اليَمَامَةِ إلَى المَدِينَةِ ، ويُقَالُ له أَيضاً : ضِلَعُ الجَنَفَاءِ ، وأَيضاً : مَوْضِعٌ آخَرُ بَيْن فَيْدٍ وخَيْبَرَ ، وهذا لا يَمْنَعُ أَن يكونَ هناك مَاءٌ لِفَزَارَةَ ، فتَأَمَّلْ ذلك ، وقال ابنُ شِهَابٍ : كانَتْ بنو فَزَارَةَ مِمِّنْ قَدِمَ علَى أَهلِ خَيْبَرَ لِيُعِينُوهُم ، فرَاسَلَهُم رسولُ الله صلىاللهعليهوسلم ، وسَأَلَهم أَنْ يَخْرُجُوا عنهم ، ولَهُم مِن خَيْبَرَ كذا وكذا ، فأَبَوْا ، فلَمَّا فَتَح الله خَيْبَرَ ، أَتَاهُ مَنْ كانَ هُنَاك مِن بَنِي فَزَارَةَ ، فقالوا : حَظَّنَا والذي وَعَدْتَنَا ، فقَالَ لهُمْ رسولُ الله صلىاللهعليهوسلم : «حَظُّكُمْ ذُو الرُّقَيْبَةِ» : جَبَلٌ مُطِلٌّ عَلَى خَيْبَرَ ، فقالُوا : إذَنْ نُقاتِلُكُم ، فقَالَ : «مَوْعِدُكُمْ جَنْفَاءُ» (١) فلمَّا سَمِعُوا ذلِكَ خَرَجُوا هَارِبَيْن ، وقال زَبَّانُ بنُ سَيَّارٍ الفَزَارِيُّ :
رَحَلْتُ إلَيْكَ مِنْ جَنَفَاءَ حَتَّى |
|
أَنَخْتُ فِنَاءَ بَيْتِكَ بِالْمَطَالِي |
وقال ضَمْرَةُ بنُ ضَمْرَةَ :
كأَنَّهُمُ عَلَى جَنْفَاءَ خُشْبٌ |
|
مُصَرَّعَةٌ أُخَنِّعُها بفَأْسِ |
وأَجْنَفَ الرَّجُلُ : عَدَلَ عَن الْحَقِّ ، وَمالَ عَلَيه في الحُكْمِ والخُصُومَة ، وهذا قد تَقَدَّم ، فذِكْرُه ثانياً تَكْرارٌ.
وأَجْنَفَ فُلانًا : صَادَفَهُ جَنِفاً ، ككَتِفٍ ، في حُكْمِهِ.
وتَجَانَفَ عن طَرِيقِه : تَمَايَلَ ، وَتَجَانَفَ إلَى الشَّيْءِ كذلِكَ ، ومنه قوْلُه تعالَى : (غَيْرَ مُتَجانِفٍ لِإِثْمٍ) (٢) ، أي : مُتَمَايِلٍ مُتَعَمِّدٍ ، قال الأَعْشَى :
تَجَانَفُ عَنْ جَوِّ الْيَمَامَةِ نَاقَتِي |
|
ومَا عَدَلَتْ مِنْ أَهْلِهَا لِسِوَائِكَا |
* وممّا يُسْتَدْرَكُ عَليه :
الجَنَفُ ، مُحَرَّكةً : جَمْعُ جَانِفٍ ، كرَائِحٍ ورَوَحٍ ، وبه فُسِّرَ قَوْلُ أَبي العِيَالِ الهُذَلِيِّ :
هَلَّا دَرَأْتَ الْخَصْمَ حِينَ رَأَيْتَهُمْ |
|
جَنَفاً عَلَيَّ بِأَلْسُنٍ وعُيُونِ؟ (٣) |
ويجوزُ أن يكونَ علَى حَذْفِ مُضَافٍ ، كأَنَّه قال : ذَوِي جَنَفٍ ، وعَلَيه اقْتَصَرَ السُّكَّرِيُّ في شَرح الديوان. وأَجْنَفَ الرجُلُ : جاءَ بالجَنَفِ ، كما يُقَال : أَلَامَ ، أي أَتَى بما يُلامُ عَلَيه ، وأَخَسَّ أَتى بخَسِيسٍ ، نَقَلَه الجوهَرِيّ ، وبه فُسِّرَ قَوْلُ أَبِي كَبِيرٍ السَّابِقُ ذِكْرُه.
