ووَجْهُ الدُّعَاءِ لها بَعِيدٌ عِنْدِي ؛ لأَنَّهَا أَغْضَبَتْه وأَحْرَجَتْه بتَفَرُّقِها وأَتْعَبَتْه ، فدَعا عَلَيْهَا. وفي قَوْلِه أَيْضاً : «سَلِّطْ عليها» إِشْعَارٌ بالدُّعاءِ عليها ؛ لأَنَّ مَنْ طَلَبَ السَّلامَةَ بشَيْءٍ لا يَدْعُو بالتَّسْلِيطِ عليهِ ، وليس هذَا من جِنْسِ قوله : اللهُمَّ ضَبُعاً وذِئْباً ، فإِنّ ذلِكَ يُؤْذِنُ بالسّلامَةِ ، لاشْتِغَالِ أَحَدِهِمَا بالآخَرِ ، وأَمّا هذا فإِنَّ الضَّبُعَ والذِّئْبَ مُسَلَّطَانِ على الغَنَمِ. والله أَعْلَمُ.
[ضتع] : الضَّوْتَعُ ، كجَوْهَرِ ، أَهْمَلَهُ الجَوْهَرِيُّ ، وقالَ ابنُ دُرَيْدٍ : دُوَيْبَةٌ ، زَعَمُوا ، قال : وقالَ آخَرُونَ : أَو طائِرٌ ، كالضَّتْع ، بالفَتْحِ ، قلتُ : وقد سَبَقَ للمُصَنِّفِ في «ص ن ع» هذا بعَيْنِه : الصَّنْع والصَّوْنَع : دُوَيْبَةٌ أَو طَائِر ، فأَحَدُهما تَصْحِيفٌ عن الآخَرِ.
قال ابنُ دُرَيْدٍ : وأَحْسَبُ أَنَّ الضَّوْتَعَ في بَعْضِ اللُّغَاتِ :الرَّجُلُ الأَحْمَق ، أَو الصَّوابُ فيه الضَّوْكَعَةُ ، بالكافِ ، قال ابنُ دُرَيْدٍ : نَقَلَه قَوْمٌ ، وهُوَ أَقْرَبُ إِلى الصَّوابِ.
[ضجع] : الضَّجْعُ : غَاسُولٌ للثِّيابِ ، قال ابنُ دُرَيْدٍ : هو صَمْغُ نَبْتٍ ، أَو نَبْتٌ تُغْسَلُ به الثِّيَابُ ، لغةٌ يَمَانِيَةٌ ، الوَاحِدَةُ بهاءٍ. وقال أَبو حَنِيفَةَ : الضَّجْعُ : نَبَاتٌ كالضَّغابِيسِ ، في خِلْقَةِ الهِلْيَوْنِ إِلّا أَنّه أَغْلَظُ كَثِيراً مُرَبَّعُ القُضْبَانِ ، وفيه حُمُوضَةٌ ومَرَارَةٌ ، يُؤْخَذُ ، فيُشْدَخُ ، ويُعْصَرُ ماؤُه في اللَّبَنِ الرّائبِ فيَطِيبُ ويُحْدِثُ فيه لَذْعَ اللِّسَانِ قَلِيلاً (١) ، ويُجْعَلُ وَرَقُه في اللَّبَنِ الحَازِرِ ، كما يُفْعَلُ بِوَرَقِ الخَرْدَلِ ، جَيِّدٌ للبَاءَةِ ، قال : وأَنْشَدَ بعضُ الأَعْرَابِ لشَاعرٍ من أَهْلِ القَرَارِ يَعِيبُ أَهلَ البَدْوِ :
وِلا تَأْكُلِ الخَرْشَانَ خَوْدٌ كَرِيمَةٌ |
|
وِلا الضَّجْعَ إِلّا مَنْ أَضَرَّ بهِ الهَزْلُ (٢) |
وِضِجَعٌ ، كعِنَبٍ : ع ، قالَ أَبُو مُحَمَّدٍ الفَقْعَسِيُّ ـ وقِيلَ :عُكّاشَةُ بنُ أَبِي مَسْعَدَةَ (٣) ـ :
فالضارِبِ الأَيْسَرِ من حَيْثُ ضَلَعْ |
|
بها المَسِيْلُ ذاتَ كَهْفٍ فضِجَعْ |
وِضَجَعَ ، كمَنَعَ ، ضَجْعاً ، وضُجُوعاً بالضَّمِّ : وَضَعَ جَنْبَه بالأَرْضِ ، كما في الصّحاح ، قال : فهو ضَاجِعٌ ، وقَلَّما يُسْتَعْمَلُ ، كَانْضَجَعَ ، ومنه حَدِيثُ عُمَر : «جَمَع كُومَةً من رَمْلٍ ، فانْضَجَعَ عَلَيْهَا» وهو مُطَاوِعُ أَضْجَعَهُ فانْضَجَعَ ، نحو أَزْعَجْتُه فانْزَعَجَ ، وفي حَدِيثِ لُقْمَانَ بنِ عادٍ : «إِذا انْضَجَعْتُ لا أَجْلَنْظِي». واضْطَجَعَ اضْطِجَاعاً ، فهو مُضْطَجِعٌ : نامَ ، وقِيلَ :اسْتَلْقَى ووَضَعَ جَنْبَه الأَرْضِ. قال اللَّيْثُ : كانَتْ هذِه الطّاءُ تاءً في الأَصْلِ ، ولكِنَّه قَبُحَ عندَهُم أَنْ يَقُولوا : اضْتَجَع ، فأَبْدَلُوا التّاءَ طاءً. وله نَظَائرُ مَذْكُورَةٌ في مَحَلِّهَا.
