العربَ لم تتَمَسَّكْ في الجاهِلِيَّةِ بشَيْءٍ مِن دِينِ إبْراهِيمَ غير الخِتانِ ، وحَجِّ البيتِ ، وقال الزَّجَّاجي : الحَنِيفُ في الجاهِلِيَّة مَنْ كان يحُجُّ البيتَ ، ويَغْتَسِلُ مِن الجَنابَةِ ، وَيَخْتَتِنُ ، فلمَّا جاءَ الإِسْلَامُ كان الحَنِيفُ : المُسْلِمَ ، لِعُدُولِه عن الشِّرْكِ ، وقال [الزَّجَّاجِي] * في قَوْلِه تعالَى : (بَلْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً) (١) نَصَبَ : حَنِيفاً ، علَى الحالِ ، والمَعْنَى : بل نَتَّبعُ مِلَّةَ إِبراهِيمَ في حالِ حَنِيفِيَّتِهِ ، ومعنى الحَنِيفِيَّةِ في اللُّغَةِ : المَيْلُ ، والمعنى أنَّ إِبْرَاهِيمَ حَنَفَ إلى دِينِ اللهِ ، وَدِينِ الإِسْلامِ.
والحَنِيفُ : الْقَصِيرُ.
والحَنِيفُ : الْحَذَّاءُ.
وحَنِيفٌ : اسمُ وَادٍ.
وحَنِيفُ : بنُ أَحْمَدَ أَبو العَبَّاسِ الدِّينَوَرِيُّ ، شَيْخُ ابْنِ دَرَسْتَوَيْهِ هكذا في العُبَاب ، والصَّوابُ أَنه تِلْمِيذُه قال الحافظُ : [روى] (٢) عن جَعْفَرِ بنِ دَرَسْتَوَيْهِ.
وحَنِيفٌ أَيضاً : وَالِدُ أَبي مُوسَى عِيسَى بن حَنِيفِ بنِ بُهْلُولٍ القَيْرَوانِيِّ ، عاصَرَ الخَطَّابِيِّ ، ورَوَى عن ابْنِ (٣) دَاسَةَ.
قلتُ : ومحمدُ بنُ مُهاجِرٍ ، المعروفُ بأَخِي حَنِيفٍ ، فيه مَقَالٌ ، رَوَى عن وَكِيعٍ ، وأَبي مُعَاوِيةَ.
وحَنِيفَةُ ، كسَفِينَةٍ : لَقَبُ أُثَالٍ كغُرَابٍ بنِ لُجَيْمِ بنِ صَعْبِ بنِ عَلِيٍّ بنِ بكرِ بنِ وَائِل : أبِي حَيٍّ ، وَهم قومُ مُسَيْلِمَةَ الكَذَّابِ ، وإِنَّمَا لُقِّبَ بقَوْلِ جَذِيمَةَ ، وهو الأَحْوَى بنُ عَوْفٍ ، لَقِيَ أُثالاً فضَرَبَهُ فحَنَفَهُ ، فلُقِّبَ حَنِيفَةَ ، وَضَرَبَهُ أُثَالٌ فَجَذَمَهُ ، فلُقِّبَ جَذِيمَةَ ، فقَالَ جَذِيمَةُ :
فإِنْ تَكُ خِنْصَرِي بَانَتْ فَإِنِّي |
|
بها حَنَّفْتُ حَامِلَتَيْ أُثَالِ |
مِنْهُمْ : خَوْلَةُ بِنْتُ جَعْفَرِ بنِ قَيْسِ بنِ مَسْلَمَةَ بنِ عبدِ الله بن ثَعْلَبَةَ بن يَرْبُوعِ بنِ ثَعْلَبَةَ بنِ الزُّمَيْلِ بنِ حَنِيفَةَ الْحَنَفِيَّةُ ، وَهي أُمُّ محمدِ بنِ عَلِيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ رحمَهُ الله تعالى ، ولذا يُعْرَفُ بابنِ الحَنَفِيَّةِ ، وكُنْيَتُه أَبو القاسم ، وُلِدَ سنةٌ ٢٦ ، وتُوُفِّيَ بالمدينَةِ في المُحَرَّمِ سنة ٨١ ، وهو ابنُ خَمْسٍ وسِتِّين سنة (٤) ، ودُفِنَ بالبَقِيعِ ، وقال بإِمامَتِه جميعُ الكَيْسَانِيَّةِ ، وقد أَعْقَبَ أَرْبَعَةَ عشرَ ولداً ذَكَرًا.
