وِأَضْرَعَتْ الشّاةُ : نَزَلَ لَبَنُهَا قُبَيْلَ النِّتَاجِ. وأَضْرَعَتِ النّاقَةُ ، وهي مُضْرِعٌ : نَزَلَ لَبَنُهَا من ضَرْعِهَا. قُرْبَ النِّتَاجِ.
زادَ الرّاغِبُ : وذلِكَ مِثْل أَتْمَرَ وأَلْبَنَ ، إِذا كَثُرَ لَبَنُه وتَمْرُه.
وفي الأَسَاسِ : أَضْرَعَت النّاقَةُ والبَقَرَةُ : أَشْرَقَ (١) ضَرْعُها قَبْلَ النِّتَاجِ.
وِفي المَثَلِ : «الحُمَّى أَضْرَعَتْنِي لَكَ» كما في الصّحاحَ والأَسَاسِ ، ويُرْوَى : للنَّوْمِ (٢) كما في العباب يُضْرَبُ في الذُّلِّ عندَ الحَاجَةِ.
قالَ المُفَضَّلُ : أَوَّلُ مَنْ قالَ ذلِكَ رَجُلٌ من كَلْبٍ يُقَالُ له : مُرَيْرٌ (٣) ، كان لِصًّاً مُغِيراً ، وكانَ يُقَالُ له : الذِّئْبُ ، اخْتَطَفَت الجِنُّ أَخَوَيْهِ : مُرَارَةَ ومُرَّةَ ، فأَقْسَمَ لا يَشْرَبُ الخَمْرَ ، ولا يَمَسُّ رَأْسَهُ غِسْلٌ حَتّى يَطْلُبَ بأخوَيْهِ (٤) ، فَتَنَكَّبَ قَوْسَه ، وأَخَذَ أَسْهُماً ، ثُمَّ انْطَلَقَ إِلى ذلِكَ الجَبَل الَّذِي هَلَكَ فيه أَخوَاهُ ، فمَكَثَ فيه سَبْعَةَ أَيّامٍ لا يرَى شَيْئاً ، حَتّى إِذا كانَ في اليوْم الثّامِنِ إِذا هوَ بظَلِيمٍ ، فرَمَاهُ فأَصَابَه حَتَّى وَقَع فِي أَسْفَلِ الجَبَلِ ، فلمّا وَجبَتِ الشَّمْسُ بَصُرَ بشَخْصٍ قائِمٍ عَلَى صَخْرَةٍ يُنَادِي :
يا أَيُّهَا الرّامِي الظَلِيمَ الأَسوَدِ |
|
تَبَّتْ مرَامِيكَ الَّتِي لَمْ تُرْشَدِ |
فأَجابه مُرَيْرٌ :
يا أَيُّهَا الهاتِفُ فوْقَ الصَّخْرَهْ |
|
كَمْ عَبْرَةٍ (٥) هيَّجْتها وعَبرَهْ |
بقَتْلِكُم مُرَارَةً ومُرَّهْ |
|
فرَّقْتَ جَمْعاً وَترَكْتَ حَسْرَهْ |
فتوَارَى الجِنِّيُّ عنه هَوِيًّا من اللَّيْلِ ، وأَصَابَتْ مُرَيْراً حُمَّى ، فغَلبَتْه عيْنُه ، فأَتَاهُ الجِنِّيُّ ، فاحْتَمَلَهُ ، وقالَ له : ما أَنامَك وقد كُنْتَ حَذِراً؟ فقالَ : «الحُمَّى أَضْرَعَتْنِي للنَّوْمِ».
فذَهَبَتْ مَثَلاً.
وِقالَ ابنُ عَبّادٍ : التَّضْرِيع : التَّقرُّبُ في رَوَغَانٍ ، كالتَّضَرُّعِ ، وقد ضَرَّعَ ، وتَضَرَع. قال وضَرَّعَ الرُّبَّ تَضْرِيعاً : طبَخَه [أَي] (٦) العَصِيرَ فَلَم يُتِمَّ طَبْخَهُ.
وِفي الصِّحاح : ضَرَّعَتِ القِدْرُ : حانَ أَن تُدرِكَ.
