وِالإنتقاعِ* ، وقَدْ نَقَعَ ، وأَنْقَع ، وانْتَقَعَ : إِذا نَحَرَ ، وفي كَلامِ العَرَبِ ـ إِذا لَقِيَ الرَّجُلُ مِنْهُم قَوْماً ـ يَقُولُ : مِيلُوا يُنْقَعْ لَكُم ، أَي : يُجْزَرْ لَكُمْ ، كأَنَّهُ يَدْعُوهُم إِلى دَعْوَتِه.
وِقالَ ابنُ دُرَيْدٍ : النَّقْعُ : صَوْتُ النَّعَامَةِ.
قال : والنَّقْعُ أَيْضاً : أَنْ تَجْمَعَ الرِّيقَ فِي فَمِكَ.
وِقَالَ ابنُ الأَعْرَابيِّ : النَّقْعُ ، الماءُ النّاقِعُ : هو المُسْتَنْقِعُ ، ومِنْهُ الحَدِيثُ : «اتَّقُوا المَلاعِنَ الثّلاثَ ، فذَكَرهُنّ : يَقْعُدُ أَحَدُكُمْ فِي ظِلٍّ يُسْتَظَلُّ بهِ ، أَو فِي طَريقٍ ، أَو نَقْعِ ماءٍ» وهو مَحْبِسُ الماءِ ، وقِيلَ : مُجْتَمَعُه ج : أَنْقَعٌ كأَفْلِسٍ.
وِفي المَثَلِ : إِنَّهُ لشَرّابٌ بِأَنْقُعٍ وَوَرَدَ أَيْضاً في حَدِيثِ الحَجّاجِ : «إِنَّكُمْ يا أَهْلَ العِرَاقِ شَرّابُونَ عَلَيَّ بأَنْقُعِ» قالَ ابنُ الأَثِيرِ : يُضْرَبُ لِمَنْ جَرَّبَ الأُمُورَ ومَارَسَها ، زَادَ ابنُ سِيدَه : حَتَّى عَرَفَهَا (١) ، وقَالَ الأَصْمَعِيُّ : يُضْرَبُ للمُعَاوِدِ لِلأُمُورِ الّتي تُكْرَهُ ، يَأْتِيهَا حَتّى يَبْلُغَ أَقْصَى مُرَادِه ، أَو يُضْرَبُ للدّاهِي المُنْكَرِ ، قالَ ابنُ بَرِّيّ : وحَكَى أَبُو عُبَيْد ، أَنَّ هذَا المَثَلَ لابْنِ جُرَيْجٍ ، قالَهُ في مَعْمَرِ بنِ راشِدٍ ، وكانَ ابنُ جُرَيْجٍ مِنْ أَفْصَحِ النّاسِ ، يَقُول : إِنَّهُ ، أَي مَعْمَراً ، أَراهُ في الحَدِيثِ مَاهِرًا رَكِبَ في طَلَبِه كُلَّ حَزْنٍ ، وكَتَبَ من كُلِّ وَجْهٍ ، لأَنَّ الدَّلِيلَ إِذا عَرَفَ الفَلَواتِ أَي المِيَاهَ الَّتِي فِيهَا ، وَوَرَدَهَا وشَرِبَ مِنْهَا حَذَقَ سُلُوكَ الطُّرُقِ الَّتِي تُؤَدِّي (٢) إِلَى الأَنْقُع قَالَ الأَزْهَرِيُّ : وهو جَمْعُ نَقْعٍ ، وهُوَ كُلُّ ماءٍ مُسْتَنْقِعٍ مِنْ عدٍّ أَوْ غَدِيرٍ يَسْتَنْقِعُ فِيه الماءُ ، وفِي الأَساسِ والعُبَابِ : وأَصْلُهُ الطّائِرُ الَّذِي لا يَرِدُ المَشَارِعَ ؛ لأَنَّهُ يَفْزَعُ من القَنّاصِ ، فيَعْمِدُ إِلى مُسْتَنْقَعَاتِ المِيَاهِ في الفَلَواتِ (٣).
