يُفْهَمُ ذلِكَ مِنْ فَحْوَى الكَلامِ ؛ لأَنَّه قَدْ أَحاطَ العِلْمُ بأَنّ السَّفِينَةَ مَتَى رُفِعَ قِلْعُها فإِنّها سائِرَةٌ ، فهذا شَيءٌ حَصَلَ من جِهَةِ المَعْنَى ، لا مِنْ جِهَةِ أَنَّ اللَّفْظَ يَقْتَضِي ذلِكَ ، وكَذلِكَ إِذا قُلْتَ : أَقْلَعَ أَصْحابُ السُّفُنِ ، وأَنْتَ تُرِيدُ أَنَّهُم سارُوا مِنْ مَوْضِعٍ إِلى آخَرَ ، وإِنَّمَا الأَصْلُ فِيهِ : أَقْلَعُوا سُفُنَهُمْ ، أَيْ رَفَعُوا قِلاعَهَا ، وقَدْ عُلِم أَنَّهُم مَتَى رَفَعُوا قِلاعَ سُفُنِهِم فإِنَّهُم سائِرُونَ ، وإِلّا فلَيْسَ يُوجَدُ في اللُّغَةِ أَنَّهُ يُقَالُ : أَقْلَعَ الرَّجُلُ :إِذا سارَ ، وإِنَّما يُقَالُ : أَقْلَعَ عَنِ الشَّيْءِ : إِذا كَفَّ عَنْه ، ويُقَالُ : أَقْلَعْتُ السَّفِينَةَ : إِذا رَفَعْتَ قِلْعَها عِنْدَ المَسِيرِ ، ولا يُقَالُ : أَقْلَعَتِ السَّفِينَةُ ؛ لأَنَّ الفِعْلَ لَيْسَ لَها ، وإِنَّمَا هُو لِصَاحِبِها.
وِقالَ ابنُ عَبّادِ : أَقْلَعَ فُلانٌ : إِذا بَنَى قَلْعَةً ، وفي اللِّسَانِ :أَقْلَعُوا بِهذِهِ البِلادِ إِقْلاعاً : بَنَوْها فَجَعَلُوهَا كالقَلْعَةِ.
وِقالَ أَبو سَعِيدٍ : غَرَضُ المُقَالَعَةِ : هو أَوَّلُ الأَغْرَاضِ الَّتِي تُرْمَى ، وهُوَ الَّذِي يَقْرُبُ من الأَرْضِ فَلا يَحْتَاجُ الرّامِي إِلَى أَنْ يَمُدَّ بهِ اليَدَ مَدّاً شَدِيداً ، ثُمَّ غَرَضُ الفُقْرَةِ ، وقد ذُكِرَ في مَوْضِعِه.
وِقالَ سِيبَوَيْهٌ : اقْتَلَعَه : اسْتَلَبَهُ.
* وممّا يُسْتَدْرَكَ عَلَيْهِ :
رُمِيَ فُلانٌ بقُلاعَةٍ ، كثُمامَةٍ : أَي بحُجَّةٍ تُسْكِتُهُ ، وهُوَ مَجَازٌ.
وِالمَقْلُوعُ : البَعِيرُ السّاقِطُ مَيِّتاً.
وِالمَقْلُوعُ : المُنْتَزَعُ.
وِانْقَلَع المالُ إِلَى مالِكِه : وَصَلَ إِلَيْهِ من يَدِ المُسْتَعِيرِ.
