وِفي سَبِيلِ الله ما لَقِيتِ
فأَمَّا ما حَكَاهُ سِيبَوَيْهٌ من قَوْلهم : ذَهَبَتْ بَعْضُ أَصَابِعه ، فإِنَّهُ أَنَّثَ البَعْضَ لأَنَّه إِصْبَعُ في المَعْنَى ، وإِنْ ذُكِرَ الإِصْبَعُ مُذَكَّراً جازَ ؛ لأَنَّهُ ليسَ فيها عَلامَةُ التَّأْنِيثِ ، وقال شَيْخُنَا :والتَّذْكِيرُ إِنّمَا ذَكَرَه شِرْذَمَةٌ ، كابْنِ فارِسٍ ، وتَبِعَه المُصَنِّفُ.
قلتُ : ونَقَلَه اللَّيْثُ أَيْضاً ، فقالَ : يُقَالُ : هذا إِصْبَعٌ ، على التَّذْكِير فِي بعضِ اللُّغَاتِ ، وأَنْشَدَ لِلَبِيدٍ رضياللهعنه :
مَنْ يَمْدُدِ الله عَلَيْهِ إِصْبَعَا |
|
بالخَيْرِ والشَّرِّ بِأَيٍّ أُولِعَا |
وقالَ الصّاغَانِيُّ : ليس الرَّجَزُ لِلَبِيدٍ : قلتُ : الرَّجَزُ للَبِيدٍ (١) ، كما قَالَهُ اللَّيْثُ ، ولكِنَّه رُوِيَ على غَيْرِ وَجْهٍ :
مَنْ يَجْعَل الله عليه إِصْبَعا |
|
في الخَيْرِ أَو في الشَّرِّ يَلْقَاهُ مَعَا |
ج : أَصابعُ ، وأَصابِيعُ بزيادَة الياءِ.
وِالإِصْبَعُ ، كدِرْهَمٍ : جَبَلٌ بنَجْدٍ نَقَلَه ياقُوت بغير أَلِفٍ ولامٍ.
وِذُو الإِصْبَعِ : حُرْثَانُ بنِ مُحَرِّث بنِ الحارِثِ بنِ شَبَاةَ بنَ وَهْبِ بنِ ثَعْلَبَةَ بنِ الظَّرِب بن عَمْرِو بنِ عَبّادِ بنِ يَشْكُرَ بنِ عَدْوَانَ العَدْوَانِيُّ ، الحَكِيمُ الشّاعِرُ الخَطِيبُ المُعَمَّرُ قِيلَ له ذلِكَ لأَنَّهُ نَهَشَتْ أَفْعَى إِبْهَامَ رِجْلِه ، فقَطَعَهَا ، فلُقِّبَ به ، وقِيل : كانَتْ له إِصْبَعٌ زائدَةٌ.
وِذُو الإِصْبَع (٢) : حِبّانُ بنُ عَبْدِ الله التَّغْلَبِيُّ الشاعِر ، من وَلَد عَنْزِ بن وَائِلٍ ، أَخِي بَكْرٍو تَغْلِبَ ابْنَيْ وَائِلٍ ، وبه تَعْرِف أَنَّ الصَّوابَ في نَسَبِه «العَنْزِيُّ» بل قِيلَ في هذا أَيْضاً : ذُو الأَصابع.
وِذو الإِصْبَع : شاعِرٌ آخَرُ مُتَأَخِّرٌ لم يُسَمَّ ، من مُدّاحِ الوَلِيدِ بنِ يَزِيدَ بنِ عَبدِ المَلِك بنِ مَرْوَانَ ، كما في التَّكْمِلَةِ ، وفي التَّبْصِيرِ : هو ذُو الإِصْبَعِ الكَلْبِيُّ ، شاعِرٌ في التّابِعِينَ.
قلتُ : وساق نَسَبَه الصّاغَانِيُّ في العُبَابِ ، فقالَ : هو حَفْصُ بنُ حَبِيب بنِ حُرَيْثِ بنِ حَسّانَ بنِ مَالِكِ بن عبد مَنَاةَ بنِ امْرِىءِ القيْسِ بنِ عَبْدِ الله بنِ عُلَيْمِ بنِ جَنَابٍ الكَلْبِيُّ.
