فكانت هذه الخطوة إحدى الخطوات الغيبية له ، وبها حفظ قبره وسلم من عبث العابثين.
وكان أولاده وأحفاده وشيعته يتعاهدون القبر الشريف بالزيارة والصلاة عنده سراً ، إلى عهد (هارون الرشيد) واظهار القبر.
كان اظهاره بمثابة ضوء أخضر إذ توافدت الشيعة زرافات ووحداناً لتقبيل تلك الأعتاب الطاهرة ، ونقلت جنائز محبيه لدفنها في تلك الأرض.
واتسع الأمر إلى أن صار هناك خدم ومجاورون وكلّ أصناف الناس ، واكتملت مدينة وصار لها شأن كبير.
واتسعت أكثر لمّا نزلها الشيخ الطوسي محمّد بن الحسن سنة ٤٤٨ هـ مع جمع من تلامذته ومريديه ، وأصبحت مدرسة فاقت أخواتها في الحواضر الإسلامية ، واستمر بها العمران والعلم إلى اليوم (١).
أسماؤها :
للنجف أسماء كثيرة عدّدها من كتب عنها ، إلاّ أنّ المشهور منها ثلاثة أسماء هي :
١ ـ النجف :
فعن الإمام الصادق عليهالسلام قال : إنّ النجف كان جبلا وهو الّذي قال ابن نوح : (سَآوِي إلَى جَبَل يَعْصِمُنِي مِنَ المَاءِ) (٢) ، ولم يكن على وجه الأرض جبل أعظم منه ، فأوحى الله عزّ وجلّ إليه : يا جبل أيعتصم بك منّي ، فتقطع قطعاً قطعاً إلى بلاد الشام وصار رملا دقيقاً ، وصار بعد ذلك بحراً عظيماً ، وكان يسمّى ذلك البحر بحر (ني) ،
____________________
١ ـ اُنظر مقال للمؤلّف بعنوان (قراءة ... في أدوار النجف العلمية) نشر في مجلة (ينابيع) العدد صفر سنة ١٤٢٤ هـ.
٢ ـ هود : ٤٣.