وِيُقَال : تَضَرَّعَ إِلى الله تَعَالَى أَي ابْتهَلَ وتَذَلَّلَ وقيل : أَظهَرَ الضَّرَاعَةَ ، وهي شِدَّةُ الفَقرِ ، والحَاجَة إِلى الله عَزَّ وجلَّ. ومنه قَوْلُه تعالَى : (تَدْعُونَهُ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً) (٧) أَي مُظْهِرِينَ الضَّراعَةَ ، وحَقِيقَتُه الخُشُوعُ ، وانْتِصَابُهما على الحالِ وإِن كانا مَصْدَرَيْنِ ، وقولُه تَعَالَى : (فَلَوْ لا إِذْ جاءَهُمْ بَأْسُنا تَضَرَّعُوا) (٨) ، أَي تَذَلَّلُوا وخَضَعُوا. وقِيْلَ : التَّضَرُّع : المبَالَغَةُ في السُّؤالِ والرَّغْبَةِ ، ومنه حَدِيثُ الاسْتِسقاءِ : «خَرَجَ مُتبَذِّلاً مُتَضَرِّعاً» أَو تَضَرَّعَ ، وتَعَرَّضَ وتَأَرَّضَ ، وتَأَتَّى ، وتَصَدَّى ، بمَعْنًى : إِذا جاءَ بَطَلَب الحاجَةِ إِلَيْكَ.
نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ عن الفَرّاءِ.
وِمن المَجَازِ : تَضَرَّعَ الظِّلُّ ، إِذا قَلَصَ ، والصّادُ لُغَةٌ فيه.
وِضَارَعَه مُضَارَعَةً : شابَهَهُ ، كأَنَّهُ مِثْلُه أَو شِبْهُه ، وتَقُولُ : بَيْنَهُما مُرَاضَعَةُ الكَاس ، ومُضَارَعَةُ الأَجْنَاس ، وهو من الضَّرْع ، كما فِي الأَساس.
قالَ الرّاغِبُ : والمُضَارَعَةُ : أَصْلُهَا التَّشارُكُ (٩) نحو المُرَاضَعَةِ ، وهو التَّشارُكُ في الرَّضاعَةِ ، ثُمَّ جَرّدَهُ للمُشَارَكَةَ.
وِتُضَارعُ ، بضَمِّ المُثَنّاةِ فَوْقُ والرّاءِ ، أَي بضَمِّهِمَا.
وقِيلَ : بضَمِّها ، أَي المُثَنّاة وكَسْرِ الرّاءِ ، وقِيلَ : بفَتْحِها ، أَي المُثَنَّاة وضَمِّ الرّاءِ ، فهي ثَلاثَةُ أَقْوَالٍ ، الأَخِيرُ عن المُوعَبِ على صِيغَةِ المَفْعُولِ ، تَأْلِيف الإِمام اللُّغَوِيِّ ، أَبِي غالِبٍ المُرْسِيِّ الشَّهِيرِ بابْنِ التَّيّانِيِّ شارِحِ الفَصِيحِ وغَيْرِه ، وعَلَى الأُولَى اقْتَصَرَ الجَوْهَرِيّ ، قالَ ابنُ بَرِّيّ : صَوَابُه تُضَارِعُ ، بكسر الرّاءِ ، قال : وكذا هُوَ في بَيْتٍ أَبِي ذُؤَيْبٍ ، فأَمَّا بضَمِّ التّاءِ والرّاءِ فهو غَلَطٌ ؛ لأَنَّه ليسَ في الكَلامِ تُفَاعُلُ ولا فُعالُل ، قالَ ابْنُ جِنِّي : يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ تُضَارِعُ فُعَالِلاً بمَنْزِلَةِ عُذَافِر ، ولا نَحْكُمُ على التّاءِ بالزِّيَادَة إِلا بدَلِيلِ.
قلتُ : قولُ ابنِ بَرِّيّ : صَوَابُه إِلى آخِرِه ، يَحْتَمِلُ أَنْ يَكونُ
__________________
(١) عن الأساس وبالأصل «أشرف».
(٢) في الأساس «إليك» وفي مجمع الميداني برقم ١٠٩٠ «لك» وفي الفاخر للمفضل برقم ٣٤٣ للنوم.
(٣) الأصل ومجمع الميداني ، وفي الفاخر «مُزين».
(٤) عن الميداني والفاخر ، وبالأصل : بأخوته.
(٥) عن الفاخر والميداني وبالأصل «غبره».
(٦) زيادة عن المطبوعة الكويتية.
(٧) سورة الأنعام الآية ٦٣.
(٨) سورة الانعام الآية ٤٣.
(٩) في المفردات : التشارك في الضراعة نحو المراصفة.