وأَحْرَفَ الرَّجُلُ ، فهو مُحْرِفٌ : نَمَا مَالُهُ وصَلُحَ وكَثُرَ نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ عن الأَصْمَعِيِّ ، وغيرُه يقول بالثَّاءِ كما تَقَدَّمَ.
ونَاقَتَهُ : هَزَلَهَا (١).
وأَحْرَفَ الرَّجُلُ : إذا كَدَّ عَلَى عِيَالِهِ ، عن ابنِ الأَعْرَابِيِّ.
وأَحْرَفَ : إذا جَازَى علَى خَيْرٍ أو شَرٍّ ، عنه أَيضاً.
والتَّحرِيفُ : التَّغْيِيرُ والتَّبْدِيلُ ومنه قولُه تعالَى : (ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ) (٢) ، وقَوْلُه تعالَى أَيضاً : (يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ) (٣) ، وهو في القرآنِ والكَلِمَةِ : تَغْيِيرُ الحَرْفِ عَنْ مَعْنَاه ، والكَلِمَةِ عن مَعْنَاهَا ، وهي قَرِيبَةُ الشَّبَهِ كما كانَتْ اليَهُودُ تُغَيِّرُ مَعانِي التَّوْرَاةِ بالأَشْبَاهِ.
وَقَوْلُ أَبي هُرَيْرَةَ رضياللهعنه : «آمَنْتُ بمُحَرِّفِ القلوبِ» ، أي : بمِصْرِّفِهَا. أَوْ مُمِيلِهَا ومُزِيلِهَا ، وهو الله تعالَى ، وقيل : هو المُحَرِّكُ.
والتَّحْرِيفُ : قَطُّ الْقَلَمِ مُحَرَّفاً ، يُقَال : قَلَمٌ مُحَرَّفٌ : إذا عُدِلِ بأَحَدِ حَرْفَيْهِ عن الآخَرِ ، قال :
تَخَالُ أُذْنَيْهِ إِذَا تَحَرَّفَا |
|
خَافِيَةً أو قَلَماً مُحَرَّفاً |
وَقال محمدُ بنُ العَفِيفِ الشِّيرَازِيُّ ـ في صِفاتِ القَطِّ ـ : وَمنها المُحَرَّفُ ، قال : وهَيْئَتُهُ أَن تُحَرَّفَ السِّكِّينُ في حَالِ القَطِّ ، وذلِك علَى ضَرْبَيْنِ : قائمٍ ، ومُصَوَّبٍ ، فما جُعِلَ فيه ارْتِفَاعُ الشَّحْمَةِ كَارْتِفَاعِ القِشْرَةِ فهو قَائِمٌ ، وما كانَ القَشْرُ أَعْلَى مِن الشَّحْمِ فهو مُصَوَّبٌ وتُحْكِمُهُ المُشَاهَدَةُ وَالمُشَافَهَةُ ، وإذا كان السِّنُّ اليُمْنَى أَعْلَى مِن اليُسْرَى ، قيل : قَلَمٌ مُحَرَّفٌ ، وإِن تَسَاوَيا قيل : قَلَمٌ مُسْتَوٍ ، وتقدَّم للمُصَنِّفِ في «ج ل ف» قوْلُ عبدِ الحميد الكاتبِ لِسَلْمٍ : «وحَرِّفِ الْقَطَّةَ وأَيْمِنْهَا». ومَرَّ الكلامُ هناك.
واحْرَوْرَفَ : مَالَ وعَدَلَ ، كانْحَرَفَ وتَحَرَّفَ ، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ ، وقال الأَزْهَرِيُّ : وإذا مَالَ الإِنْسَانُ عن شَيْءٍ يُقَال : تَحَرَّفَ ، وانْحَرَفَ ، واحْرَوْرَفَ ، وأَنْشَدَ الجَوْهَرِيُّ للرَّاجِزِ ـ قال الأَزْهَرِيُّ والصَّاغانِيُّ : هو العَجَّاجُ يَصِف ثَوْرًا يَحْفِرُ كِناساً ـ :
وإِنْ أَصَابَ عُدَوَاءَ احْرَوْرَفَا |
|
عَنْهَا ووَلَّاهَا ظُلُوفاً ظُلَّفَا |
أي : إِن أَصابَ مَوَانِعَ ، وعُدَوَاءُ الشَّيْءِ : مَوَانِعُهُ.
