وضَبَطَه البُخَارِيُّ في تاريخ المدينة ، بضَمِّ الغَيْنِ المُعْجَمَةِ وَإِسْكَانِهَا انْظُر تَمَامَهُ. انتهى.
قلتُ : وكذا الإِخْشِيدُ ، فإِنَّهُ لم يَتَعَرَّض له أَيضاً ، وهو لَقَبُ محمدٍ المذكورِ ، وقد ضُبِطَ بالكَسْرِ والذَّال مُعْجَمَةٌ (١) ، وَإِليه نُسِبَ كَافُورٌ الإخْشِيدِيُّ ، مَمْدُوحُ المُتَنَبِيِّ ، أَحَدُ أُمَرَاءِ مِصْرَ ، مشُهورٌ كسَيَّدِه ، رَوَى الإِخْشِيدُ عن عَمِّه بَدْرِ بنِ جُفّ ، وأَمَّا طُغُجُّ ، فقد ضَبَطَه أَهْلُ المَعْرِفَةِ بضَمِّ الغَيْنِ وَالطّاءِ وتَشْدِيدِ الجِيمِ ، وهي كلمةٌ تُرْكِيَّةٌ.
والجُفُّ : الشَّنُّ الْبَالِي يُقْطَعُ مِن نِصْفِهِ ، كذَا نَصُّ العَيْنِ ، وفي الصِّحاحِ : مِن نِصْفِهَا فَيُجْعَلُ كالدَّلْوِ ، قال اللَّيْثُ : وربما كان الجُفُّ مِن أَصْل النَّخْلَةِ يُنْقَرُ ، وَقال أَبو عُبَيْدٍ : الجُفُّ شيءٌ يُنْقَرُ مِنْ جُذُوعِ النَّخْلِ ، وقال ابنُ الأَعْرَابِيِّ ، الجُفُّ : الوَطْبُ الخَلَقُ ، وقال القُتَيْبِيُّ : الجُفُّ قِرْبَةٌ تُقْطَعُ عندَ يَدَيْها ويُنْبَذُ فيها ، وقال ابنُ دُرَيْدٍ ، الجُفُّ نِصْفُ قِرْبَةٍ ، تُقْطَعُ مِنْ أَسْفَلِها فتُجْعَلُ دَلْواً ، قال الرَّاجِزُ :
رُبَّ عَجُوزٍ رَأْسُهَا كَالْقُفَّهْ |
|
تَحْمِلُ جُفًّا مَعَهَا هِرْشَفَّهْ |
الهِرْشَفَّةُ : خرْقَةٌ يُنَشَّفُ بها الماءُ مِن الأَرْضِ.
وَقال غيرُه : الجُفُّ : شيءٌ من جُلُودِ الإِبلِ ، كالإِنَاءِ أَو كالدَّلوِ ، يُؤْخَذُ فيه ماءُ السَّماءِ ، يَسَعُ نِصْفُ قِرْبَةٍ ، أو نحوَهُ ، والجُفُّ أَيضاً : الشَّيْخُ الْكَبِيرُ ، علَى التَّشْبِيهِ بِالشَّنِّ البَالِي ، عن الهَجَرِيّ ، كما في اللِّسَانِ ، ونَقَلَهُ الصَّاغَانِيُّ عن ابنِ عَبَّادٍ.
قال ابنُ عَبَّادٍ : والجُفُّ أَيضاً : السُّدُّ الذي تَرَاهُ بَيْنَكَ وَبين الْقِبْلَةِ.
قال وكُلُّ شيءٍ خَاوٍ ما في جَوْفِهِ شَيْءٌ كالجَوْزَةِ وَالْمَغْدَةِ : جُفٌّ.
قال : ويُقَال : هُوَ جُفُّ مَالٍ : أي مُصْلِحُهُ ، أي : عَارِفٌ برَعْيَتِهِ ، يَجْمَعُه في وَقْتِهِ علَى المَرْعَى.
