وِنَحْنُ حَبَسْنَا الدُّهْمَ وَسْطَ بُيُوتِكمْ |
|
فلَمْ يَقْرَبُوها والرِّمَاحُ تَزَعْزَعُ |
وِنَحْنُ ضَرَبْنا فارِسَ الخَيْرِ مِنْكُمُ |
|
فَظَلَّ وأَضْحَى ذُو الفَقَارِ ـ يُكَرَّعُ |
وِمِن المَجَازِ : جَادَع مُجَادَعَةً وجِدَاعاً ، إِذا شاتَمَ ب «جَدْعاً لكَ» ، وشارَّ ، كأَنَّ كُلَّ واحِدٍ مِنْهُمَا جَدَعَ أَنْفَ صاحِبِه. وقِيلَ : جادَعَ : خَاصَمَ. قال النابِغَةُ الذُّبْيَانِيّ :
أَقارِعُ عَوْفٍ ـ لا أُحَاوِلُ غَيْرَهَا ـ |
|
وُجُوهُ قُرُودٍ تَبْتَغِي مَنْ تُجَادِعُ |
ويُرْوَى «وُجُوه كِلَابٍ» (١).
كتَجَادَعُ. يقَال : تَرَكْتُ البلَادَ تَجَادَعُ أَفَاعِيهَا ، أَيْ يَأْكُلُ بَعْضُهَا بَعْضاً ، كما في الصّحاح. وحُكِيَ عن ثَعْلَبٍ : عامٌ تَجَدَّعُ أَفاعِيهِ وتَجَادَعُ ، أَيْ يَأْكُلُ بَعْضُهَا بَعْضاً لشِدَّتِهِ ، وكَذلِكَ : تَرَكْتُ البِلادَ تَجَدَّعُ وتجَادَعُ أَفاعِيهَا ، قالَ : ولَيْسَ هُنَاكَ أَكْلٌ ، ولكِنْ يُرِيدُ تَقَطَّعُ.
* وممّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْه :
الجَدْعُ : ما انْقَطَعَ من مَقَادِيمِ الأَنْفِ إِلَى أَقْصَاهُ ، رَوَاهُ أَبو نصْرٍ عن الأَصْمَعِيّ ، سُمِّيَ بالمَصْدَرِ. ونَاقَةٌ جَدْعاءُ :قُطِعَ سُدُسُ أُذُنِهَا أَوْ رُبعُهَا ، أَوْ ما زادَ عَلَى ذلِكَ إِلَى النِّصْفِ. والجَدْعاءُ مِن المَعْزِ : المَقْطُوعُ ثُلُثُ أُذُنِها فصَاعِداً ، وعَمَّ به ابنُ الأَنْبَارِيّ جَمِيعَ الشّاءِ المُجَدَّعِ الأُذُنِ.
وقَوْلُ الشّاعِرِ :
تَرَاهُ كَأَنَّ الله يَجْدَعُ أَنْفَهُ |
|
وِعَيْنَيْهِ إِنْ مَوْلاهُ ثابَ لَهُ وَفْرُ |
أَرادَ : ويَفْقَأُ عَيْنَيْهِ ، كما قالَ آخَرُ :
يا لَيْتَ بَعْلَكِ قَدْ غَدَا |
|
مُتَقَلِّداً سَيْفاً ورُمْحَا |
واسْتَعَارَ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ الجَدْعَ والعِرْنِينَ للدَّهْرِ ، فَقَالَ :
وِأَصْبَحَ الدَّهْرُ ذُو العِرْنِينِ قد جُدِعَا
ويُقَالُ : اجْدَعْهُمْ بالأَمْرِ حَتَّى يَذِلُّوا ، حَكَاهُ ابنُ الأَعْرَابِيّ ولَمْ يُفَسِّرْه. قالَ ابنُ سِيدَه : وعِنْدِي أَنَّهُ عَلَى المَثَلِ ، أَيْ اجْدَعْ أُنُوفَهُم.
وقالَ أَبُو حَنِيفَةَ : المُجَدَّعُ من النّباتِ : ما قُطِعَ من أَعْلاهُ ونَوَاحِيهِ ، أَو أُكِلَ.
