أَشْبَهْتَ أُمَّكَ يا جَرِيرُ وإِنَّهَا |
|
نَزَعَتْكَ والأُمُّ اللَّئِيمَةُ تَنْزعُ |
أَي : اجْتَرَّتْ شَبَهَكَ إِلَيْهَا.
وِنَزَعَ فِي القَوْسِ يَنْزِعُ نَزْعاً : مَدَّها ، كما فِي الصِّحاحِ أَي : بالوَتَرِ ، وقِيلَ : جَذَبَ الوَتَرَ بالسَّهْمِ ، وفِي الحَدِيثِ :«لَنْ تَخُورَ قُوًى ما دامَ صاحِبُهَا يَنْزِعُ ويَنْزُو» أَي : يَجْذِبُ قَوْسَه ، ويَثِبُ عَلَى فَرَسِه.
وِنَزَعَ الَّدْلْوَ مِنَ الْبِئْرِ يَنْزِعُهَا نَزْعاً ، ونَزَعَ بِهَا ، كِلاهُما :جَذَبَها بغَيْرِ قامَةٍ وأَخْرَجَهَا ، أَنْشَدَ ثَعْلَبٌ :
قَدْ أَنْزِعُ الدَّلْوَ تَقَطَّى بالمَرَسْ |
|
تُوزِعُ مِنْ مَلْءٍ كإِيْزاغِ الفَرَسْ (١) |
تَقَطِّيهَا : خُرُوجُها قَلِيلاً قَلِيلاً بغَيْرِ قامَةٍ ، وأَصْلُ النَّزْعِ :الجَذْبُ والقَلْعُ ، وفِي الحَدِيث : «رأَيْتُنِي أَنْزعُ عَلَى قَلِيبٍ» أَي : رَأَيْتُنِي فِي المَنَامِ اسْتَقِي بِيَدِي ، يُقَال : نَزَعَ بالدَّلْوِ :إِذا اسْتَقَى بِها وقَدْ عُلِّقَ فِيهَا الرِّشاءُ.
وِنَزَعَ الفَرَسُ سَنَناً : إِذا جَرَى طَلَقاً ، قالَ النّابِغَةُ الذُّبْيَانِيُّ :
وِالخَيْلَ تَنْزِعُ غَرْباً فِي أَعِنَّتِهَا |
|
كالطَّيْرِ تَنْجُو مِن الشُّؤْبُوبِ ذِي البَرَدِ (٢) |
وِمِنَ المَجَازِ : هُوَ فِي النَّزْعِ ، أَي : قَلْعِ الحَيَاةِ وقد نَزَع المُحْتَضَرُ يَنْزِعُ نَزْعاً ، ونَازَعَ نِزَاعاً : جادَ بنَفْسِهِ ، ويُقَالُ أَيْضاً : هُوَ في النَّزَعِ ، مُحَرَّكَةً (٣) للاسْمِ ، كَذا وُجِدَ لَهُ في هَامِشِ الصِّحاحِ.
وِمِنَ المَجَازِ : بَعِيرٌ نازِعٌ ، ونَاقَةٌ نازِعٌ : حَنَّتْ إِلَى أَوْطَانِها ومَرْعَاهَا ، قالَهُ الجَوْهَرِيُّ ، وأَنْشَدَ لجَمِيلٍ :
وِقُلْتُ لَهُمْ : لا تَعْذُلُونِيَ وانْظُرُوا |
|
إِلَى النّازِعِ المَقْصُورِ كَيْفَ يَكُونُ |
قُلْتُ : والَّذِي أَنْشَدَهُ ابنُ فارِسٍ فِي المُجْمَلِ :
يَقُولُونَ ما بَلَّاكَ والمالُ غامِرٌ |
|
عَلَيْكَ وضاحِي الجِلْدِ مِنْكَ كَنِينُ |
فقُلْتُ لَهُمْ : لا تَسْأَلُونِيَ وانْظُرُوا |
|
إِلى النّازِعِ المَقْصُورِ كَيْفَ يَكُونُ |
قال الصّاغَانِيُّ : والرِّوايَةُ الصَّحِيحَةُ :
إِلَى الطُّرَّفِ (٤) الوُلّاهِ كَيْفَ تَكُونُ
وِفي المَثَلِ : «صارَ الأَمْرُ إِلى النَّزَعَةِ» مُحَرَّكَةً ، أَيْ :
قَامَ بإِصْلاحِهِ أَهْلُ الأَنَاةِ ، وهُوَ جَمْعُ نَازِعٍ ، كما فِي الصِّحاحِ ، وهُمُ الرُّماةُ ويُرْوَى : عادَ السَّهْمُ إِلَى النَّزَعَةِ ، أَي : رَجَعَ الحَقُّ إِلَى أَهْلِه ، كَمَا في العُبَابِ واللِّسَان ، زادَ الأَخِيرُ : وقَامَ بإِصْلاحِ الأَمْرِ أَهْلُ الأَناةِ.