وفي الصِّحاح : الجُفَّانِ : بَكْرٌ وتَمِيمٌ قال حُمَيْدُ بنُ ثَوْرٍ الْهِلالِيُّ :
مَا فَتِئَتْ مُرّاقُ أَهْلِ الْمِصْرَيْنْ |
|
سَقْطَ عُمَانَ ولُصُوصَ الْجُفَّيْنْ |
وَقال ابنُ بَرِّيٍّ والصَّاغَانِيُّ : الرَّجَزُ لحُمَيدٍ الأَرْقَطِ ، وَالرِّوَايَةُ «سَقْطَى عُمَانَ» وقال أَبو مَيْمونٍ العِجْلِيُّ :
قُدْنَا إِلَى الشَّأْمِ جِيَادَ الْمِصْرَيْنْ |
|
مِنْ قَيْسِ عَيْلَانَ وخَيْلِ الْجُفَّيْنْ |
وَفي حَدِيثِ عُمَرَ رضياللهعنه : «كيف يَصْلُحُ أَمْرُ بَلَدٍ جُلُّ أَهْلِهِ هذانِ الجُفَّانِ» وفي حديثِ عُثْمَانَ رضياللهعنه : «ما كُنْتُ لِأَدَعَ المُسْلِمِينَ بَيْنَ جُفَّيْنِ ، يَضْرِبُ بعضُهُم رِقَابَ بَعْضٍ» وفي حديثٍ آخَرَ : «الْجَفَاءُ في هذَيْنِ الْجُفَّيْنِ : رَبِيعَةَ ، ومُضَرَ» وأَصْلُ معنَى الجُفِّ : العَدَدُ الكثيرُ ، وَالجماعةُ مِن الناسِ ، كما سَبَقَ.
وجُفَافُ الطَّيْرِ ، كغُرَابٍ : ع لِأَسَدٍ : وحَنْظَلَةَ ، وَاسِعَةٌ فيها أَماكنُ كَثِيرَةُ الطَّيْرِ ، هكذا في سائِر النُّسَخِ ، وصَوَابُه ـ بعدَ قولِه مَوْضِعِ ـ : وأَرْضٌ لِأَسَدٍ ، إِلَى آخِرِه ، كما في العُبَابِ وَغَيْرِهِ ، ونَصُّهُ : جُفَافُ الطَّيْرِ : مَوْضِعٌ ، وقال السُّكَّرِي : أَرْضٌ لِأَسَدٍ وحَنْظَلَةَ ، فيها أَماكِنُ يَكُونُ فيها الطَّيْرُ ، وأَنشد السُّكَّرِيُّ لجَرِيرٍ :
فَمَا أَبْصَرَ النَّارَ التي وَضَحَتْ لَهُ |
|
وَرَاءَ جُفَافِ الطَّيْرِ إِلَّا تَمَارِيَا (٢) |
ويُقَال بالْحَاءِ المُهْمَلَةِ المَكْسُورَةِ ، قال الصَّاغَانِيّ : وَهكَذَا كانَ يَرْوِيهِ عُمَارَةُ بنُ عَقِيلِ بنِ بِلالِ بنِ جَرِيرٍ ، وَيقول : هذه أَمَاكِنُ تُسَمَّى الْأَجِفَّةَ (٣) ، فاخْتارَ منها مَكانًا ، فسَمّاهُ جُفَافًا.
قلتُ : وقرأْتُ في مُخْتَصَر المُعْجَمِ : جُفَافٌ ، بضَمِّ الجِيمِ : صُقْعٌ مِن بِلادِ بنِي أَسَدٍ ، والثَّعْلَبِيَّةُ (٤) منه ، وماءٌ أَيضاً لبَنِي جَعْفَرِ بن كِلابٍ في دِيَارِهِم.
والْجُفَافُ أَيضا : مَا جَفَّ مِن الشَّيْءِ الذِي تُجَفِّفُهُ ، تَقُولُ : اعْزِلْ جُفَافَهُ مِنْ رَطْبِهِ.
__________________
(١) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله : والذال معجمة ، كذا في النسخ التي بأيدينا ا هـ».
(٢) ديوانه ، ومعجم البلدان «جفاف الطير» وروايته فيه :
«وما أبصر الناس .. |
|
. إلى تماديا» |
(٣) في معجم البلدان : الأحفة ... فسماه جفافاً.
(٤) بالأصل «صقع من بلاد بني أسيد والتغلبية منه» والمثبت عن معجم البلدان «جفاف الطير».