وِجَدِعَ الفَصِيلُ ، كفَرِحَ : ساءَ غِدَاؤُه ، أَوْ رُكِبَ صَغِيراً فوَهَنَ.
وِجَدَعَ عِيَالَهُ جَدْعاً : إِذا حَبَسَ عَنْهُم الخَيْرَ.
ويُقَالُ : جَدَّعهُ وشَرَّاهُ ، إِذا لَقّاه شَرّاً وسُخْرِيَةً ، كمَنْ يَجْدَعُ أُذُنَ عَبْدِه ويَبِعُه. وهو مَجَازٌ.
وفي المَثَلِ «أَنفُكَ مِنْكَ وإِنْ كانَ أَجْدَعَ» يُضْرَبُ لِمَنْ يَلْزَمُكَ خَيْرُهُ وشَرُّهُ ، وإِنْ كانَ لَيْسَ بمُسْتَحْكِمِ القُرْبِ. وأَوّلُ مَنْ قالَ ذلِكَ قُنْفُذُ بنُ جَعْوَنَةَ المازِنيُّ للرَّبِيعِ بنِ كَعْبٍ المازِنِيّ ، ولَهُ قِصَّةٌ ذَكَرَها الصّاغَانِيُّ في العُبَابِ (٢).
وِأَجْدَعْتُ أَنْفَه : لُغَةٌ في جَدَعْتُ.
وكانَ رَجُلٌ مِن صَعالِيكِ العَرَبِ يُسَمَّى مُجَدِّعاً ، كمُحَدِّثٍ ، لِأَنَّهُ كانَ إِذا أَخَذَ أَسِيراً جَدَعَهُ.
والحَكَمُ ورَافِعُ ابْنا عَمْرِو بنِ المُجَدَّع ، كمُعَظَّمِ :صَحَابِيّانِ رَضَيِ الله عَنْهُمَا ، كَذَا نَقَلَهُ الصّاغَانِيّ في العُبَابِ. قُلْتُ : ويُقَالُ لَهُمَا الغِفَارِيّانِ ، وإِنَّمَا هُمَا من بَنِي ثَعْلَبَة (٣) أَخِي غِفَارٍ ، نَزَلَ الحَكَمُ البَصْرَةَ ، واسْتَعْمَلَهُ زِيَادٌ عَلَى خُرَاسَانَ ، فَغَزَا وغَنِمَ ، وكَانَ صالِحاً فاضلاً ، وأَمّا أَخُوهُ رَافِعٌ فذَكَرَهُ ابنُ فَهْدٍ في المُعْجَمِ (٤) ، فقالَ : رافِعُ بنُ عَمْرِو بنِ مُجدَّع الكِنَانيّ الضَّمْريّ أَخُو الحَكَم بن عَمْرو الغِفَارِيِّ ، ولَيْسَ غِفَارِيّاً وإِنَّمَا هُمَا من ثَعْلَبَةَ (٥) أَخِي غِفَار ، نَزَلَ البَصْرَة ، وله حَدِيثَانِ ، رَوَى عَنْهُ عَبْدُ الله بنُ الصَّلْتِ ، هكَذَا قالَ في اسْمِ جَدِّه مُخَدَّع (٦) ، بالخَاءِ المُعْجَمَة والجِيمِ ، فانْظُرْ ذلِكَ.
__________________
(١) وهي رواية الديوان.
(٢) وردت قصته في الفاخر للمفضل ص ١٤٩ ومجمع الأمثال للميداني مثل رقم ٤٠٠٧ وقد نقلها محقق المطبوعة الكويتية بحواشي ص ٤٢٠ ج ٢٠.
(٣) في اسد الغابة وجمهرة ابن حزم ص ١٨٦ : نُعَيلة.
(٤) بالأصل : «مذكره ابن فهد في فهد في المعجم» والمناسب ما أثبتناه.
(٥) انظر ما تقدم ، نُعيلة.
(٦) في أسد الغابة : مخدج وقيل مجدع ، وفيه في ترجمة أخيه الحكم :مجدع.