وِمَا فَعَلَتْ بِي ذاكَ حَتَّى تَرَكْتُهَا |
|
تُقَلَّب رَأْساً مِثْلَ جُمْعِي عَارِيَا |
وفي الحَدِيثِ : «رَأَيْتُ خَاتَمَ النُّبُوَّةِ كَأَنَّه جُمْعٌ» يُرِيدُ مثل جُمْعِ الكَفَّ ، وهو أَنْ تَجْمَعَ الأَصَابِعَ وتَضُمَّهَا ، وتَقُولُ : أَخَذْتُ فُلاناً بجُمْعِ ثِيَابِهِ ، وبِجُمْعِ أَرْادَفِهِ.
ج : أَجْمَاعٌ يُقَالُ : ضَرَبُوه بِأَجْمَاعِهِم ، إِذا ضَرَبُوا بِأَيْدِيهِم. وقَالَ طَرَفَةُ بنُ العَبْد :
بَطِيءٍ عَنِ الجُلَّى ، سَرِيعٍ إِلى الخَنَا |
|
ذَلُولٍ بِأَجْماعِ الرَّجَالِ مُلَهَّدِ |
وِيُقَالُ : أَمْرُهُمْ بجُمْعٍ ، أَيْ مَكْتُومٌ مَسْتُورٌ ، لَمْ يُفْشُوه ، ولَمْ يَعْلَمْ به أَحَدٌ. نَقَلَهُ الجَوْهَرِيّ. وقِيلَ : أَيْ مُجْتَمِعٌ فلا يُفَرَّقُونَهُ ، وهو مَجَازٌ.
وِيُقَال : هي من زَوْجِهَا بِجُمعٍ ، أَيْ عَذْرَاءُ لَمْ تُقْتَضَّ (١) ، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ. قَالَتْ دَهْنَاءُ بِنْتُ مِسْحَلٍ ـ امْرَأَةُ العَجّاج ـ للعَامِلِ : «أَصْلَحَ الله الأَمَيرَ ، إِنِّي مِنْهُ بِجُمْعٍ ـ أيْ عَذْرَاءُ ـ لَمْ يَقْتَضَّني». نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ. وإِذا طَلَّقَ الرَّجُلُ امْرأَتَهُ وهي عَذْرَاءُ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا قِيلَ : «طُلّقَتْ بِجُمْعٍ» ، أي طُلَّقَت ، وهي عَذْراءُ.
وِذَهَبَ الشهر بِجُمْعٍ ، أَي ذَهَبَ كُلُّهُ ، ويُكْسَر فِيهنَّ ، نَقَلَهُ الجَوْهَرِي ما عَدَا جُمْعَ الكَفَّ ، عَلَى أَنَّهُ وُجِدَ في بَعْضِ نُسَخِ الصّحاحِ. وجُمْعُ الكَفَّ ، بالضَّمّ والكَسْرِ ، لُغَتَان ، هكَذَا رَأَيْتُه فِي هامِشِ نُسْخَتِي.
وِماتَت المَرْأَةُ بجُمْعٍ ، مُثَلَّثَةً ، نَقَلَ الجَوْهَرِيُّ الضَّمَّ والكَسْرَ ، وكَذا الصّاغَانِيّ. وفي اللِّسَان : الكَسْرُ عن الكِسَائيّ ، أَي عَذْرَاءَ ، أَيْ أَنْ تَمُوتَ ولَمْ يَمَسَّهَا رَجُلٌ ، ورُوِىَ ذلِكَ في الحَدِيث : «أَيُّمَا أَمَرأَةٍ ماتَتْ بجُمْعٍ لَمْ تُطْمَثْ دَخَلَتِ الجَنَّةَ» هذَا يُريدُ به البِكْرَ أَوْ حَامِلاً أَيْ أَنْ تَمُوتَ وفي بَطْنِهَا وَلَدٌ ، كَما نَقَلَهُ الجَوهَرِيّ.
