مساقِطَ الغَيْثِ ، يَرْعَوْنَ الكَلأَ والعُشْبَ إِذا أَعْشَبَتِ البِلادُ ، ويَشْرَبُونَ الكَرَعَ ، وهُوَ ماءُ السَّمَاءِ ، فلا يَزالُون فِي النُّجَعِ إِلَى أَنْ يَهِيجَ العُشْبُ مِنْ عامٍ قابِلٍ ، وتَنِشَّ الغُدْرَانُ ، فيَرْجِعُونَ إِلى مَحاضِرِهِم عَلَى أَعْدَادِ المِياهِ.
وقالَ اللَّيْثُ : بَلَغَنَا أَنَّ مُعَاوِيَةَ ـ رضياللهعنه ـ قالَ لرَجُلٍ كانَ يَأْكُلُ مَعَه عَلَى مائِدَتِه ، فغاظَهُ كَثْرَةُ أَكْلِه ـ :«إِنَّكَ لَبَعِيدُ النُّجْعَةِ» ، أَي : بَعِيدُ الطَّلَبِ للشِّبَعِ ، فقالَ : لَعَنَ اللهُ طَعَاماً يُؤْذَى عَلَيْهِ أَهْلُه ، وكانَ تَنَاوَلَ دَجَاجَةً مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
وِشُجَاعٌ نُجاعٌ بضمِّ النُّونِ : إِتْبَاعٌ لَهُ ، ولا يُفْرَدُ.
وِالنَّجِيعُ ، كأَمِيرٍ : خَبَطٌ يُضْرَبُ بالدَّقِيقِ والماءِ (١) ثُمَّ يُوجَرُ الإِبِلَ أَي : تُسْقاهُ ، وقَدْ نَجَعْتُها إِيّاه ، وبهِ ، ومِنْهُ حَدِيثُ عَلِيٍّ : «وهُوَ يَنْجَعُ بَكَرَاتٍ لَهُ دَقِيقاً وخَبَطاً» أَي : يَعْلِفُها.
وِالنَّجِيعُ مِنَ الدَّمِ : ما كانَ إِلى السَّوَادِ ، أَو هُوَ الدَّمُ مُطْلَقاً ، وقالَ يَعْقُوبُ : هُوَ الدَّمُ المَصْبُوبُ ، وبه فُسِّرَ قَوْلُ طَرَفَةَ :
عالَيْنَ رَقْماً فاخِرًا لَوْنُه |
|
مِنْ عَبْقَرِيٍّ كنَجِيعِ الذِّبِيحْ |
أَو : دَمُ الجَوْفِ خاصَّةً ، نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ عَن الأَصْمَعِيِّ ، وقِيلَ : هُوَ الطَّرِيُّ مِنْهُ ، قالَ الشّاعِرُ :
وِتُخْضَبُ لِحْيَةٌ غَدَرَتْ وخانَتْ |
|
بأَحْمَرَ مِنْ نَجِيعِ الجَوْفِ آنِ |
ويُقَال : طَعْنَةٌ تَمُجُّ النَّجِيعَ ، أَي : دَمَ الجَوْفِ ، وقالَ المَرّارُ بنُ سَعِيدٍ :
تَنَفَّسَ طَعْنَةٌ نَجْلاءُ مِنْه |
|
وِيَقْلِسُ جانِباهُ دَماً نَجِيعَا |
وِقالَ أَبُو عَمْرٍو : أَنْجَعَ الرَّجُلُ : إِذا أَفْلَحَ.
وِقالَ غَيْرُه : أَنْجَعَ الفَصِيلَ : أَرْضَعَهُ كما فِي التَّكْمِلَة.
وِانْتَجَعَ : طَلَبَ الكَلأَ فِي مَوْضِعِه قالَ سُوَيْدٌ اليَشْكُرِيُّ :
هَلْ سُوَيْدٌ غَيْرُ لَيْثٍ خادِرٍ |
|
ثَئِدَتْ أَرْضٌ عَلَيْهِ فانْتَجَعْ؟ |
وقالَ ابنُ الرِّقاعِ :
وِلَيْسَ يَأْكُلُ مِمّا أَنْبَتَتْ أَحَدٌ |
|
وِلَوْ تَقَلَّبَ فِي الآفاقِ وانْتَجَعَا |
وقالَ أَبُو لَيْلَى : تَنَاوَلَ رَجُلٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْ مُعَاوِيَةَ من مُخَّة كانَ يَأْكُلُهَا ، فقالَ : «مَنْ أَجْدَبَ فقد انْتَجَعَ» (٢).
وِمن المَجَازِ : انْتَجَع فُلاناً : إِذا أَتاهُ طالِباً مَعْرُوفَه ، قالَ ذُو الرُّمَةِ يَمْدَحُ بِلالَ بنَ أَبِي بُرْدَةَ :
سَمِعْتُ (٣) النّاسَ يَنْتَجِعُونَ غَيْثاً |
|
فقُلْتُ لِصَيْدَحَ انْتَجِعِي بِلالا |
كتَنَجَّعَ فِيهِمَا ، أَي فِي طَلَبِ الكَلَإِ والمَعْرُوفِ ، وفِي حَدِيثِ بُدَيْلِ بنِ وَرْقَاءَ لَيْلَةَ فَتْحِ مَكَّةَ : «هذِه هَوازِنُ تَنَجَّعَتْ أَرْضَنَا».
وِالمُنْتَجَعُ بفتحِ الجيمِ : المَنْزِلُ فِي طَلَبِ الكَلَإِ كما في الصِّحاحِ ، والمَحْضَرُ : المَرْجِعُ إِلى المِيَاهِ.
* وممّا يُسْتَدْرَكُ عليهِ :
نَجِعَ ، كفَرِحَ يَنْجَعُ ، في مَعْنَى انْتَجَعَ ، نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ عَنْ يَعْقُوبَ.
وهؤلاءِ قَوْمٌ ناجِعَةٌ ، ونَواجِعُ ، وقَدْ نَجَعُوا الأَرْضَ ، مِنْ حَدِّ مَنَع.
وِالمَنْجَعُ : المُنْتَجَعُ ، والجَمْعُ المَنَاجِعُ ، قالَ ابنُ أَحْمَرَ :
كانَتْ مَنَاجعَها الدَّهْنَا وجانِبُهَا |
|
وِالقُفُّ مِمّا تَرَاهُ فِرْقَةً دَرَرَا |
وكذلِكَ : نَجَعَتِ الإِبِلُ والغَنَم المَرْتَعَ ، كانْتَجَعَتْهُ.
واسْتَعْمَلَ عَبِيدٌ الانْتِجَاعَ فِي الحَرْبِ ، لأَنَّهُم إِنَّمَا يَذْهَبُونَ فِي ذلِكَ إِلَى الإِغَارَةِ والنَّهْبِ ، فقالَ :
فانْتَجَعْنَ الحارِثَ الأَعْرَجَ فِي |
|
جَحْفَلٍ كاللَّيْلِ خَطّارِ العَوَالِي |
ويُقَالُ : هُوَ نُجْعَتِي ، أَيْ : أَمَلِي ، عَلَى المَثَلِ.
وِنَجَعَ فيهِ الدّواءُ ، وأَنْجَعَ ، ونَجَّعَ : نَفَعَ ، يَنْجَعُ ويَنْجِعُ.
__________________
(١) على هامش القاموس عن نسخة أخرى : «وبالماء» ومثلها في اللسان.
(٢) في الأساس : من أجدب جنابه انتجع.
(٣) في الأساس : رأيت.