وشَيْخٌ قَلِعٌ ، ككَتِفٍ : يَتَقَلَّعُ إِذا قامَ ، وأَنْشَدَ ابنُ الأَعْرَابِيِّ :
إِنِّي لأَرْجُو مُحْرِزاً أَنْ يَنْفَعَا |
|
إِيّايَ لما صِرْتُ شَيْخاً قَلِعَا |
وَتَقَلَّعَ في مَشْيِه : مَشَى كَأَنَّهُ يَنْحَدِرُ ، وفي الحَدِيثِ ، في صِفَتِه صلىاللهعليهوآلهوسلم : «أَنَّه كانَ إِذا مَشَى تَقَلَّعَ» قَالَ الأَزْهَرِيُّ : هو كقَوْلِهِ : كَأَنَّمَا يَنْحَطُّ في صَبَبٍ ، وقالَ ابنُ الأَثِيرِ (١) : أَرادَ أَنَّه كان يَسْتَعْمِلُ التَّثَبّتَ ، ولا يَبِينُ (٢) منهُ في هذه الحالِ اسْتِعْجَالٌ ومُبَادَرَةٌ شَدِيدَةٌ ، ويُرْوَى في حَدِيثِ هِنْدِ بنِ أَبِي هالَةَ ـ الَّذِي ذُكِرَ ـ : «إِذا زالَ زالَ قَلْعاً» بالفَتْحِ ، هُوَ مَصْدَرٌ بمَعْنَى الفَاعِلِ ، أَي يَزُولُ قالِعاً لرِجْلِه من الأَرْضِ.
وِأَقْلَعَ الشَّيْءُ : انْجَلَى.
وِالمُقْلَعُ ، كمُكْرَمٍ : مَنْ لَمْ تُصِبْهُ السَّحَابَةُ ، وبه فَسَّرَ السُّكَّرِيُّ قَوْلَ خالِدِ بنِ زُهَيْرٍ :
فأَقْصِرْ ولَمْ تَأْخُذْكَ مِنّي سَحَابَةٌ |
|
يُنَفِّرُ شاء المُقْلَعِينَ خَواتُها |
وِالقُلُوعُ ، بالضَّمِّ : اسمٌ من القُلاع (٣) ، ومنه قَوْلُ الشّاعِرِ :
كأَنَّ نَطاةَ خَيْبَرَ زَوَّدَتْهُ |
|
بَكُورَ الوِرْدِ رَيِّثَةَ القُلُوعِ(٤) |
وِانْقَلَعَ البَعِيرُ ، كانْخَرَعَ.
وِالقَوْلَعُ ، كجَوْهَرٍ : كِنْفُ الرّاعي.
وِالقَوْلَعُ : طائِرٌ أَحْمَرُ الرِّجْلَيْنِ ، كأَنّ رِيشَه شَيْبٌ مَصْبُوغٌ ، ومِنْهَا ما يَكُونُ أَسْوَدَ الرَّأْسِ وسائِرُ خَلْقِه أَغْبَر ، وهُوَ يُوَطْوِطُ ، حَكَاها كُراعٌ في «باب فَوْعَلٍ».
ويُقَالُ : تَرَكْتُه عَلَى مِثْلِ مَقْلَعِ الصَّمْغَةِ : إِذا لَمْ يَبْقَ له شَيْءٌ إِلَّا ذَهَبَ ، وقولُهُم : لأَقْلَعَنَّكَ قَلْعَ الصَّمْغَةِ ، أَي :لأَسْتَأْصِلَنَّكَ.
وقَلَّاعٌ ، كشَدَّادٍ : اسمُ رَجُلٍ ، عن ابنِ الأَعْرَابِيِّ ، وأَنْشَدَ :
لَبِئْسَ ما مارَسْتَ يا قَلّاعُ |
|
جِئْتَ بهِ فِي صَدْرِه اخْتِضاعُ |
والْمِقْلاعُ ، كمِحْرَابٍ : الَّذِي يُرْمَى بهِ الحَجَرُ.
ويُقَال : اسْتَعْمَلَ عليهِم فُلاناً ، فقَلَعَهُم ظُلْماً وإِجْحَافاً ، وهُوَ مَجَازٌ.
وِقَلْعَةُ أَلَمُوت ، بالشّامِ ، وهي قَلْعَةُ أَبِي الحَسَنِ الَّتِي ذَكَرَهَا المُصَنِّفُ ، وقد تَقَدَّمَ.
__________________
(١) هذا من قول ابن الأنباري كما نقله الهروي عنه ، ونقله أيضاً ابن الأثير في النهاية.
(٢) في غريب الهروي : ولا يتبيّن.
(٣) الأصل واللسان ، وفي التهذيب : من الإقلاع.
(٤) البيت للشماخ ، في ديوانه ص ٥٧.