وقَوْلُ الفَرَزْدَقِ السابِقُ ذِكْرُهما ، وقال الرَّاجِزُ :
يَا أَيُهَا الْحَرْشَفُ ذَا الْأَكْلِ الْكُدَمْ (١)
وَبه شُبِّهَ أَيضاً كَتِيبَةُ العَسْكَرِ ، والحَرْشَفُ : الكُدْسُ ، يَمَانِيَّةٌ ، يُقَالُ : دُسْنَا الحَرْشَفَ ، قالَهُ النَّضْرُ ، ويُقال للحجارةِ التي تَنْبُتُ على شَطِّ البَحْرِ : الحَرْشَفُ.
[حرف] : الْحَرْفُ مِن كُلِّ شَيْءٍ : طَرَفُهُ وشَفِيرُهُ وحَدُّهُ ، وَمِن ذلِك حَرْفُ الْجَبَلِ ، وهو : أَعْلَاهُ الْمُحَدَّدُ ، نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ ، وقال شَمِرٌ : الحَرْفُ مِن الجَبَلِ : ما نَتَأَ في جَنْبِه منه كهَيْئَةِ الدُكَّانِ الصَّغِيرِ أو نَحوِه ، قال : والحَرْفُ أَيضاً في أَعْلَاهُ ، تَرَى له حَرْفاً دَقِيقًا مُشْفِياً (٢) على سَوَاءِ ظَهْرِهِ ، قال الفَرَّاءُ : ج حَرْفِ الجَبَلِ ، حِرَفٌ ، كعِنَبٍ : ولا نَظِيرَ له سِوَى طَلٍّ وطِلَلٍ ، قال : ولم يُسْمَعْ غَيْرُهِما ، كما في العُبَابِ ، قال شيخُنَا : أي : وإن كان الحَرْفُ غَيْرَ مُضَاعَف.
والحَرْفُ : وَاحِدُ حُرُوفِ التَّهَجِّي الثَّمَانِيَةِ والعِشْرِين ، سُمِّيَ بالحَرْفِ الذي هو في الأَصْلِ الطَّرَفُ والجانبُ ، قال الفَرّاءُ ، وابنُ السِّكِّيتِ : وحُرُوفُ المُعْجَمِ كلُّهَا مُؤَنَّثَةٌ ، وَجَوَّزُوا التَّذْكِيرَ في الأَلِفِ ، كما تقدَّم ذلك عن الكِسَائِيِّ وَاللِّحْيَانِيِّ في «أ ل ف».
والحَرْفُ : النَّاقَةُ الضَّامِرَةُ الصُّلْبَةُ ، شُبِّهتْ بحَرْفِ الجَبَلِ ، كذا في الصِّحاحِ ، وفي العُبَابِ ، تَشْبِيهاً لها بحَرْفِ السَّيْفِ ، زَادَ الزَّمَخْشَرِيُّ : في هُزَالِها ومَضَائِهَا في السَّيْرِ ، وفي اللِّسَانِ : هي النَّجِيبَةُ المَاضِيَةُ التي أَنْضَتْهَا الأَسْفَارُ ، شُبِّهَتْ بحَرْفِ السَّيْفِ في مَضَائِها ونَجَائِها وَدِقَّتِها ، أَو هي الْمَهْزُولَةُ ، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ ، عن الأَصْمَعِيِّ ، قال : ويُقالُ : أَحْرَفْتُ نَاقَتِي ، إذا هَزَلْتَهَا ، قال الجَوْهَرِيُّ : وَغَيْرُه يقولُ بالثّاءِ ، أَو هي العَظِيمَةُ ، تَشْبِيهاً لها بحَرْفِ الجَبَلِ ، هذا بعَيْنِه قَوْلُ الجَوْهَرِيُّ ، كما تقدَّم.
