والإِلْفِ ، إذا انْتَقَل اليَمَانِيُّ إِلَى هذه النَّوَاحِي سَمِّي الكُورَةَ بما أَلِفَهُ مِنْ لُغَةِ قَوْمِهِ ، وفي الْحَقِيقَةِ إِنَّما هي لُغَةُ أَهْلِ اليَمَنِ خَاصَّةً ، وقال أَيضاً ـ بعدَ ما نَقَلَ كلامَ اللَّيْثِ ـ : ومَا عَدَاهُ كما تقدَّم ذِكْرُه ، قلتُ : هذا الَّذِي بَلَغَنِي فيه ، ولم أَسْمَعْ في اشْتِقَاقِهِ شَيْئاً ، وعندي فيه مَا أَذْكُرُهُ (١) ، وهو أنَّ وَلَدَ قَحْطَانَ لمَّا اتَّخَذُوا أَرْضَ اليَمَنِ مَسْكَنًا ، وكَثُرُوا فيه ، ولم يَسَعْهُمْ المُقَامُ في مَوْضِعٍ وَاحِدٍ ، أَجْمَعُوا (٢) رَأْيَهُمْ عَلَى أَنْ يَسِيرُوا في نَوَاحِي الْيَمَنِ ، فيَخْتَارَ كُلُّ بَنِي أَبٍ مَوْضَعاً يَعْمُرُونَهُ ويَسْكُنُونَه ، فكانُوا إذا صَارُوا (٣) في نَاحِيَةٍ ، واخْتَارَهَا بَعْضُهُم ، تَخَلَّفَ بها عن سائرِ القَبَائِلِ ، وسَمَّاها باسْمِ [أبي] (٤) تلكَ القَبِيلَةِ المُتَخَلِّفَةِ فيه ، فسَمَّوهَا مَخَالِفَ (٥) ، لِتَخَلُّفِ بَعْضِهِم عن بَعْضٍ فيها ، أَلا تَرَاهُم سَمَّوْهَا مِخْلَافَ زَبَيدٍ ، ومِخْلَافَ سِنْحَانَ (٦) ، ومِخْلَافِ هَمْدَان ، لا بُدَّ مِن إِضَافَتِهِ إِلَى قَبِيلَةٍ. انْتَهَى كلامُه.
وَقد عَدَّ الصَّاغَانِيُّ مَخَالِيفَ الْيَمَنِ ، فقَالَ : ولِكُلِّ مِخْلَافٍ اسْمٌ يُعْرَفُ به (٧) ، كمِخْلافِ أَبْيَنَ ، ومِخْلَافِ أَقْيَانَ ، وَمِخْلَافِ أَلْهَانَ ، ومِخْلَافِ الْبَوْنِ (٨) ، ومِخْلَافِ بَيْحَانَ ، وَمِخْلَافِ بَنِي شِهَابٍ ، ومِخْلَافِ ثاثٍ ، ومِخْلَافِ جَيْشَانِ ، وَمِخْلَافِ جُبْلان ومِخْلَافِ جَنْبٍ ، ومِخْلَافِ جَهْرَانَ ، وَمِخْلَافِ جُعْفَيِّ (٩) ، ومِخْلَافِ جَعْفَرٍ ، ومِخْلَافِ حَرَازٍ (١٠) ، وَمِخْلَافِ حَضُورٍ ، ومِخْلَافِ خَوْلَانَ ، ومِخْلَافِ خَارِف ، وَمِخْلَافِ ذَمَار (١١). ومِخْلَافِ ذِي جُرَّةٍ ، ومِخْلَافِ رُعَيْنٍ ، وَمِخْلَافِ رُدَاعٍ ، ومِخْلَافِ زَبِيدٍ ، ومِخْلَافِ السُّحُولِ ، وَمِخْلَافِ سِنْحانَ ، ومِخْلَافِ شَبْوَةَ ، ومِخْلَافِ صَعْدَةَ ، وَمِخْلَافِ العَوْدِ ، ومِخْلَافِ عُنَّةَ (١٢) ومِخْلَافِ لَحْجٍ ، ومِخْلَافِ مَأْرِب ، ومِخْلَافِ مُقْرِى (١٣) ، ومِخْلَافِ مادِن ، وَمِخْلَافِ المَعَافَرِ ، ومِخْلَافِ نَهْدٍ ، ومِخْلَافِ وَادِعَةَ ، وَمِخْلَافِ هَوْزَنَ ، ومِخْلَافِ هَمْدَانَ ، ومِخْلَافِ اليَحْصِبِيْنِ (١٤) ومِخْلَافِ يَامٍ ، فهؤلاءِ أَربعونَ مِخْلافاً ذَكَرَهْنَّ الصَّاغَانِيُّ ، ورَتَّبْتُه أنا على حُرُوفِ المُعْجَمِ كما تَرَى.