وِقال الجَوْهَرِيُّ : وفي افْتَعَلَ من ضَجَعَ لُغَتَانِ : من العَرَبِ مَنْ يَقْلِبُ التاءَ طاءً ، ثُمّ يُظْهِر فيَقُول : اضْطَجَع ، ومنهم مَنْ يُدْغِم ، فيَقُول اضَّجَعَ ، فيُظْهِرُ الأَصْلِيَّ. قلتُ :أَدْغَم الضّادَ في التّاءِ فجَعَلَها ضاداً شَدِيدَةً على لُغَةِ مَن قالَ : مُصَّبِرٌ في مُصْطَبِرٍ ، ثمّ قالَ : ولا يُقَالُ : اطَّجَعَ ، لأَنَّهُم لا يُدْغِمُونَ الضادَ في الطّاءِ.
وِقال المازنِيُّ : إِنَّ بعضَ العَرَبِ يَكْرَهُ الجَمْعَ بينَ حَرفَيْنِ مُطْبَقَيْنِ ، فيقُولُ : الْطَجَعَ ، ويُبْدِلُ مكانَ الضّادِ أَقرَبَ الحُرُوفِ إِليها ، وهي الّلامِ. زادَ في اللِّسَانِ : وهو شاذُّ ، وقالَ الأَزْهَرِيُّ : ورُبَّمَا أَبْدَلُوا الَّلامَ ضاداً ، كما أَبْدَلُوا الضّادَ لَاماً ، قال بَعْضُهُم : الْطِرَادٌ واضْطِرَادٌ ، لطِرَادِ الخَيْلِ وأَنْشَدَ الصّاغَانِيُّ قولَ الراجِز :
يا رُبَّ أَبّازٍ من العُفْرِ صَدَعْ |
|
تَقَبَّضَ الذِّئْبُ إِليه واجْتَمَعْ |
لَمَّا رَأَى أَنْ لا دَعَهْ ولا شِبَعْ |
|
مالَ إِلى أَرْطاةِ حِقَفٍ فالْطَجَعْ (٤) |
وِالمَضْجَع ، كمَقْعَدٍ : مَوْضِعُه والجَمْعُ : المَضَاجِعُ ، قال الله تَعَالَى : (تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ) (٥) قِيلَ :لصَلاةِ العِشَاءِ الأَخِيرَة ، وقيل : للتَّهَجُّدِ ، وقِيلَ : لصَلاةِ الفَجْرِ ، وهذِه التفاسِيرُ عن ابْنِ عَبّاسٍ ـ رضياللهعنهما ـ
__________________
(١) في النبات لأبي حنيفة برقم ٣٣٩ : «لذع للسان قليلاً ويمرؤ» ولم يرد فيه باقي العبارة وهي مثبتة في التكملة عنه.
(٢) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله : الخرشان كذا في اللسان ، وبهامشه : لعله الحرشاء لنبت أو خردل البر ، وفي التكملة ، الخوشان وقال : هو نبت كالسرمق» وزيد فيها : إلا أنه ألطف ورقاً وفيه حموضة ، والناس يأكلونه.
(٣) عن التكملة وبالأصل «سعدة».
(٤) في التهذيب : فاضَجَعْ.
(٥) سورة السجدة الآية ١٦.