قلتُ : فإِذنْ مآلُهُمَا واحِدٌ ، وزادَ الزَّمَخْشَرِيُّ : هُوَ كقَوْلِه :«أَعْطِ القَوْسَ بارِيَها» وزَادَ في العُبَابِ : ويُرْوَى : عادَ الأَمْرُ إِلَى الوَزَعَةِ ، جَمْع وازِعٍ ، يَعْنِي أَهْلَ الحِلْمِ ، الَّذِينَ يَكُفُّونَ أَهْلَ الجَهْلِ.
قلتُ : الَّذِي فِي التَّهْذِيبِ للأَزْهَرِيِّ : «عادَ الرَّمْيُ عَلَى النَّزَعَةِ ، يُضْرَبُ مَثَلاً للَّذِي يَحِيقُ بهِ مَكْرُه ، والعَجَبُ مِنَ المُصَنِّفِ كَيْفَ تَرَكَه! وكأَنَّهُ قَلَّدَ الصّاغَانِيَّ فِيما يُورِدُه مُقْتَصِرًا عَلَيْهِ ، وهو غَرِيبٌ.
وِقولُه تَعالى : (وَالنّازِعاتِ) غَرْقاً (وَالنّاشِطاتِ نَشْطاً) (٥) قالَ ابنُ دُرَيْدٍ : لا أُقْدِمُ عَلَى تَفْسيرِه ، إِلّا أَنَّ أَبا عُبَيْدَةَ ذَكَرَ أَنَهَا : النُّجُومُ تَنْزِعُ مِنْ مَكَانٍ إِلى مَكَانٍ ، وتَنْشِطُ ، أَي :تَطْلُعُ.
أَو النّازِعَاتُ : القِسِيُّ ، والنّاشِطَاتُ : الأَوْهَاقُ ، وقال الفَرّاءُ : تَنْزِعُ الأَنْفُسَ مِنَ صُدُورِ الكُفّارِ ، كَمَا يُغْرِقُ النّازِعُ فِي القَوْسِ : إِذا جَذَبَ الوَتَر.
وِمِنَ المَجَازِ : النَّزِيعُ ، كأَمِيرٍ : الغَرِيبُ ، كالنّازِعِ ، ج : نُزّاعٌ كَرُمّانِ ، قالَ الصّاغَانِيُّ : وأَصْلُهُما في الإِبِلِ ، وفِي الحَدِيثِ : «طُوبَى للغُرَباءِ ، قِيلَ : مَنْ هُمْ يا رَسُولَ اللهِ؟ قالَ : النُّزّاعُ مِنَ القَبَائِلِ» وهُوَ الَّذِي نَزَعَ عن أَهْلِهِ وعَشِيرَتهِ ، أَيْ : بَعُدَ وغابَ ، وقِيلَ : لأَنَّهُ يَنْزِعُ إِلَى وَطَنِه ، أَي : يَنْجَذِبُ
__________________
(١) اللسان وفيه توزع بالغين المعجمة.
(٢) ديوانه ص ١٨ صنعة ابن السكيت ، وفي شرحه : ويروى : تمزع مزعاً» ويروى : تنزع رهواً وقبًّا وقبلا. والشؤبوب : السحابة العظيمة القطر. وقال بعضهم : الشؤبوب لا يكون إلّا وفيه برد.
(٣) ضبطت بالقلم في الأساس بسكون الزاي.
(٤) عن المطبوعة الكويتية وبالأصل «الطرق الولاة».
(٥) سورة النازعات الآيتان ١ و ٢.