والجِلْفَةُ ، بِهاءٍ : الْكِسْرَةُ مِن الْخُبْزِ الْيَابِسِ الغَلِيظِ الْقَفَارِ الذِي بلا أُدْمٍ ، والجمعُ جِلَفٌ ، بكَسْرٍ ففَتْحٍ ، وبه رُوِيَ الحَدِيث المُتَقَدِّمُ.
والجِلْفَةُ : القِطْعَةُ مِنْ كُلِّ شَيءٍ ، نَقَلَهُ الصَّاغَانِيُّ ، وَالجمعُ : جِلَفٌ.
والجِلْفَةُ مِن الْقَلَمِ : ما بَيْن مَبْرَاهُ إلَى سِنَّتِهِ ، ويُفْتَحُ في هذِه ، قال الزَّمَخْشَرِيُّ : سُمِّيَتْ بالمَرَّةِ من الجَلْفِ ومنه قَوْلُ عبدِ الحميد الكاتبِ لِسَلْمِ بنِ قُتَيْبَةَ والذي قَرَأْتُ في مِنْهَاجِ الإصَابَةِ ، لأَبِي عَلِيٍّ الزِّفْتَاوِيِّ ، الذي كتَب عَلَيهِ الحافظُ بنُ حَجَرٍ العَسْقَلَانِيُّ ، رَحِمَهما الله تعالى ، أَنه قال لِرَغْبانَ ، وقد رَآهُ يَكْتُبُ بقَلَمٍ قَصِيرِ البُرَايَةِ ، فيَجِيءُ خَطُّهُ رَدِيًّا : إِنْ كُنْتَ تُحِبُّ أَنْ تُجَوِّدَ خَطَّكَ ، وَفي مِنهَاجِ الإصَابَةِ : أَتُرِيدُ أَن يَجُودَ خَطُّكَ؟ قال : نعم ، قال : فَأطِلْ جَلْفَتَكَ أي : جَلْفَةَ قَلَمِكَ ، وأَسْمِنْهَا ، وحَرِّفْ قَطَّتَكَ ، وفي الْمِنْهَاجِ : وحَرِّفِ الْقَطَّةَ وأَيْمِنْهَا ، قال : سلْمٌ ، أو رَغْبَانُ : فَفَعَلْتُ ذلِكَ ، فَجادَ خَطِّي.
أَمَّا طُولُ الجَلْفَةِ ، فقَالَ أَبو القاسم : يكونُ مِقْدَارَ عُقْدَةِ الإبْهَامِ ، وكمَنَاقِيرِ الحَمَامِ ، وقال عليُّ بن هِلَالٍ : كلُّ قَلَمٍ تَقْصُرُ جَلْفَتُه فإنَّ الخَطَّ يَجِيءُ به أَوْقَصَ ، وتكون الجَلْفَةُ علَى أَنْحَاءٍ ، منها : أَن تُرْهِفَ جَانِبَي البَرْيَةِ ، وتُسْمِنَ وَسَطَهَا شَيْئًا ، وهذا يصلح لِلْمَبْسُوطِ والمُحَقَّقِ والمُعَلَّقِ ، ومنها : ما تُسْتَأْصَلُ شَحْمَتُه كُلُّهَا ، وهذا يصلُح للمُرْسَلِ والمَمْزُوج وَالمُفَتِّحِ ، ومنها : ما يُرْهَفُ مِنْ جَانِبِهِ الْأَيْسَرِ ، وتَبْقَى فيه بَقِيَّةٌ في الأَيْمَنِ ، وهذا يصلُح للطَّوَامِيرِ (١) وما شَابَهَها ، وَمنها : ما رُهِفَ مِن جَانِبِيْ وَسَطِه ويكونُ كأَنَّ القَطَّةَ منه أَعْرَضُ مِمَّا تَحْتَهَا ، وهذا يَصْلُح في جَمِيعِ قَلَمِ الثُّلُثِ وَفُرُوعِه.