وِالنَّقْعُ : الغُبَارُ السّاطِعُ المُرْتَفِعُ ، قالَ اللهُ تَعَالَى : (فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً) (٤) وأَنْشَدَ اللَّيْثُ للشُّوَيْعِرِ :
فهُنَّ بِهِم ضَوامِرُ فِي عَجَاجٍ |
|
يُثِرْنَ النَّقْعَ أَمْثَالَ السَّراحِي (٥) |
ج : نِقَاعٌ ، ونُقُوعٌ كحَبْلٍ وحِبالٍ ، وبَدْرٍ وبُدُورٍ ، قالَ القُطامِيُّ يَصِفُ مَهَاةً سُبِعَ وَلَدُهَا :
فساقَتْهُ قَلِيلاً ثُمَّ وَلَّتْ |
|
لَها لَهَبٌ تُثِيرُ بهِ النِّقاعَا |
وقالَ المَرّارُ بنُ سَعِيدٍ :
فَما فاجَأْنَهُمْ إِلّا قَرِيباً |
|
يُثِرْنَ ، وقد غَشِينَهُمُ ، النُّقُوعَا |
وقِيلَ ـ
في قَوْلِ عُمَرَ ، رَضِيَ اللهُ عنه السابق ـ : «ما لَمْ يَكُنْ نَقْعٌ ولا لَقْلَقَةٌ» ـ هو وَضْعُ التُّرَابِ عَلَى الرَّأْسِ ، ذَهَبَ إِلى النَّقْعِ. وهُوَ الغُبَارُ ، قالَ ابْنُ الأَثِيرِ : «وهذا أَوْلَى ؛ لأَنَّه قَرَنَ بهِ اللَّقْلَقَةَ ، وهِيَ الصَّوْتُ ، فحَمْلُ اللَّفْظَتَيْنِ على مَعْنَيَيْنِ أَوْلَى مِنْ حَمْلِهما عَلَى مَعْنًى واحِدٍ.
وِالنَّقْعُ : ع ، قُرْبَ مَكَّةَ ، حَرَسَهَا اللهُ تَعَالَى ، في جَنَبَاتِ الطّائِفِ ، قالَ العَرْجِيُّ :
لِحَيْنِي والبَلاءِ لَقِيتُ ظُهْرًا |
|
بأَعْلَى النَّقْعِ أُخْتَ بَنِي تَمِيمِ |
وِالنَّقْعُ : الأَرْضُ الحُرَّةُ الطِّينِ ، لَيْسَ فِيها ارْتِفَاعٌ ولا انْهِبَاطٌ ، ومِنْهُم مَنْ خَصَّصَ فقالَ : الَّتِي يَسْتَنْقِعُ فِيها الماءُ ، وقِيلَ : هُوَ ما ارْتَفَعَ مِنَ الأَرْضِ ، ج : نِقَاعٌ وأَنْقُعٌ كجِبَالٍ ، وأَجْبُلٍ هكَذَا في سائِرِ الأُصُولِ ، والأَوْلَى كبِحَارٍ وأَبْحُرٍ ، كَما فِي الصِّحاحِ ، والعُبَابِ ، واللِّسَانِ ؛ لأَنَّ واحِدَ الجِبالِ بالتَّحْرِيكِ ، قلا يُطَابِقُ ما هُنَا ، فَتَأَمَّلْ.
وِقِيلَ : النَّقْعُ مِنَ الأَرْضِ : القاعُ ، كالنَّقْعاءِ فِيهِما أَي في مَعْنَيِ القاعِ يُمْسِكُ الماءَ ، وفي الأَرْضِ الحُرَّةِ الطِّينِ ، المُسْتَوِيَةِ لَيْسَتْ فِيها حُزُونَةٌ ، ج : نِقاعٌ كجِبالٍ ، هكَذا بالجيمِ ، ولو كانَ بالحاءِ يَكُونُ جَمْعَ حَبْلٍ بالفَتْحِ ، وهُوَ أَحْسَنُ ، قالَ مُزَاحِمٌ العُقَيْلِيُّ في النِّقَاعِ ، بمَعْنَى قِيعانِ الأَرْضِ :
__________________
(*) ساقطة من الكويتية.
(١) اللسان : حتى عرفها وخبرها.
(٢) التهذيب : التي تؤديه إلى المحاضر والأمواه.
(٣) عبارة الأساس : للمجرب شبّه بالطائر الذي يرد مناقع الفلوات ولا يرد المياه المعروفة خيفة القُنّاص.
(٤) سورة العاديات الآية ٤.
(٥) بالأصل : «فهن بهم ضوام في عجاج ... أمثال السراج» والمثبت عن المطبوعة الكويتية.