وِالصَّقَع أَيْضاً : شِبْهُ غَمٍّ يَأْخُذُ بالنَّفْسِ لِشِدَّةِ الحَرِّ نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ ، وأَنْشَدَ لسُوَيْدِ بنِ أَبِي كاهِلٍ :
في حُرُورٍ يَنْضَجُ اللَّحْمُ بها |
|
يَأْخُذُ السّائِرَ فيها كالصَّقَع |
وِالمِصْقَعُ ، كمِنْبَرٍ : البَلِيغُ ، مَأْخُوذٌ من قَوْلِ ابنِ الأَعْرَابِيِّ. قالَ : الصَّقْعُ : البَلَاغَةُ في الكَلامِ ، والوُقُوعُ على المَعَانِي. وفي حَدِيثِ حُذَيْفَةَ بنِ أُسَيْدٍ : «شَرُّ النّاسِ في الفِتْنَة الخَطِيبُ المِصْقَع» أَي البَلِيغُ الماهِرُ في خُطْبَتِه ، الدّاعِي إِلى الفِتَنِ ، الذِي يُحَرِّضُ النّاسَ عليها ، أَو العالِي الصَّوْتِ ، مِفْعَلٌ من الصَّقْعِ ، وهو رَفْعُ الصَّوْتِ ومُتَابَعَتُه ، وهو من أَبْنِيَةِ المُبَالَغَةِ ، أَو الخَطِيبُ المِصْقَعُ : مَنْ لا يُرْتَجُ عَلَيْهِ في كَلامِه ، ولا يَتَتَعْتَعُ ، قاله قَتَادَةُ ، يُقَال : خَطِيبٌ مِصْقَعٌ ، ومِسْقَعٌ ، ومِسْحَلٌ ، وشَحْشَحٌ ، وهو المَاهِرُ في الخُطْبَةِ ، المَاضِي فِيها ، قالَ الفَرَزْدَقُ :
وِعُطَارِدٌ وأَبُوهُ مِنْهُمْ حَاجِبٌ |
|
وِالشَّيْخُ نَاجِيَةُ الخِضَمُّ المِصْقَعُ |
والجَمْعُ مَصَاقِعُ. قال قَيْسُ بن عَاصِمٍ المِنْقَرِيُّ ، رضِيَ الله عنه :
خُطَبَاءُ حِينَ يَقُومُ قَائِلُنَا |
|
بِيضُ الوُجُوهِ مَصَاقِعٌ لُسْنُ |
ونَقَلَ شَيْخُنَا ـ عن حَوَاشِي المُطَوَّلِ وحَوَاشِي التَفْسِيرينِ ـ أَنَّ المِصْقَعَ مِنْ صَقَعَ الدِّيكُ ، إِذا صَاحَ ، أَو من الصُّقْعِ ، وهو جانِبُ الشَّيْءِ ، لأَخْذِ الخَطِيبِ في كُلِّ جانِبٍ من الكَلامِ ، أَو مِن صَقَعَه : ضَرَبَ صَوْقَعَتَه ، قاله الفَنَارِيُّ وغَيْرُهُ ، وفي هذِه الاشْتِقَاقَات نَظَرٌ. انتهى. قلتُ : لا نَظَر في الأَوَّلَيْنِ ، أَما الأَولُ فقد صَرَّحَ غيرُ واحِدٍ من الأَئِمَّة أَنَّه من صَقَعَ بصَوْتهِ ، إِذا رَفَعَه ، وصَقَع الديكُ صَوْتَهُ ، من ذلِك ، وسُمِّيَ الخَطِيبُ مِصْقَعاً لِرَفْعِ صَوْتِه في التَّبْلِيغِ ، وهو ظَاهِرٌ ، وأَمَّا الثانِي فقَدْ نَقَلَ صاحِبُ اللسَانِ وغَيْرُه أَنَّه سُمِّيَ به لأَنَّهُ يَذْهَبُ في كُل صُقْعٍ من الكَلامِ ، أَي ناحِيَةٍ (١). نَعَمْ في اشْتِقَاقِه من صَقَعَهُ : ضَرَبَ صَوْقَعَته نَظَرٌ ، وإِن كان يُوَجَّهُ بضَرْبٍ من المَجَازِ ، ففيهِ بُعْدٌ ، فتَأَمَّلْ. والصَّقْعَاءُ : الشَّمْسُ ، نَقَلَه ، الجَوْهَرِيُّ. وقالَ : قالَت ابنةُ أَبِي الأَسْوَدِ الدُّؤَلِيِّ في يَوْمٍ شَدِيدِ الحَرِّ : يا أَبَتِ ما أَشَدُّ الحَرِّ؟ قالَ : إِذا كانَت الصَّقْعاءُ من فَوْقِكِ ، والرَّمْضَاءُ من تَحْتِكِ ، فقالَتْ : أَرَدْتُ أَن الحَرَّ شَدِيدٌ. قال : فقُولِي إِذَنْ : ما أَشَدَّ الحَرَّ! فحِينَئِذٍ وَضَعَ بابَ التَّعَجُّبِ.