وذَكَرٌ أَجْنَفُ ، وهو كالسَّدَلِ.
وقَدَحٌ أَجْنَفُ : ضَخْمٌ ، قال عَدِيُّ بنُ الرِّقَاعِ :
ويَكِرُّ الْعَبْدَانِ بِالْمِحْلَبِ الْأَجْ |
|
نَفِ فيهَا حَتَّى يَمُجَّ السِّقَاءُ |
ويُقالُ : بَعِيرٌ جِنِفَّى العُنُقِ أي شَدِيدُه (٤) ، هكذا وجدتُ هذا الحَرْفَ في هَامِش كتاب الجَوْهَرِيِّ ، والصوابُ : خِنِفَّى ، بالخاءِ ، كما سيَأْتِي.
[جوف] : الْجَوْفُ : المُطْمَئنُّ المُتَّسِعُ من الْأَرْضِ ، الذي صار كالجَوْفِ ، وهو أَوْسَعُ من الشِّعْبِ ، تَسِيلُ فيه التِّلَاعُ والْأَدْوِيَةُ ، وله جِرَفَةٌ ، وربما كان أَوْسَعَ من الوَادي وأَقْعَرَ ، ورُبَّما كان سَهْلاً يُمْسِكُ الماءَ ، وربما كان قَاعاً مُسْتَدِيرًا فأَمْسَكَ الماءَ ، وقالَ ابنُ الْأَعْرَابِيِّ : الجَوْفُ : الوَادِي ، يُقَال : جَوْفٌ لَاخٌّ : إذا كان عَميقًا ، وجَوْفٌ جِلْوَاحٌ : وَاسِعٌ ، وجَوْفٌ زَقَبٌ : ضَيِّقٌ.
والجَوْفُ مِنْكَ : بَطْنُكَ مَعْرُوفٌ ، قال ابنُ سِيدَه : هو بَاطِنُ البَطْنِ ، والجَوْفُ أَيضا : ما انْطَبَقَتْ عَلَيه الكَتِفَانِ والعَضُدَانِ والأَضْلاعُ والصُّقْلانِ ، والجَمْعُ : الْأَجْوُفُ ، وفي الحدِيثِ : «وأَنْ (٥) لا تَنْسَوُا الجَوْفَ ومَا وَعَى» ، المُرَادُ به الحَضُّ علَى الحَلالِ مِن الرِّزْقِ ، وقال سِيبَوَيْه : الجَوْفُ : مِن الأَلْفَاظِ التي لا تُسْتَعْمَلُ ظَرْفاً إلَّا بالحُرُوفِ ، لأَنَّه صارَ مُخْتَصَّا كالْيَدِ والرِّجْلِ.
والجَوْفُ : ع بنَاحِيَةِ عُمَانَ وفي الصِّحاحِ : الجَوْفُ : اسْمُ وَادٍ بأَرْضِ عَادٍ فيهِ ماءٌ وشَجَرٌ ، حَمَاهُ رَجُلٌ اسْمُهُ حَمَارٌ ، وَكان له بَنُونَ ، فأَصَابَتْهُم صَاعِقَةٌ ، فمَاتُوا ، فكفَرَ كُفْرًا عَظِيماً ، وقَتَلَ كلَّ مَن مَرَّ به مِن النَّاسِ (٦) ، فأَقْبَلَتْ نَارٌ مِن أَسْفَلِ الجَوْفِ فَأَحْرَقَتْهُ ومَنْ فِيهِ ، وغَاضَ مَاؤُه ، فضَرَبَتِ العربُ به المَثَلَ ، فقالُوا : «أَكْفَرُ مِن
__________________
(١) ضبطت عن النهاية ، وضبطها ياقوت هنا بالتحريك.
(٢) سورة المائدة الآية ٣.
(٣) ديوان الهذليين ٢ / ٢٦٠ برواية : «جنفوا عليّ» والمثبت كرواية اللسان.
(٤) عن المطبوعة الكويتية وبالأصل «سريعه».
(٥) في التهذيب والنهاية واللسان : «لا تنسوا» بدون «وأن».
(٦) في الصحاح : من المسلمين.