الْعَرْشِ (١) ، قال الزَّجَّاجُ : أي : مُحْدِقينَ ، زَادَ الصَّاغَانِيُّ : بِأَحِفَّتِه ، أيْ : جَوانِبِهِ ، وَقال الرَّاغِبُ : مُطِيفِينَ بحِفَافَيْهِ.
وقال اللَّيْثُ : سَويقٌ حَافٌّ : أي غيرُ مَلْتُوتٍ ، وَقَال أَعْرَابِي : أَتَوْنا بعَصِيدةٍ قد حُفَّتْ ، فكأَنَّهَا عَقِبٌ فيها شُقُوقٌ ، وَقيل : هو ما لم يُلَتَّ بسَمْن ولا زَيْتٍ.
وقال اللِّحْيَانِيُّ : هو حَافٌّ بَيِّنُ الْحُفُوفِ : شدِيدُ الْإِصَابَة بِالْعَيْن ، وَالمَعْنَى أنه يُصِيبُ الناسَ بها.
وقولُه تَعَالَى : وَحَفَفْناهُما بِنَخْلٍ (٢) : أي جَعَلْنَا النَّخْلَ مُطِيفَةً بِأَحِفَّتِهِمَا ، أي : جَوَانِبِهما.
ومِن المَجَازِ : الْحَفَفُ ، مُحَرَّكَةً ، والْحُفُوفُ ، إِطْلاقُهُ يَقْتَضي أنه بالفَتْح ، والصَّوابُ أَنَّه بالضَّمِّ : عَيْشُ سَوءٍ عن الأَصْمَعِيِّ ، وقِلِّةُ مَال ، يُقال : ما رُئِي عليهم حَفَفٌ ولا ضَفَفٌ ، أي : أَثرُ عَوَزٍ ، كأَنَّه جُعِلَ في حَفَفٍ منه ، أي جَانب ، بخِلافِ مَن قيل فيه : هو في وَاسِطةٍ مِن العَيْشِ ، صِفَة الرَّاغِدِ ، وقال ابنُ دُرَيْدٍ : الحَفَفُ : الضِّيقُ في المَعَاشِ (٣) ، وقالتْ امرأَةٌ : خرَجَ زَوْجِي ، ويَتِمَ وَلَدِي ، فما أَصَابَهُمْ حَفَفٌ ولا ضَفَفٌ ، قال : والْحَفَفُ : الضِّيقُ ، والضَّفَفُ : أَن يَقِلَّ الطَّعَامُ ويكْثُرَ آكِلُوهُ ، وقيل : هو مِقْدَارُ العِيَالِ ، وقال اللِّحْيَانِيُّ : الحَفَفُ : الكَفَافُ مِن المَعِيشَة ، وَأَصابَهم حَفَفٌ مِن العَيْشِ ، أي : شِدَّةٌ. وقال ثَعْلَبٌ : الحَفَفُ : أن يكونَ العِيَالُ قَدْرَ الزَّادِ ، وفي الحَدِيثِ : «أَنه عليهالسلامُ لم يَشْبَعْ مِن طعَامٍ إِلَّا علَى حَفَفٍ» : أي لم يَشْبَعْ إِلَّا والحالُ عندَه (٤) خِلافُ الرَّخَاءِ والخِصْب ، وفي حديثِ عُمَرَ رضياللهعنه ، أَنَّه «سَأَلَ رَجُلاً كيف وَجَدْتَ أَبَا عُبَيْدَة؟ قال : رَأَيْتُ حُفُوفاً» : أي ضِيقَ عَيْشٍ ، وقال الأَصْمَعِيُّ : أَصَابَهم مِن العَيْشِ ضَفَفٌ وحَفَفٌ وقَشَفٌ ، كلُّ هذا مِن شِدَّةِ العَيْشِ ، وقال ابنُ الأَعْرَابِيِّ : الضَّفَفُ : القِلَّةُ ، والْحَفَفُ : الحَاجَةُ ، ويُقَالُ (٥) : هما وَاحِدٌ ، وأَنْشَدَ :
هَدِيَّة كَانَتْ كَفَافاً حَفَفَا |
|
لَا تبْلُغُ الْجَارَ ومَنْ تَلَطَّفَا |
قال أَبو العَبّاسِ : الضَّفَفُ : أَن تكونَ الْأَكَلَةُ أَكْثَرَ مِن مِقْدَارِ المال ، والحَفَفُ : أن تكونَ الأَكَلَةُ بمِقْدَارِ المالِ ، قال : وكان النَّبِيُّ صلىاللهعليهوسلم إذا أَكَلَ كان مَن يَأْكُلُ معَه أَكْثَرَ عَدَداً مِن قَدْرِ مَبْلَغِ المَأْكُولِ وكَفافِهِ ، والحَفَفُ مِن الْأَمْرِ : نَاحِيَتُهُ ، يُقَال : هو علَى حَفَفِ أَمْرٍ ، أي : نَاحِيَةٍ منه وشَرَفٍ.