وَأَنْشَدَ لذِي الرُّمَّةِ :
جُمَالِيَّةٌ حَرْفٌ سِنَادٌ يَشُلُّهَا |
|
وَظِيفٌ أَزَجُّ الْخَطْوِ رَيّانُ سَهْوَقُ |
فلو كان الحَرْفُ مَهْزُولاً لم يَصِفْهَا بِأَنَّهَا جُمَالِيَّةٌ سِنَادٌ ، ولا أنَّ وَظِيفَها رَيَّانُ ، وهذا البيتُ يَنْقُضُ تفسيرَ مَن قال : نَاقَةٌ حَرْفٌ ، أي : مَهْزُولَةٌ ، فشُبِّهَتْ بحَرْفِ كتابَةٍ ، لِدِقَّتِها وَهُزَالِهَا ، وقال أَبو العباسِ في تَفْسِيرِ قولِ كَعْبِ بنِ زُهَيْرٍ :
حَرْفٌ أَخُوهَا أَبُوها مِنْ مُهَجَّنَةٍ |
|
وَعَمُّهَا خَالُهَا قَوْدَاءُ شِمْلِيلُ (٣) |
قال : يَصِفُ النَّاقَةَ بالحَرْفِ ، لأَنَّها ضَامِرٌ ، وتُشَبَّهُ بالحَرْفِ مِن حُرُوفِ المُعْجَمِ وهو الأَلِفُ ، لِدِقَّتِهَا ، وتُشَبَّه بحَرْفِ الجَبَلِ إذا وُصِفَتْ بالْعِظَمِ ، قال ابنُ الأَعْرَابِيِّ : ولا يُقَالُ : جَمَلٌ حَرْفٌ ، إِنما تُخَصُّ به النَّاقَةُ.
وَقال خالدُ بنُ زُهَيْرٍ :
مَتَى مَا تَشَأْ أَحْمِلْكَ والرَّأْسُ مَائِلٌ |
|
علَى صَعْبَةٍ حَرْفٍ وَشِيكٍ طُمُورُهَا |
كَنَى بالصَّعْبَةِ الحَرْفِ عن الدَّاهِيَةِ الشَّدِيدَةِ ، وإِن لم يكُنْ هنالك مَرْكُوبٌ.
[ومَسِيلُ الْمَاءِ ، وآرَامٌ سُودٌ بِبِلادِ سُلَيْمٍ] (٤).
والحَرْفُ عِنْدَ النُّحَاةِ ، أي في اصْطِلاحِهم : ما جاءَ لِمَعْنًى ليْسَ باسْمٍ ولا فِعْلٍ ، وما سِواهُ مِن الْحُدُودِ فَاسِدٌ ، وَمِن المُحْكَمِ : الحَرْفُ : الأَداةُ التي تُسَمَّى الرَّابِطَةَ ، لأَنَّهَا تَرْبِطُ الاسْمَ بالاسْمِ ، والفِعْلَ بالفِعْلِ ، كَعَنْ وعَلَى ، وَنحوِهما ، وفي العُبَابِ (٥) : الحَرْفُ : ما دَلَّ علَى مَعْنًى في غَيْرِه ، ومن ثَمَّ لم ينْفَكَّ عن اسْمٍ أو فِعْلٍ يَصْحَبُه ، إِلَّا في مَوَاضِعَ مَخْصُوصةٍ حُذِفَ فيها الفِعْلُ ، واقْتُصِرَ على الحرفِ ، فجَرَى مَجْرَى النَّائِبِ ، نحو قَوْلِك : نَعَمْ ، وبَلَى ، وَأيْ ، وإِنَّه ، ويَا زِيْدُ ، وقد ، في مِثْلِ قَوْلِ النَّابِغَةِ الذُّبْيَانِيِّ :
أَفِدَ التَّرَحُّلُ غَيْرَ أنَّ رِكَابَنَا |
|
لَمَّا تَزُلْ بِرِحَالِنَا وكَأَنْ قَدِ (٦) |
ورُسْتَاقُ حَرْفٍ : نَاحِيَةٌ بالْأَنْبَارِ ، وَضَبَطَهُ الصّاغَانِيُّ بضَمِّ
__________________
(١) النبات لأبي حنيفة رقم ٢٧١ وبعده :
أدلج فواقع لي عقالا والأصم |
|
وَلا تنم دونهما ولا تنم |
وَفيه : ذو الأكل الكدم ، والكدم : الشديد الأكل.
(٢) عن اللسان وبالأصل «مشفاً».
(٣) من قصيدته بانت سعاد.
(٤) زيادة استدركت عن القاموس ، ونبه عليها بهامش المطبوعة المصرية. ونص ياقوت على ضبطها بالضم ثم السكون.
(٥) ومثله في التكملة أيضاً.
(٦) ديوانه صنعة ابن السكيت ص ٣٠ برواية : برحالها. ويروى أزف ، قال أبو عبيدة أفد : دنا وقرب.