وِذُو جَرَعٍ ، مُحَرَّكةً : رَجُلٌ من أَلْهَانَ بنِ مالِك بنِ زَيْدِ بن أَوْسَلَةَ (١) أَخِي هَمْدَانَ بنِ مالِكٍ قَبِيلَتَانِ في اليَمَنِ.
وِالجَرَعَةُ ، بِهاءٍ : ع ، قُرْبَ الكُوفَةِ ، كانَتْ فِيه فِتْنَةٌ.
وِمِنْهُ حَدِيثُ حُذَيْفَةَ : جِئْتُ يَوْمَ الجَرَعَة فإِذَا رَجُلٌ جالِسٌ» : يُقَالُ : خَرَجَ فِيهِ أَهْلُ الكُوفَةِ إلَى سَعِيد بْنِ العَاصِ رضياللهعنه ، وكان قَدْ قَدِمَ والِياً عليهِمْ مِن قِبَلِ عُثْمَانَ رضياللهعنه فَرَدُّوهُ ووَلَّوْا أَبَا مُوسَى الأَشْعَرِيَّ رضياللهعنه ، وسَأَلُوا عُثْمَان ، رَضِي الله عَنْه ، فأَقَرَّه علَيْهِم.
وِالجرْعَةُ ، مُثَلَّثَةً ، من الماءِ : حَسْوَةٌ مِنْهُ ، أَوْ هو بالضَّمِّ ، والفَتْح : الاسْمُ مِن جَرِعَ الماءَ يَجْرَعُ جَرْعاً ، كسَمِعَ وَمَنَعَ ، الأَخِيرَةُ لُغَةٌ ، وأَنْكَرَهَا الأَصْمَعِيُّ ، كما في الصّحاح ، أَيْ بَلِعَهُ.
وِالجُرْعَةُ ، بالضَّمِّ : ما اجْتَرَعْتَ وفي اللّسَانِ : قِيلَ :الجَرْعَةُ ، بالفَتْحِ ، المَرَّةُ الوَاحِدَةُ. وبالضَّمّ : ما اجْتَرَعْتَهُ ، الأَخِيرَةُ للمُهْلَةِ ، على ما أَراهُ سِيبَوَيْه في هذا النَّحْو ، والجُرْعَةُ : مِلْءُ سِيبَوَيْه في هذا النَّحْو ، والجُرْعَةُ : مِلْءُ الفَمِ يَبْتَلِعُهُ. وجَمْعُ الجُرْعَةِ جُرَعٌ. وفي حَدِيثِ المِقْدَادِ : «ما به حَاجَةٌ إلى هذِه الجُرْعَةِ» قالَ ابنُ الأَثِيرِ : تُرْوَى بالفَتْحِ والضَّمِّ ، فالفَتْحُ : المَرَّةُ الوَاحِدَةُ منه ، والضَّمُّ : الاسْمُ مِن الشُّرْبِ اليَسِيرِ ، وهو أَشْبَهُ بالحَدِيثِ ، ويُرْوَى بالزَّايِ ، كَمَا سَيَأْتِي.
وِبِتَصْغِيرِهَا جَاءَ المَثَلُ «أَفْلَتَ فُلانٌ جُرَيْعَةَ الذَّقَنِ» مِن غَيْرِ حَرْفٍ ، «أَوْ بجُرَيْعَةِ الذَّقَنِ ، أَوْ بِجُرَيْعَائِهَا» قال الصّاغَانِيّ : أَفْلَتَ هُنَا لازِمٌ ، ونَصَبَ جُرَيْعَةَ عَلَى الحَالِ ، كَأَنَّهُ قالَ : أَفْلَتَ قاذفاً جُرَيْعَةَ الذَّقَنِ ، وهي كِنَايَةٌ عَمّا بَقِيَ مِن رُوحِه ، أَيْ نَفْسُهُ صَارَتْ في فِيه ، وقَريباً مِنْهُ ، قُرْبَ الجُرْعَةِ مِن الذَّقَنِ. وفي اللِّسَان : أَي وقُرْبُ المَوْتِ مِنْهُ كقُرْبِ الجُرَيْعَةِ من الذَّقَنِ. واقْتَصَرَ الجَوْهَرِيُّ علَى الرِّوَايَةِ الثّانِيَةِ ، وقالَ : إذا أَشْرف علَى التَّلَفِ ثُمَّ نَجَا. قال الفَرّاءُ :هو آخِرُ ما يَخْرُجُ مِنَ النَّفْسِ ، انْتَهَى. زادَ في اللِّسَانِ :يُرِيدُونَ أَنَّ نَفْسَهُ صارَت في فِيهِ ، فَكَادَ يَهْلِكُ ، فَأَفْلَتَ وتَخَلَّصَ. وفي رِوَايَةِ أَبِي زَيْدٍ : أَفْلَتَنِي جُرَيْعَةَ الَّذَّقَنِ. قال الصّاغَانِيّ : وأَفْلَتَ ـ علَى هذِهِ الرِّوَايَةِ ـ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُتَعَدِّياً ، ومَعْنَاهُ : خَلَّصَنِي ونَجّانِي ، ويَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لازِماً ، ومَعْنَاه تَخَلَّصَ ونَجَا مِنِّي ، وأَرادَ بأَفْلَتَنِي أَفْلَتَ مِنّي ، فحَذَفَ وَوَصَلَ الفِعْلَ ، كقَوْلِ امْرِىءِ القَيْسِ :