وقال ابنُ عَبَّادٍ : الحَفَفُ مِن الرِجالِ ؛ القَصِيرُ المُقْتَدِرُ.
وَالْمِحَفَّةُ ، بِالكَسْرِ ، هكذا ضَبَطَه الجَوْهَرِيُّ والصَّاغَانِيُّ ، وَقال شيخُنَا : وفي مَشَارِقِ عِيَاضٍ أنه بالفَتْحِ : مَرْكَبٌ لِلنِّسَاءِ كَالْهَوْدَج ، إِلّا أَنَّهَا لا تُقبَّبُ ، أي : والْهَوْدَجُ يُقَبَّبُ ، نَقَلهُ الجَوْهَرِيُّ ، وقال غيرُه : المِحَفَّةُ : رَحْلٌ يُحَفُّ ثم تركبُ فيه المَرْأَةُ ، وقال ابنُ دُرَيْدٍ : سُمِّيَتْ بها لأَنَّ الخَشَبَ يَحُفُّ بالقاعِدِ فيها ، أي يُحِيطُ به مِن جَمِيعِ جَوَانِبِه.
وحَفَّهُ بالشَّيْءِ ، كمَدَّهُ ، أَحَاطَ بِهِ ، كما يُحَفُّ الهَوْدَجُ بالثِّيَابِ ، كما في العُبابِ ، وفي اللِّسَانِ : أَحْدَقُوا به ، وأَطافُوا بِه ، وعَكفُوا ، واسْتَدارُوا ، وفي التَّهْذِيبِ : حَفَّ القَوْمُ بسَيِّدِهِم ، وفي الحَدِيثِ : «فَيحُفُّونَهم بأَجْنِحَتِهم» ، أي : يَطُوفُون بهم ، ويَدُورُونَ حَوْلَهُم ، وفي حديثٍ آخَرَ : «إِلَّا حَفَّتْهُمُ المَلائِكَة».
وفي الْمَثَلِ : «مَنْ حَفَّنَا أو رَفَّنَا فَلْيَقْتَصدْ» نَقَلَهُ الجَوهَرِيُّ ، قال أَبو عُبَيْدٍ ، يُضْرَب في القَصْدِ في المَدْحِ : أيْ [مَنْ]* طَافَ بنَا واعْتَنَى بِأَمْرِنَا وأَكْرَمَنَا ، وفي الصِّحاحِ : أي مَن خَدَمَنَا ، وَحَاطَنَا ، وتَعَطَّف علينا (٦) ، وقال أَبو عُبَيْدٍ : أي مَن مَدَحَنَا فَلَا يَغْلُوَنَّ في ذلِكَ ، ولكن لِيَتَكَلَّمْ بالحَقِّ ، وَفي مَثَلٍ آخَرَ : «مَنْ حَفَّنَا أو رَفَّنَا فَلْيَتَّرِكْ».
ومنه قَوْلُهُمْ : مالَهُ حَافٌّ ولَا رَافٌّ وذَهَبَ مَن كَانَ يَحُفُّهُ وَيَرُفُّهُ كما في الصِّحاحِ ، أي : يُعْطِيهِ ويَمِيرُهُ ، وقال الأَصْمَعِيُّ : هو يَحُفُّ ويَرُفُّ : أي يَقُومُ ويَقْعُدُ ، ويَنْصَحُ وَيُشْفِقُ ، قال : ومَعْنَى يَحُفُّ : تَسْمَعُ له حَفِيفاً.
والحَفَّافُ ، كشَدَّادٍ : اللَّحْمُ اللَّيِّنُ أَسْفَلَ اللهَاةِ ، يُقَال : يبِس حَفَّافُهُ ، قالَهُ الأَصْمَعِيُّ ، ونَقَلَهُ الأَزْهَرِيُّ : ولم يَضْبِطْهُ كشَدَّادٍ ، وإِنما سِياقُهُ يَدُلُّ علَى أَنه ككِتَابٍ (٧) ، وقال :
__________________
(١) سورة الزمر الآية ٧٥.
(٢) سورة الكهف الآية ٣٢.
(٣) نقله الأزهري في التهذيب عن ابن السكيت.
(٤) بالأصل : «والحال ما عنده» والمثبت عن اللسان.
(٥) هذا قول العقيلي كما في التهذيب.
(*) ساقطة من الكويتية.
(٦) في الصحاح : من خدمنا أو تعطف علينا وحاطنا.
(٧) في التهذيب : يقال يبس حَفّافُه وهو اللحم الليّن أسفل اللهاة ، ضبطت ضبط حركات.