وفَاتَهُ : ذِكْرُ جُمْلَةٍ مِن المَخَالِيفِ ، كمِخْلَافِ أَصابَ ، وَمِخْلَافِ رَيْمَةَ ، ومِخْلَافِ عَبْسٍ ، ومِخْلَافِ الحَيَّةِ (١٥) ، وَمِخْلَافِ السلفية ومِخْلافِ كبورة ، ومِخْلَافِ يَعْفَرَ ، وغَيْرِها ممَّا يحْتَاجُ إِلَى مُراجَعَةٍ واسْتِقْصَاءٍ ، والله المُوَفِّقُ لا رَبَّ غَيْرُه ، ولا خَيْرَ إِلَّا خَيْرُه.
ورَجُلٌ خَالِفَةٌ : أي كَثِيرُ الْخِلَافِ ، وَالشِّقَاقِ ، وبه فُسِّرَ قَوْلُ الخَطّابِ بنِ نُفَيْلٍ لَمَّا أَسْلَم ابنُه سَيِّدُنَا عُمَرُ (١٦) رضياللهعنه ـ «إِنِّي لأَحْسَبُكَ خَالِفَةَ بَنِي عَدِيٍّ ، هل ترَى أَحَداً يَصْنَعُ مِنْ قَوْمِكَ ما تَصْنَعُ؟» قال الزَّمَخْشَرِيُّ : إنَّ الخَطَّابَ أَبا عُمَرَ قَالَهُ لزَيْدِ بن عَمْرٍو أَبي سَعِيدِ بنِ زَيْدٍ ، لمَّا خَالَفَ دِينَ قَوْمِهِ.
ويقال : مَا أَدْرِي أيُّ خَالِفَةٍ هو ، وَأيُّ خَالِفَةَ هو ، مَصْرُوفَةً ومَمْنُوعَةً ، أي : أيُّ النَّاسِ هو ، قال الجَوْهَرِيُّ : هو غيرُ مَصْرُوفٍ للتَّأْنِيثِ والتَّعْرِيفِ ، أَلا تَرَى أَنَّكَ فَسَّرْتَهُ بالنَّاسِ. انْتَهَى ، وقال اللِّحْيَانِيُّ : الْخَالِفَةُ : النَّاسُ ، فأَدْخَلَ عليه الأَلِفَ والَّلامَ.
وَقال غيرُه : ويُقَال : ما أَدْرِي أيُّ الْخَوَالِفِ هو؟. ويُقَال أَيضاً : ما أَدْرِي أي خَالِفَةَ هو ، وأيّ خَافِيَةٍ هو ، فلم يُجْرِهما أيْ : أيُّ النَّاسِ هو ، وإِنَّما تُرِكَ صَرْفُهُ لأَنَّهُ أُرِيدَ به المَعْرِفَةُ ، لأَنَّه وإِنْ كان وَاحِداً فهو في مَوْضِعِ جَماعةٍ ، يُرِيد : أيُّ الناسِ هو ، كما يُقَال : أيُّ تَمِيمٍ هو ، وأيُّ أَسَدٍ هو ، وبهذا سَقَطَ ما أَوْرَدَه شَيْخُنَا أنَّ هذا غَيْرُ جَارٍ علَى قَوَاعِدِ النَّحْوِ ، فإِنَّ التَّعْرِيفَ عندَهم المُوجِبَ لِلْمَنْعِ مِنَ الصَّرْفِ مَعَ عِلَّةٍ أُخْرَى هو تَعْرِيفُ العَلَمِيَّةِ خَاصَّةً ، فكيف
__________________
(١) عن معجم البلدان ، وبالأصل «أكره».
(٢) في معجم البلدان : فجمعوا رأيهم.
(٣) في معجم البلدان : إذا ساروا إلى ناحية.
(٤) زيادة عن معجم البلدان.
(٥) معجم البلدان : مخلافاً.
(٦) بالأصل : «سبحان» والتصحيح عن معجم البلدان.
(٧) انظر في معجم البلدان مخاليف اليمن وتحديد مواقعها فيه وسبب تسميتها :
(٨) في معجم البلدان : وهما بونان.
(٩) عن معجم البلدان وبالأصل «صيفى».
(١٠) عن معجم البلدان وبالأصل «حران».
(١١) عن معجم البلدان وبالأصل «دمار».
(١٢) بالأصل «عنبة» والتصحيح عن معجم البلدان.
(١٣) بالأصل «مقرأ» والتصحيح عن معجم البلدان.
(١٤) في معجم البلدان «اليحصبيين» وهم بنو يحصب بن دهمان.
(١٥) بالأصل الحيمة والمثبت عن معجم البلدان «حية» وفيه : من مخاليف اليمن.
(١٦) في اللسان والنهاية : لما أسلم سعيد بن زيد قال له بعض أهله.