وقال بَدْرُ بن عامرٍ الهُذَلِيُّ :
أَفُطَيْمُ هَلْ تَدْرِينَ كَمْ مِنْ مَتْلَفٍ |
|
حَاذَرْتُ لا مَرْعًى (١) ولا مَسْكُونِ |
قال السُّكَّرِيُّ : بَلَدٌ مَتْلَفٌ : ذُو تَلَفٍ وذُو هَلَاكٍ ، لا مَرْعًى به يُرْعَى.
وَإِنَّمَا سُمِّيَتِ المَفَازةُ مَتْلَفاً لِأَنَّهَا تُتْلِفُ سَالِكَها في الْأَكْثَرِ ، قال أَبو ذُؤَيْبٍ :
وَمَتْلَفٍ مِثْلِ فَرْقِ الرَّأْسِ تَخْلِجُهُ |
|
مَطَارِبٌ زَقَبٌ أَمْيَالُهَا فِيحُ (٢) |
وَكذلِكَ المَتْلَفَةُ ، ومنه قول طَرَفَةَ :
بمَتْلَفَةٍ لَيْسَتْ بِطَلْحٍ ولَا حَمْضٍ (٣)
أي ليستْ بمَنْبِتِ طَلْحٍ ولا حَمْضٍ.
ويُقال : ذَهَبَتْ نَفْسُهُ تَلَفاً ، وطَلَفاً ، مُحَرَّكَتَيْن ، بمعْنًى واحدٍ ، أي هَدَرًا نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ.
ورَجُلٌ مُخْلِفٌ مُتْلِفٌ ، ومِخْلَافٌ مِتْلَافٌ ، وَقد أَتْلَفَ مَالَهُ : إذا أَفْنَاهُ إِسْرَافاً ، وفي الصِّحاحِ : رَجُلٌ مِتْلَافٌ : كَثِيرُ الإِتْلَافِ لِمَالِهِ.
وأَتْلَفْنَا الْمَنَايَا ، في قَوْلِ الفَرَزْدَقِ الشاعر :
وأَضْيَافِ لَيْلٍ قد بَلَغْنَا قِرَاهُمُ
وَفي العُبَابِ : فَعَلْنَا قِرَاهُمُ :
إِلَيْهِمْ وأَتْلَفْنَا الْمَنَايَا وأَتْلَفُوا
وَفي اللِّسَانِ :
وَقَوْمٍ كِرَامٍ قد نَقَلْنَا إِلَيْهِمُ |
|
قِرَاهُمْ فَأَتْلَفْنَا الْمَنَايَا وأَتْلَفُوا |
أي : صَادَفْنَاهَا ذاتَ إِتْلَافٍ هؤُلاءِ (٤) غَزِيٌّ غَزَوْهُمْ ، يقولُ : وقَعْنا بهم فقَتَلْنَاهم ، كما تقولُ : أَتَيْنَا فُلانًا فأَبْخَلْنَاهُ وَأَجْبَنَّاهُ ، أي صَادَفْنَاهُ كذلك ، ونَصُّ ابنِ السِّكِّيتِ أي : صَادَفْنَاهَا تُتْلِفُنَا ، وصَادَفُوهَا تُتْلِفُهم ، قال : أَو صَيَّرْنَا الْمَنَايَا تَلَفاً لهم ، وصَيَّرُوهَا تَلَفاً لنا ، وَقال غيرُه : أَو وَجَدْنَاهَا تُتْلِفُنَا ، أي : ذاتَ تَلَفٍ ، أو ذاتَ إِتْلافٍ ، ووَجَدُوهَا تُتْلِفُهُمْ كذلِك.
* ومِمّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيه :
المَتْلَفَةُ : مَهْوَاةٌ مُشْرِفَةٌ عَلَى تَلَفٍ. والتَّلْفَةُ : الْهَضْبَةُ الْمَنِيعَةُ التي يَغْشَى مَن تَعاطَاهَا التَّلَفُ ، عن الهَجَرِيّ ، وَأَنْشَدَ :
أَلَا لَكُمَا فَرْخَانِ في رَأْسِ تَلْفَةٍ |
|
إِذَا رَامَهَا الرَّامِي تَطَاوَلَ نِيقُهَا |
وَرَجلٌ تَلْفَانُ ، وتَالِفٌ : أي هَالِكٌ ، مُوَلَّدَةٌ ، والمَتْلُوفُ : ضِدُّ المَعْرُوفِ ، مُوَلَّدَةٌ أَيضاً ، ومِن أَمْثَالِهِم : «السَّلَفُ تَلَفٌ» وَفي الحديثِ : «إنَّ مِنَ الْقَرَفِ التَّلَفَ» وسيأْتي في «قرف».
[تنف] : التَّنُوفَةُ ، والتَّنُوفِيَّةُ ، قال الجَوْهَرِيُّ : وهذا كما قالوا : دَوٌّ ودَوِّيَّةٌ ؛ لأَنَّها أَرْضٌ مِثْلُهَا ، فنُسِبَ إِليها : الْمُفَازَةُ ، و* القَفْرُ من الأَرْضِ ، قال المُؤَرِّجُ : التَّنُوفَةُ : الأَرْضُ الْوَاسِعَةُ الْبَعِيدَةُ (٥) ما بَيْنَ الْأَطْرَافِ ، أَو هي الْفَلَاةُ التي لَا مَاءَ بها ولا أَنِيسَ ، وإِن كَانَتْ مُعْشِبَةً ، وَهذا قولُ ابنُ شُمَيْلٍ ، وقالَ أَبو خَيْرَةَ : هي البَعِيدَة ، وفيها مُجْتَمَعُ كَلإٍ ، وَلكنْ لا يُقْدَرُ علَى رَعْيِهِ لِبُعْدِهَا ، وأَنْشَدَ الجَوْهَرِيُّ لابنِ أَحْمَرَ :
كَمْ دُونَ لَيْلَى مِن تَنُوفِيَّةٍ |
|
لَمَّاعَةٍ تُنْذَرُ فِيها النُّذُرْ |
__________________
(١) ديوان الهذليين ٢ / ٢٥٦ برواية جاوزت بدل حاذرت ونقل شارحه عن ابن دريد : لا مَرعٍ.
(٢) ديوان الهذليين ١ / ١١٠.
(٣) ديوانه ط بيروت ص ٦٦ وروايته :
فأقسمت عند النصب : إني لهالك |
|
بملتفّةٍ ليست بغبط ولا خفض |
وَعلى هذه الرواية فلا شاهد فيه ، والمثبت كرواية اللسان وفيه : قال طرفة أو غيره.
(٤) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله : هؤلاء الخ كذا في الأصل وليحرر» وَفي اللسان غزا : ورجل غازٍ من قوم غُزًّى ... وغَزِيٌّ على مثال فعيلٍ. حكاها سيبويه وقال قلبت الواو ياء لخفة الياء وثقل الجمع. قال الأزهري يقال لجمع الغازي غزيٌّ مثل ناد وندِيٍّ ، وشاهده قول زياد الأعجم ، وقيل لغيره :
قل للقوافل والغزيّ إذا غزوا |
|
وَالباكرين وللمجدّ الرائح |
(*) بالقاموس : «أو» بدل : «و».
(٥) في التهذيب واللسان : المتباعدة.