و «لَجَّ» جِنَاسٌ ، ومنه قَوْلُ الشّاعِرِ :
أَخْلِقْ بِذِي الصَّبْرِ أَنْ يَحْظَى بحَاجَتِهِ |
|
وِمُدْمِنِ القَرْعِ للأَبْوَابِ أَن يَلِجَا (١) |
وِقَرَعَ رَأْسَهُ بالعَصَا : ضَرَبَه كفَرَعَه ، بالفَاءِ.
وِقَرَعَ الشّارِبُ جَبْهَتَهُ بالإِناءِ : إِذا اشْتَفَّ ما فِيهِ يعنِي أَنَّهُ شَرِبَ جَمِيعَ ما فِيهِ ، وهو مَجَازٌ ، وفي حَدِيثِ عُمَرَ ـ رضِيَ الله عَنْه ـ أَنَّهُ «أَخَذَ قَدَحَ سَوِيقٍ ، فشَرِبَهُ حَتَّى قَرَعَ القَدَحُ جَبِينَهُ» أَي : ضَرَبَه ، يَعْنِي شَرِبَ جَمِيعَ ما فِيهِ ، وقَالَ الشّاعِرُ :
كَأَنَّ الشُّهْبَ في الآذَانِ مِنْهَا |
|
إِذا قَرَعُوا بحَافَتِهَا الجَبِينَا |
وِقَرَعَ الفَحْلُ النَّاقَةَ يَقْرَعُها قَرْعاً وقِرَاعاً ، بالكَسْر ، وكذلِكَ قَرَعَ الثَّوْرُ البَقَرَةَ يَقْرَعُهَا قَرْعاً وقِرَاعاً ، بالكَسْرِ ، أَي ضَرَبَا. والقِرَاعُ : ضِرَابُ الفَحْلِ. نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ.
وِمن المَجَازِ : قَرَعَ فُلانٌ سِنَّهُ ، إِذا حَرَقَه نَدَماً ، وأَنْشَدَ أَبُو نَصْرٍ :
وِلَوْ أَنِّي أَطَعْتُكَ في أُمُورٍ |
|
قَرَعْتُ نَدَامَةً من ذاكَ سِنِّي (٢) |
قُلْتُ : الشِّعْرُ للنَّابِغَةِ الذُّبْيَانِيِّ ، ويُرْوَى : «أُطِيعُك» ويُنْشَدُ لِعُمَرَ بنِ الخَطَّابِ ـ رضِيَ الله عَنْه ـ :
مَتَى أَلْقَ زِنبَاعَ بنَ رَوْحٍ ببَلْدَةٍ |
|
لِيَ النِّصْفُ مِنْهَا يَقْرَعِ السِّنَّ مِنْ نَدَمْ |
لأَنَّه عَشَرَ ذَهَبَةً كان أَلْقَمَهَا شَارِفاً له ، وكان زِنْباعٌ يَنْزِلُ بمَشَارِفِ الشّامِ في الجَاهِلِيَّةِ ، ويَعْشُرُ من مَرَّ به ، ويُقال :إِنَّهُ دَخَلَ عَليْهِ في خِلافَتِه ، وقد كبِرَ وضَعُفَ ، ومَعَهُ ابنُه رَوْحٌ ، فَمَارَهُمَا.
وقال تَأَبَّط شَرًّا :
لَتَقْرَعَنَّ عَلَيَّ السِّنَّ من نَدَمٍ |
|
إِذا تَذَكَّرْتَ يَوْماً بَعْضَ أَخْلاقِي |
وِالمُقَارَعَةُ : المُسَاهَمَةُ ، ويُقَالُ : قارَعُوه فَ قَرَعَهُمْ ، كنَصَرَ : غَلبَهُمْ بالقُرْعَةِ أَي أَصابَتْهُ القُرْعَةُ دُونَهُم.
وِقالَ الحارِثُ بنُ وَعْلَةَ الذُّهْلِيُّ :
وِزَعَمْتُمُوا أَنْ لا حُلَومَ لَنَا |
|
إِنَّ العَصَاقُرِعَتْ لِذِي الحِلْمِ |
أَيْ إِنَّ الحَلِيمَ إِذا نُبِّهَ انْتَبَه ، كما في الصّحاح. قلتُ :وهو قولُ الأَصْمَعِيِّ ، وقال ثَعْلَبٌ : المَعْنَى إِنَّكُمْ زَعَمْتُم أَنَّا قد أَخْطَأْنَا ، فقد أَخْطَأَ العُلَمَاءُ قَبْلَنَا.