وقال في التَّكْمِلَةِ : ذُو الإِصْبَعِ الكلْبِيُّ ، وذُو الإِصْبَعِ العُلَيْميُّ : شاعِرَانِ. قلتُ : وهو غَلَطٌ ، والصّوابُ أَنَّهُمَا واحِد ، وفي كِتَاب الشُّعَراءِ للآمِدِيِّ ـ بعد ما ذكر ذَا الإِصْبَع الكَلْبيَّ ـ ما نصُّه : وذو الإِصْبَعِ أَنْشَدَ لَه أَبُو عَمْرٍو الشَّيبَانِيُّ في كتابِ الحُرُوفِ أَبْيَاتاً في مَدْحِ الوَلِيدِ بن يَزِيدَ. قلتُ ؛ فهذا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الَّذِي مَدَحَ الوَلِيدَ غَيْرُ الكَلْبِيِّ ، وكأَنَّ المُصَنِّفَ لم يَرَ الفَرْقَ بَيْنَهُمَا ، فتأَمَّلْ.
وِزكِيُّ الدِّينِ عَبْدُ العَظِيم بن عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ أَبِي الإِصْبَعِ الشّاعِرُ المِصْرِيُّ ، مُتَأَخِّرٌ ، كَتَبَ عَنْه الحَافِظُ شَرَفُ الدِّينِ عبدُ المُؤْمِن بنُ خَلَفٍ الدِّمْيَاطيُّ شَيْئاً من شِعْرِه.
وِذُو الأَصَابِع التَّمِيمِيُّ ، أَو الخُزَاعيُّ ، أَو الجُهَنِيُّ : صَحَابِيٌّ رضِيَ الله عنه ، سَكَنَ بَيْتَ المَقْدِسِ ، له حَدِيثٌ في مُسْنَدِ أَحْمَدَ مَتْنُه : «عَلَيْكَ ببَيْتِ المَقْدِسِ».
وِمن المَجَازِ : يُقَال : لِلرّاعِي عَلَى مَاشِيَتِه إِصْبَعٌ : أَي أَثَرٌ حَسَنٌ ، يشارُ إِليها بالأَصَابعِ ؛ لِحُسْنِهَا وسِمَنِها ، وحُسْنِ أَثَرِ الرُّعَاةِ فيها ، ويُقَال أَيْضاً : فُلانٌ مِنَ الله عليه إِصْبَعٌ حَسَنَةٌ ، أَي أَثَرُ نِعْمَةٍ حَسَنَةٍ ، وإِنَّما قِيلَ للأَثرِ الحَسنِ : إِصْبَعٌ ؛ لإِشَارَةِ النّاس إِلَيْهِ بالإِصْبَع. وقالَ ابنُ الأَعْرَابِيِّ : إِنَّهُ لَحَسَنُ الإِصْبَع في مالِه ، وحَسَنُ المَسِّ في مالِه ، أَي حَسَنُ الأَثَرِ ، وأَنْشَدَ :
أَوْرَدَهَا راعٍ مَرِىءُ الإِصْبَعِ |
|
لَمْ تَنْتشِرْ عَنْهُ ، ولم تَصَدَّعِ |
وأَنْشَدَ الأَصْمَعِيُّ للراعِي :
ضَعِيفُ العَصَا بَادِي العُرُوقِ تَرَى له |
|
عَلَيْهَا ـ إِذا ما أَجْدَبَ النَّاسُ ـ إِصْبَعَا (٣) |
وِإِصْبَعُ خَفَّانَ : بِنَاءٌ عَظِيمٌ قُرْبَ الكُوفَةِ من أَبْنَيِةِ الفُرْسِ ، قال ياقُوت : أَظُنُّهُم بَنَوْه مَنْظَرَةً هُنَاك على عَادَتهِم في مِثْلِه.
وِذَاتُ الإِصْبَعِ : رُضَيْمةٌ لبَنِي أَبِي بَكْرِ بنِ كِلَابٍ ، عن
__________________
(١) الرجز للبيد ، ديوانه ص ٩٥ قالها في سلمان الباهلي ، وفيه : «من يبسط الله» وقال مصححه : وقيل إن الأرجوزة ليست له.
(٢) في التكملة والمؤتلف للآمدي ص ١١٨ ذو الأصابع.
(٣) ديوانه ص ١٦٢ وانظر تخريجه فيه.