وَشَاهِدُ الانْحِرافِ حديثُ أَبي أَيوبَ رضياللهعنه : «فَوَجَدْنَا مَرَاحِيضَ بَيْتٍ قِبَلَ القِبْلَةِ ، فَنَنْحَرِفُ ونَسْتَغْفِرُ الله» وَشَاهِدُ التَّحَرُّفِ قَوْلُهُ تعالَى : (إِلّا مُتَحَرِّفاً لِقِتالٍ) (٤) أي : مُسْتَطْرِداً (٥) يُرِيدُ الكَرَّةَ.
ومِن المَجَازِ : حَارَفَهُ بِسُوءٍ : أي : كَافَأَهُ ، وجَازَاهُ ، يُقَال : لا تُحَارِفْ أَخاك بسُوءٍ أي لا تُجَازِهِ بِسُوءِ صَنِيعِهِ تُقَايِسُه ، وأَحْسِنْ إذا أَساءَ ، واصْفَحْ عنه ، والذي يَظْهَرُ أنَّ المُحَارَفَةَ : المُجَازَاةُ مُطْلَقًا ، سَوَاءً بسُوءٍ أو بخيرٍ ، ويدُلُّ له هذا الحديثُ : «إنَّ الْعَبْدَ لَيُحَارَفُ عَنْ عَمِلِهِ : الْخَيْرُ أَو الشَّرِّ» ، قال ابنُ الأَعْرَابِيِّ : أي : يُجَازَى.
والمُحَارَفَةُ : الْمُقَايَسَةُ بِالْمِحْرَافِ ، أي : مُقَايَسَةُ الجُرْحِ بالمِسْبَارِ ، قال :
كَمَا زَلَّ عَنْ رَأْسِ الشَّجِيجِ الْمَحَارِفُ (٦)
والْمُحَارَفُ ، بِفَتْحِ الرَّاءِ : الْمَحْدُودُ الْمَحْرُومُ ، قال الجَوْهَرِيُّ : وهو خِلافُ قَوْلِكَ : مُبَارَكٌ ، وأَنْشَدَ للرَّاجِز :
مُحَارَفٌ بِالشَّاءِ والْأَبَاعِرِ |
|
مُبَارَكٌ بِالْقَلَعِيِّ الْبَاتِرِ |
وَقال غيرُه : المُحَارَفُ : هو الذي لا يُصِيبُ خَيْرًا مِن وَجْهٍ تَوَجَّهُ له ، وقيل : هو الذي قُتِرَ رِزْقُهُ ، وقيل : هو الذي لا يَسْعَى في الكَسْبِ ، وقيل : رجلٌ مُحَارَفٌ : مَنْقُوصُ الحَظِّ ، لا ينْمُو له مالٌ ، وقد تقدَّم ذلِكَ أَيضاً في الجِيمِ ، وهما لُغَتَان.
وقَوْلُهم في الحديثِ : «سَلَّطَ عَلَيْهِمْ مَوْتَ طَاعُون ذَفِيف (٧) يُحَرِّفُ الْقُلُوبَ» : أي : يُمِيلُهَا ويَجْعَلُهَا علَى حَرْفٍ ، أيْ : جَانِبٍ وطَرَفٍ ، وَيُرْوَى : يُحَوِّفُ ، بالواو
__________________
(١) زيادة عن القاموس ، وقد نبه لها بهامش المطبوعة المصرية.
(٢) من الآية ٧٥ من سورة البقرة.
(٣) سورة المائدة الآية ١٣.
(٤) سورة الأنفال الآية ١٦.
(٥) عن المطبوعة الكويتية وبالأصل «متطرداً».
(٦) البيت لأوس بن حجر ديوانه ص ٦٦ وصدره :
يزلّ قتودُ الرحل عن دأياتها
(٧) عن النهاية وبالأصل «دفيف» بالدال.