وَأَمَّا الْقَطَّةُ ، فقَالَ محمدُ بن العَفِيفِ الشِّيرازِيُّ : هي علَى صِفاتٍ ، مِنها : المُحَرَّفُ ، والمُسْتَوِي ، والقائِم ، والمُصَوَّبُ ، وأَجْوَدُها المُحَرَّفَةُ المُعْتِدَلةُ التَّحْرِيفِ ، وأَفْسَدُها المُسْتَوِي ؛ لأَنَّ المُسْتَوِيَ أَقَلُّ تَصَرُّفاً مِن المُحَرَّفِ ، قال : وَهَيْئَةُ المُحَرَّفِ أَن تُحَرَّفَ السِّكِّينُ في حَالِ الْقَطِّ ، وإذا كانَ السِّنُّ اليُمْنَى أَعْلَى مِن اليُسْرَى ، قيل : قَلَمٌ مُحَرَّفٌ ، وإِن تَسَاوِيَا قِيل : قَلَمٌ مُسْتَوٍ ، كذا في المِنْهَاجِ ، وأَوْضَحْتُ ذلك بَيانًا في كتابِي «حِكْمَةُ الإشْرَاقِ إلَى كُتَّابِ الْآفَاقِ» ، وهو بَحْثٌ نَفِيسٌ فَرَاجِعْهُ إنْ شِئْتَ.
والجَلْفَةُ ، بِالْفَتْحِ : لُغَةٌ في الْجَرْفَةِ بالرَّاءِ ، لِسِمَةِ الْبَعِيرِ ، وَقد تقدَّم بَيانُه في الرَّاءِ.
والجُلْفَةُ ، بالضَّمِّ ما جَلَفْتَهُ مِنْ الْجِلْدِ ، أي : قَشَرْتَهُ ، وَفي اللِّسَانِ : ما جَلَفْتَ عنه.
وقال ابنُ عَبَّادٍ : الجَلَفَةُ ، بالتَّحْرِيكِ : الْمِعْزَى التي لا شَعَرَ عليها إلَّا صِغَارٌ (٢) ولا خَيْرَ فِيها.
وقال غيرُه : خُبْزٌ مَجْلُوفٌ : إذا كان أَحْرَقَهُ التَّنُّورُ فلَزِقَ به قُشُورُهُ.
وقال ابنُ الْأَعْرَابِيِّ : الجُلَافُ ، كغُرَابِ : الطِّينُ ، قال : والجُلَافَى مِن الدِّلَاءِ : الْعَظِيمَةُ الكَبِيرَةُ ، وأَنْشَدَ :
مِنْ سَابغ الْأَجْلَافِ ذِي سَجْلٍ رَوِيْ |
|
وُكِّرَ تَوْكِيرَ جُلَافيِّ الدُّلِيْ |
قال : وأَجْلَفَ الرَّجُلُ : نَحَّى الْجُلافَ عن رَأْسِ الْخُنْبُجَةِ ، كقُنْفُذَةٍ ، تقدَّم في الجيم.
وقال أَبو حَنِيفَةَ : الجَلِيفُ ، كَأَمِيرٍ : نَبْتٌ سُهْلِيُّ ، بضَمِّ السِّينِ ، مَنْسُوبٌ إلى السَّهْلِ علَى خِلافِ القياسِ ، قال : شَبِيهٌ بالزَّرْعِ ، فيه غُبْرَةٌ ، وسِنْفَتُهُ في رُؤوسِهِ كالبَلُّوطِ مَمْلُوءَةٌ حَبًّا كالأَرْزَنِ (٣) ، وهو مَسْمَنَةٌ لِلْمَالِ.
والمُجَلَّفُ ، كمُعَظَّمٍ : مَنْ ذَهَبَتِ السِّنونَ وجَلَّفَتْ بِأَمْوَالِهِ ، كالمُجَرَّفِ ، بالرَّاءِ.
وقال الجَوْهَرِيُّ : المُجَلَّفُ الذي أُخِذَ مِن جَوَانِبِهِ ، وَأَنْشَدَ لِلْفَرَزْدَقِ :
وَعَضُّ زَمَانٍ يَا ابْنَ مَرْوَانَ لَم يَدَعْ |
|
مِنَ الْمَالِ إلَّا مُسْحَتاً أو مُجَلَّفُ(٤) |
وقال أَبو الغَوْثِ : المُسْحَتُ : المُهْلَكَ ، والمُجَلَّفُ : الذي بَقِيَتْ مِنْهُ بَقِيَّةٌ ، يُرِيدُ إلَّا مُسْحَتاً أَوْ هو مُجَلَّفٌ.
__________________
(١) عن المطبوعة الكويتية وبالأصل «الطوابير».
(٢) في القاموس : «لا خير» بحذف الواو.
(٣) في التكملة : كحبّ الأرزن.
(٤) ديوانه برواية : «أو مجرّف» والمثبت كرواية اللسان والصحاح وَالتهذيب.