وقالَ أَبُو زَيْدٍ : ماتَتِ النَّسَاءُ بأَجْماعٍ ، والوَاحِدَةُ بجُمْعٍ ، وذلِكَ إِذا ماتَتْ ووَلَدُها في بَطْنِهَا ، ماخِضاً كانَتْ أَوْ غَيْرَ مَاخِضٍ. و* قال غَيْرُهُ : ماتَتِ المَرْأَةُ بجُمْعٍ وجِمْعٍ ، أَيْ مُثْقَلَة. وبه فُسَّرَ حَدِيثُ الشُّهَدَاءِ : «ومِنْهُمْ أَنْ تَمُوتَ المَرْأَةُ بجُمْعٍ». قالَ الراغِبُ : لِتَصَوُّرِ اجْتِمَاعِهِمَا. قال الصّاغَانِيّ : وحَقِيقَةُ الجُمْعِ والجِمْعِ أَنَّهُمَا بمَعْنَى المفعولِ كالذُّخَرِ والذَّبْحِ والمعنى أَنَّهَا ماتَتْ مع شَيْءِ مَجْمُوع فيها ، غَيْرَ مُنْفَصِلٍ عَنْهَا ، مِن حَمْلٍ أَو بَكَارَةٍ. وقالَ اللَّيْثُ : ومِنْهُ حَدِيثُ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيّ ، رضياللهعنه ، حِينَ وَجَّههُ رَسُولُ الله صلىاللهعليهوآله في سَرِيَّةٍ فقال : «إِنَّ امْرَأَتِي بجُمْعِ» قالَ :«فاخْتَرْ لَهَا مَنْ شِئتَ مِنْ نِسَائِي تَكُونُ عِنَدَهَا» ، فَاخْتَارَ عَائِشَةَ أُمَّ المُؤْمِنيِنَ ، رَضِيَ الله تَعَالَى عَنْهَا ، فَوَلَدَتْ عائشَةَ بِنْتَ أَبِي مُوسَى فِي بَيْتِهَا ، فسَمَّتْها باسْمِهَا ، فَتَزَوَّجَهَا السائبُ ابنُ مالِكٍ الأَشْعَرِيّ. ويُقَالُ : جُمْعَةٌ مِنْ تَمْرٍ ، بالضَّمَّ ، أَي قُبْضَةٌ منه .. والجُمْعَةُ أَيْضاً : المَجْمُوعَةُ ومِنْهُ حَدِيثُ عُمَرَ ، رضياللهعنه : «أَنَّهُ صَلَّى المَغْرِبَ فلَمَّا انْصَرَفَ دَرَأَ جُمْعَةً مِنْ حَصَى المَسْجِدِ ، وأَلْقَى عَلَيْهَا رِدَاءَهُ واسْتَلْقَى» أَى سَوَّاهَا بيَدِهِ وبَسَطَهَا.
وِيَوْمُ الجُمْعَةِ ، بالضَّمّ ، لُغَةُ بَنِي عُقَيْلٍ ، وبِضَمَّتَيْنِ ، وهي الفُصْحَى ، والجُمَعَة كهُمَزَةٍ لُغَةُ بَنِي تَمِيم ، وهِي قِرَاءَةُ ابْنِ الزُّبَيْرِ ، رضياللهعنهما والأَعْمَشِ ، وسَعِيدِ بنِ جُبَيْرٍ ، وابْنُ عَوْفٍ ، وابْنِ أَبِي عَبْلَةُ ، وأَبيِ البَرَهْسَمِ ، وأَبِي حَيْوَةَ. وفي اللّسَانِ : قَوْلُه تَعالَى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ) (٢) خَفَّفَها الأَعْمَشُ ، وثَقَّلَهَا عاصمٌ وأَهْلُ الحِجَاز ، والأَصل فيها التَّخْفِيفُ. فَمَنْ ثَقَّلَ أَتْبَعَ الضَّمَّةَ ، ومَنْ خَفَّفَ فعَلَى الْأَصْلِ ، والقُرَّاءُ قَرَأُوهَا بالتَّثْقِيل. والَّذِينَ قالُوا : الجُمَعَةَ ذَهَبُوا بها إِلَى صِفَةِ اليَوْمِ. أَنَّهُ يَجْمَعُ النّاسَ كَثِيراً كَمَا يُقَالُ : رَجُلٌ هُمَزَةٌ لُمَزَةٌ ضُحَكةٌ : م أَيْ مَعْرُوفٌ ، سُمَّيَ لأَنّهَا تَجْمَعُ النّاسَ ، ثُمّ أَضِيفَ إِلَيْهَا اليَوْمُ كدَارِ الآخِرَةِ. وزَعَمَ ثَعْلَبُ أَنّ أَوَّلَ مَنْ سَمَّاهُ به كَعْبُ بنُ لُؤَيّ ، وكانَ يُقَال لَهَا : العَرُوبَةَ. وذَكَر السُّهَيْلِيّ في الرَّوْضِ : أَنَّ كَعْبَ بنَ لُؤَيّ أَوّلُ مَنْ جَمَّع يَوْمَ العَرُوبَةِ ، ولَمْ تُسَمَّ العَرُوبَةُ الجُمُعَةَ إلَّا مُذْ جاءَ الإسلامُ ، وهو أَوَّلُ مَنْ سَمّاها الجُمُعَةَ ، فكانَتْ قُرَيْشٌ تَجْتَمِعُ إِلَيْهِ في هذَا اليَوْمِ ، فَيَخْطُبُهُمْ ويُذَكَّرُهُم بمَبْعَثِ سَيَّدنا رَسُولِ الله صلىاللهعليهوآله ، ويُعْلِمُهُمْ أَنَّهُ مِن وَلَدِهِ ، ويَأمُرُهُمْ باتَّبَاعِهِ صلىاللهعليهوآله والإيمانِ به ، ويُنْشِدُ فِي هذا أَبْيَاتاً منها :
__________________
(١) عنه الصحاح وبالأصل «تفتض» بالغاء ، وهما بمعنى.
(*) في القاموس : «أو» بدل : «و».
(٢) سورة الجمعة الآية ٩.