وِاخْتَلَفُوا في أَوَّل مَن قُرِعَتْ له العَصَا فقَالَ ابنُ الأَعْرَابِيِّ : هو عامِرُ بنُ الظَّرِبِ بنِ عَمْرِو بنِ عِيَاذِ ابن يَشْكُرَ بنِ عَدْوَانَ بنِ عَمْرِو بنِ قَيْسِ عَيْلَانَ ، أَو قيْسُ بنُ خالدِ بن ذِي الجَدَّيْنِ ، هكَذَا تقولُ رَبِيعَةُ ، أَو عَمْرُو بنُ حُمَمَةَ الدَّوْسِيُّ ، هكَذَا تَقُولُ تَمِيم ، أَو عَمْرُو بنُ مَالِكٍ.
وفي الصّحاحِ : وأَصْلُه أَنَّ حَكَماً من حُكّامِ العَرَبِ عاشَ حَتَّى أُهْتِرَ ، فقَالَ لابْنَتِه : إِذا أَنْكَرْتِ من فَهْمِي شَيْئاً عندَ الحُكْمِ فاقْرَعِيِ ليَ المِجَنَّ بالعَصَا لأَرْتَدِعَ ، قالَ صاحِبُ اللِّسَانِ : هذَا الحَكَمُ هو عَمْرُو بنُ حُمَمَةَ الدَّوْسِيُّ ، قَضَى بين العَرَب ثلاثَمائةِ سَنَة ، فلَمَّا كبِرَ أَلْزمُوه السابِعَ مِنَ وَلَدِه يَقْرَعُ العَصَا إِذا غَلِطَ في حُكُومَتِه.
وقالَ الصّاغَانِيُّ : كان حُكّامُ العَرَبِ من تَمِيم في الجَاهِلِيَّةِ : أَكْثَمَ بنَ صَيْفِيّ ، وحاجِبَ بنَ زُرَارَةَ ، والأَقْرَعَ بنَ حابِسٍ ـ رضِيَ الله عنه ـ ورَبِيعَةَ بنَ مُخَاشِنٍ ، وضَمْرَةَ بنَ ضَمْرَةَ. وحُكَّامُ قَيْس : عَامرَ بنَ الظَّرِبِ ، وغيْلَانَ بن سَلَمَة الثَّقَفِيَّ ؛ وحُكَّامُ قُرَيْشٍ : عَبْدَ المُطَّلِبِ وأَبَا طالِبٍ والعَاصَ بنَ وَائِلٍ ، وكانَتْ لا تَعْدِلُ بفَهْمِ عامِرِ ابنِ الظَّرِب فَهْماً ، ولا بحُكْمِه حُكْماً ، يُقَال : لَمَّا طَعَنَ عامرٌ في السِّنِّ ، أَوْ بَلَغَ ثَلاثَمائةِ سَنَةٍ ، أَنْكَرَ من عَقْلِهِ شيْئاً ، فقالَ لِبَنِيه : إِنَّه كبِرَتْ سِنِّي ، وعَرَضَ لي سَهْوٌ ، ف إِذا رَأَيْتُمونِي خَرَجْتُ مِنْ كلامِي ، وأَخَذْتُ في غَيْرِه ، فاقْرَعُوا ليَ المِجَنَّ بالعَصَا ، وقِيلَ : كانَتْ له ابنَةٌ يُقَالُ لها : خُصَيْلَةُ ، فَقَالَ لهَا : إِذَا أَنا خُولِطْتُ فاقْرَعِي ليَ العَصَا ، فأُتِيَ عامرٌ بخُنْثَى ليَحْكُمَ فيهِ ، فلم يَدْرِ ما الحُكْمُ ، فجَعَلَ يَنْحَرُ لهم ، ويُطْعِمُهم ، ويُدَافِعُهم بالقَضَاءِ ، فقالَت خُصَيْلَةُ : ما شَأْنُك؟ قد أَتْلَفْتَ مَالَكَ ، فخَبَّرَها أَنَّه لا يَدْرِي ما حُكْمُ الخُنْثَى؟ فقَالَتْ : أَتْبِعْهُ
__________________
(١) نسبه بحواشي المطبوعة الكويتية الى محمد بن بشير ، وينسب الى محمد بن حازم أيضاً.
(٢) البيت للنابغة الذبياني ، في ديوانه ص ٢٠٠ برواية.
وِلو أني أطيعك في أمور |
|
عضضت أناملي وقرعت سني |