قال الشيخُ تاجُ الدِّين بنُ مُعَيَّةَ النِّسَّابَةُ : وهم قَلِيلُون.
وكزُبَيْرٍ : حُنَيْفُ بنُ رِئَابِ بنِ الحارِثِ بنِ أُمَيَّةَ الأَنْصَارِيُّ ، شهِد أُحُداً ، وقُتِلَ يومَ مُؤْتَةَ.
وسَهْلٌ ، وعُثْمَانُ ، ابْنَا حُنَيْفِ بنِ وَاهِبٍ الأَوْسِيّ ، أَمَّا سَهْلٌ فشهِد بَدْرًا ، وأَبْلَى يومَ أُحُدٍ ، وثَبَتَ فيه ، وأَمَّا عُثْمَانُ فإِنَّهُ شهِد أُحُداً أَيْضاً وما بَعْدَها ، ومَسَحَ سَوَادَ العِرَاقِ ، وَقَسَّطَ خَرَاجَهُ لِعُمَرَ ، ووَلِيَ البَصْرةَ لعليٍّ ، وعاشَ إلى زَمَنِ مُعَاوِيَةَ : صَحَابِيُّونَ ، رضياللهعنهم.
وحَنَّفَهُ تَحْنِيفاً : جَعَلَهُ أَحْنَفَ ، نَفَلَهُ الجَوْهَرِيُّ ، وتَقَدَّم شاهِدُه من شِعْرِ جَذِيمَةَ.
وأَبو حَنِيفَةَ : كُنيَةُ عِشْرِينَ رجلاً مِن الْفُقَهَاءِ ، أَشْهَرُهُمْ إِمامُ الْفُقَهَاءِ ، وفَقِيهُ العُلَمَاءِ ، النُّعْمَانُ بنُ ثابِتِ بنِ زُوطَى الكُوفيُّ ، صاحِبُ المَذْهَبِ ، رَضِيَ الله تعالَى عنه وأَرْضَاهُ عَنَّا ، ومنهم أبو حَنِيفَةَ العَمِيدُ : أَمِيرٌ ، كاتبُ ابن العَمِيدِ عُمَرَ بن الأَمِيرِ غَازِي الفَارَابِيُّ الإِتْقَانِيُّ ، شارِحُ الهِداية ، دَرَّس بالْمَاردَانِيّ ، وبالصَّرْغَتْمَشِيَّة ، وأَبو حَنِيفَةَ محمدُ بنُ عُبَيْدِ الله الخَطِيبِيُّ ، يَرْوِي عن أَبي مُطِيعٍ ، تقدَّم ذِكْرُه في «خطب».
وتَحَنَّفَ : عَمِلَ عَمَلَ الْحَنِيفيَّةِ (٥) ، نَقَلَهُ الجَوهَرِي ، يعني شَرِيعةَ إبراهِيمَ عليهالسلام ، وهي مِلَّةُ الإسْلامِ ، ويُوصَفُ بها فيُقَال : مِلَّةٌ حَنِيفِيَّةٌ ، وقال ثَعْلَبٌ : الحَنِيفِيَّةُ : المَيْلُ إلى الشَّيْءِ ، قال ابنُ سيدَه : وهذا ليس بشَيْءٍ ، وفي الحديثِ : «بُعِثْتُ بِالحَنِيفِيَّةِ السَّمْحَةِ السَّهْلَةِ» ، وفي حديثِ ابنِ عَبَّاسٍ : «سُئِلَ رسولُ الله صلىاللهعليهوسلم : أيُّ الأَدْيَانِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قال : الحَنِيفِيَّةُ السَّمْحَةُ».
يعني شَرِيعَةَ إبراهيمَ عليهالسلام ، لِأَنَّهُ تَحَنَّفَ عن الأَدْيانِ ، ومَالَ إِلَى الحَقِّ ، وقال عمرُ رضياللهعنه ـ :
__________________
(*) بالأصل : الزَّجاج والصواب ما أثبتناه.
(١) سورة البقرة الآية ١٣٥.
(٢) زيادة للإيضاح.
(٣) عن المطبوعة الكويتية وبالأصل «أبي داسة».
(٤) كذا ، انظر تاريخ ولادته وتاريخ وفاته.
(٥) في القاموس : «الحنفية» والمثبت كالصحاح واللسان.