وِالأَصْقَعُ : طائِرٌ ، وهو الصُّفَارِيَّةُ ، عن قُطْرُبٍ. وقال غَيْرُه : هو كالعُصْفُورِ ، في رِيشِه ورَأْسِه بَيَاضٌ ، يكونُ بقُرْبِ الماءِ ، إِنْ شِئْتَ كَسَّرْتَه تَكْسِيرَ الأَسْمَاءِ ؛ لأَنَّهُ صِفَةٌ غالِبَةٌ ، وإِن شِئْتَ كَسَّرْتَه على الصفَةِ ، وقد ذُكِرَ في «س ق ع».
وِالصِّقَاعُ ككِتَابٍ : البُرْقُعُ ، ورُبَّمَا قِيلَ له ذلِكَ ، كما فِي الصّحاحِ.
وِالصِّقَاعُ شَيْءٌ يُشَدُّ به أَنْفُ النّاقَةِ إِذا أَرادُوا أَنْ تَرْأَمَ وَلَدَهَا (٢) ، أَو وَلَدَ غَيْرِهَا ، قال القُطَامِيُّ :
إِذا رَأْسٌ رأَيْتُ بهِ طِمَاحاً |
|
شَدَدْتُ له العَمَائِمَ والصِّقَاعَا |
وقالَ أَبو عُبَيْدٍ : يُقَالُ للخِرْقَةِ التي يُشَدُّ بها أَنْفُ النّاقَةِ إِذا ظُئِرَت (٣) : الغِمَامَةُ ، والتي تُشَدُّ بها عَيْنَاهَا : الصِّقاعُ ، وقد ذُكِرَ ذلِكَ في تركيب «د ر ج».
وِالصِّقاعُ أَيْضاً : خِرْقَةٌ تَكُونُ على رَأْسِ المَرْأَة تَقِي (٤) بها الخِمَارَ من الدُّهْنِ. نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ ، كالصَّوْقَعَةِ ، نَقَلَه ابنُ دُرَيْدٍ.
وقِيل : الصَّوْقَعَةُ : ما يَقِي الرَّأْسَ من العِمَامَةِ والخِمَارِ والرِّدَاءِ.
وِالصِّقَاعُ : حَدِيدَةٌ تَكُونُ في مَوْضِعِ الحَكَمَةِ من اللِّجَامِ ، قال رَبِيعَةُ بنُ مَقْرُومٍ الضَّبِّيُّ :
وِخَصْمٍ يَرْكَبُ العَوْصَاءَ طَاطٍ |
|
عن المُثْلَى غُنَامَاهُ القِذَاعُ |
طَمُوحِ الرَّأْسِ كُنْتُ له لِجَاماً |
|
يُخَيِّسُه لَهُ منه صِقَاعُ |
وِقالَ ابنُ عَبّادٍ : الصِّقَاعُ : سِمَةٌ على قَذَالِ البَعِيرِ.
__________________
(١) هو قول الفارسي كما في اللسان.
(٢) بالأصل : «أن ترأم بها ولدها» والمثبت بحذف «بها» عن اللسان.
(٣) في التهذيب : إذا ظئرت على ولد غيرها.
(٤) في التهذيب واللسان : «توقي» والأصل كالصحاح.