وِأَفْلَتَهُنَّ عِلْبَاءٌ جَرِيضاً |
|
وِلَوْ أَدْرَكْنَهُ صَفِرَ الوِطابُ |
أَرادَ أَفْلَتَ مِنَ الخَيْل. وجَرِيضاً حالٌ من عِلْبَاء. وتَصْغِيرُ جُرَيْعَة [تَصْغِيرُ] تَحْقِير وتَقْلِيل ، وأَضافَها إلَى الذَّقَنِ لأَنَّ حَرَكَةَ الذَّقَنِ تَدُلُّ عَلَى قُرْبِ زُهُوقِ الرُّوحِ ، والتَّقْدِيرُ أَفْلَتَنِي مُشْرِفاً عَلَى الهَلَاكِ ، ويَجُوزُ أَنْ يَكُونَ جُرَيْعَة بَدَلاً مِنَ الضَّمِيرِ في أَفْلَتَنِي ، أَيْ أَفْلَتَ جُرَيْعَة ذَقَنِي ، أَي باقِي رُوحِي ، وتَكُونُ الأَلِفُ والّلّامُ في الذَّقَنِ بَدَلاً مِن الإضَافَةِ ، كقَوْلِه تَعَالَى : (وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى) (٢) ، أَيْ عَنْ هَوَاهَا ، ومَنْ رَوَى : بجُرَيْعَةِ الذَّقَنِ فمَعْنَاهُ خَلّصَنِي مَعَ جُرَيْعَةِ الذَّقَنِ ، كَما يُقَالُ : اشْتَرَى الدّارَ بآلاتِهَا ، أَيْ مَعَ آلَاتِهَا ، وقَدْ تَقَدَّمَ شَيْءُ من ذلِكَ في «ج ر ض» وفي «ف ل ت».
وِناقَةٌ مُجْرِعٌ ، كمُحْسِنٍ : لَيْس فِيهَا ما يُرْوِي ، وإنَّمَا فِيهَا جُرَعٌ ، ج : مَجارِيعُ ، نَقَلَهُ ابْنُ عَبّادٍ ، وأَنْشَد :
وِلا مَجارِيعَ غَدَاةَ الخِمْسِ
وقال الجَوْهَرِيّ : نُوقٌ مَجَارِيعُ : قَلِيلاتُ اللَّبَنِ ، كأَنَّهُ لَيْسَ فِي ضُرُوعِهَا إلَّا جُرَعٌ ، فلَمْ يَذْكُرِ المُفْرَدَ ، وزادَ في اللِّسَانِ : ونُوقٌ مَجَارِعُ كذلِكَ.
وِاجْتَرَعَهُ : بَلَعَهُ ، كجَرَعَهُ ، وقِيلَ : جَرَعَهُ بمَرَّةٍ ، نَقَلَهُ الصّاغَانِيّ.
وِقالَ ابنُ عَبَّادٍ : اجْتَرَع العُودَ ، أَي اكْتَسَرَهُ (٣) ، لُغَةٌ في اجْتَزَعَهُ.
وِمِنَ المَجَازِ : جَرَّعَهُ الغُصَصَ ، أَيْ غُصَصَ الغَيْظِ ، كما في الصّحاح ، تَجْرِيعاً فَتَجَرّع هو ، أَي كَظَمَ.
* وممّا يُسْتَدْركُ عَلَيْه :
التَّجَرُّعُ : مُتَابَعَةُ الجَرْع مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى كالمُتَكَارِهِ ، قالَ الله عَزَّ وجَلَّ (يَتَجَرَّعُهُ وَلا يَكادُ يُسِيغُهُ) (٤) وقَالَ ابنُ الأَثِيرِ :
__________________
(١) وهو أوسلة بن ربيعة بن الخيار بن مالك زيد بن كهلان بن سبأ انظر جمهرة ابن حزم ص ٣٩٢.
(٢) سورة النازعات الآية ٤٠.
(٣) في التكملة : كسره.
(٤) سورة ابراهيم الآية ١٧.