَخْلِفْ ، وَاحْمَدِ الكَاسِي».
وَقال ابنُ مُقْبِلٍ :
أَلم تَرَ أنَّ المالَ يَخْلُفُ نَسْلُه |
|
وَيأتِي عَلَيه حَقُّ دَهْرٍ وبَاطِلُهْ |
فَأَخْلِفْ وأَتْلِفْ إِنَّمَا الْمَالُ عَارَةٌ |
|
وَكُلْهُ مَعَ الدَّهْرِ الذي هُوَ آكِلُهْ |
يقول : اسْتَفِدْ خَلَفَ مَا أَتْلَفْتَ.
وأَخْلَفَ النَّبَاتُ : أَخْرَجَ الْخِلْفَةَ ، وَهو الذي يخْرُجُ بَعْدَ الوَرَقِ الأَوَّلِ في الصَّيْفِ ، وفي حديثِ جَرِيرٍ : «خَيْرُ المَرْعَى الْأَرَاكُ والسَّلَمُ ، «إِذا (١) أَخْلَفَ كانَ لَجِينًا» وفي حدِيثِ خُزَيْمَة السُّلَمِيِّ : «حتَّى آلَ السُّلَامَى ، وأَخْلَفَ الْخُزَامَى» ، أي : طَلَعَتْ خِلْفَتُهُ مِن أُصُولِهِ بالمَطَرِ.
وأَخْلَفَ الرَّجُلُ : أَهْوَى بِيَدِهِ إِلَى السَّيْفِ ، إِذا كان مُعَلَّقًا خَلْفَهُ ، لِيَسُلَّهُ وقال الفَرَّاءُ : أَخْلَفَ يَدَهُ : إذا أَرَادَ سَيْفَهُ ، فأَخْلَفَ يَدَهُ إلى الكِنَانَةِ ، وفي الحَدِيثِ : «إنَّ رَجُلاً أَخْلَفَ الخُزَامَى» ، أي : طَلَعَتْ خِلْفَتُهُ مِن أُصُولِه بالمَطَرِ.
وأَخْلَفَه الرَّجُلُ : أَهْوَى بِيَدِهِ إِلَى السَّيْفِ ، إِذا كان مُعَلَّقًا خَلْفَهُ ، لِيَسُلَّهُ وقال الفَرَّاءُ : أَخْلَفَ يَدَهُ : إذا أَرَادَ سَيْفَهُ ، فأَخْلَفَ يَدَهُ إلى الكِنَانَةِ ، وفي الحَدِيثِ : «إنَّ رَجُلاً أَخْلَفَ السَّيْفَ يَوْمَ بَدْرٍ».
وقال الأَصْمَعِيُّ : أَخْلَفَ عَن الْبَعِيرٍ : إذا حَوَّلَ حَقَبَهُ ، فَجَعَلَهُ مِمَّا يَلِي خُصْيَيْهِ ، وذلك إذا أَصَابَ حَقَبُهُ ثِيلَهُ ، فَاحْتَبَسَ بَوْلُهُ ، وَقال اللِّحْيَانِيُّ : إِنّمَا يُقَال : أَخْلِفِ الحَقَبَ ، أي : نَحِّه عن الثِّيلِ ، وحَاذِ به الحَقَبَ ؛ لأَنَّهُ يُقَالُ : حَقِبَ بَوْلُ الجَمَلِ ، أي : احْتَبَسَ ، يعني أنَّ الحَقَبَ وَقَعَ علَى مَبَالِهِ ، ولا يُقَال ذلك في النَّاقةِ ، لأَنَّ بَوْلَها مِن حَيائِها ، ولا يَبْلُغُ الحَقَبُ الحَياءَ.
وأَخْلَفَ فُلانًا : رَدَّهُ إِلَى خَلْفِهِ ، قال النَّابِغَةُ :
حتَّى إِذَا عَزَلَ التَّوَائِمَ مُقْصِرًا |
|
ذَاتَ الْعِشَاءِ وأَخْلَفَ الْأَرْكَاحَا (٢) |
وَمنه حديثُ عبدِ الله بنِ عُتْبَةَ : «جِئْتُ في الهَاجِرَةِ ، فوجدتُ عُمَر رضياللهعنه يُصَلِّي ، فقُمْتُ عن يَسَارِهِ ، فأَخْلَفَنِي عُمَرُ ، فجَعَلَنِي عن يَمِينِهِ ، فجَاءَ يَرْفَأُ ، فتَأَخَّرْتُ ، فصَلَّيْتُ خَلْفَه» (٣) بحِذَاءِ يَمِينِه ، يُقَال : أَخْلَفَ الرَّجُلُ يَدَهُ ، أي : رَدَّهَا (٤) إلى خَلْفِهِ ، قَالَهُ الأَزْهَرِيُّ.
وأَخْلَفَ الله تَعَالَى عَلَيْكَ : أي ردَّ عَلَيْكَ مَا ذَهَبَ (٥) ، وَمنه الحَدِيثُ : «تَكَفَّلَ الله لِلْغَازِي أَنْ يُخْلِفَ نَفَقَتَهُ».
وأَخْلَفَ الطَّائِرُ : خَرَجَ لَهُ رِيشٌ بَعْدَ رِيشِهِ الْأَوَّلِ ، وَهو مَجَازٌ ، مِن أَخْلَفَ النَّبَاتُ.
وأَخلف الْغُلَامُ : إذا راهَقَ الْحُلُمَ ، فهو مُخْلِفٌ ، نَقَلَهُ الأَزْهَرِيُّ.
وأَخْلَفَ الدَّوَاءُ فُلَانًا : أَضْعَفَهُ بكَثْرَةِ التَّرَدُّدِ إِلَى الْمُتَوَضَّإِ.
والْإخْلَافُ : أَنْ تُعِيدَ الْفَحْلَ علَى النَّاقَةِ إِذَا لَم تَلْقَحْ بِمَرَّةٍ ، وَقَالُوا : أَخْلَفَتْ : إذا حَالَتْ.
والمُخْلِفُ : الْبَعِيرُ : الذي جَازَ الْبَازِلَ ، كذا في الصِّحاحِ ، وفي المُحْكَمِ : بعدَ البَازِلِ ، وليس بَعْدَهُ سِنٌّ ، وَلكنْ يُقَال : مُخْلِفُ عَامٍ أو عَامَيْنِ ، وكذا ما زَادَ ، والأُنْثَى بالهاءِ ، وقيل : الذَّكَرُ والأُنْثَى سَوَاءٌ ، وأَنْشَدَ الجَوْهرِيُّ للجَعَدِيِّ :
أَيَّدِ الْكَاهِلِ جَلْدٍ بَازِلٍ |
|
أَخْلَفَ الْبَازِلَ عَاماً أو بَزَلْ |
قال : وكان أَبو زيْدٍ يقول : النَّاقَةُ لا تكونُ بَازِلاً ، ولكن
__________________
(١) عن النهاية واللسان وبالأصل «إذ».
(٢) ليس في ديوانه صنعة ابن السكيت ، وهو في اللسان.
(٣) بهامش المطبوعة المصرية : «الذي في اللسان بعد أن ساق الحديث إلى «فصليت خلفه» ما نصه : قال أبو منصور قوله : فأخلفني ، أي ردني إلى خلفه ، فجعلني عن يمينه بعد ذلك ، أو جعلني خلفه بحذاء يمينه».
(٤) عن التهذيب ، وبالأصل «ردّه».
(٥) في التهذيب : أخلف الله لك أي أبدل الله لك ما ذهب.