الأَزْهَرِيِّ ، قالَ : وهذا مِثْلُ قولِه تَعالى : (سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ) (١) أَو المَعْنَى : لَنُذِلَّنَّه أَو لَنُقْمِئَنَّه ، من أَقْمَأَهُ ، إِذا أَذَلَّه. كما في العُبَاب ، وفي بعضِ النُّسَخِ : أَو لَنُذِلَّنَّه ولَنُقْمِئَنَّه ومثلُه في اللِّسَانِ وغيرِه من أُمَّهَاتِ اللُّغَةِ ، قال الأَزْهَرِيُّ : ومن قالَ : مَعناه لَنَأْخُذَنَّ بِها إِلى النّارِ ، فحُجَّتُه قولُ الشّاعِرِ :
قَوْمٌ إِذا سَمِعُوا الصَّرِيخَ رَأَيْتَهم |
|
مِنْ بَيْنِ مُلْجِمِ مُهْرِه أَو سَافِعِ(٢) |
أَرادَ : وآخِذٍ بناصِيَتِه. وحكى ابنُ الأَعْرَابِيّ : واسْفَعْ بِيَدِه ، أَي خُذْه ، ويُقَالُ : سَفَعَ بنَاصِيَةِ الفَرَسِ لِيَرْكَبَهُ ، ومنه حَدِيثُ عَبّاسٍ الجُشَمِيِّ : «إِذا بُعِثَ المُؤْمِنُ من قَبْرِه كانَ عِنْدَ رَأْسِه مَلَكٌ ، فإِذا خَرَج سَفَعَ بيَدِه ، وقال : أَنا قَرِينُكَ في الدُّنْيَا» أَي أَخَذَ بِيَدِه. قالَ الصّاغَانِيُّ : وكان عُبَيْدُ اللهِ بن الحَسَنِ قاضِي البَصْرَةِ مُولَعاً بأَنْ يقولَ : اسْفَعَا بيَدِه. أَي :خُذَا بِيَدِه ، فأَقِيمَاه.
قلتُ : وهذا يَدُلُّ على أَنَّ الصوابَ في النُّسْخَةِ «أَو لَنُقِيمَنَّه» من أَقامَه يُقِيمُهُ.
وِرَجُلٌ مَسْفُوعُ العَيْنِ ، أَي : غائِرُها ، عن ابنِ عَبَّادٍ.
قال : ورجلٌ مَسْفُوعٌ ، أَي مَعْيُونٌ ، أَصابَتْه سَفْعَةٌ ، أَي عَيْنٌ ، والشِّينُ المُعْجَمَةُ لغةٌ فيه ، عن أَبِي عُبَيْدٍ. ويُقَال : به سَفْعَةٌ من الشَّيْطَان أَي مَسٌّ ، كأَنَّهُ أَخَذَ بناصِيَتِه. وفي حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ : «أَنَّهُ دَخَلَ عليها وعِنْدَها جَارِيَّةٌ بها سَفْعَةٌ ، فقال :إِنَّ بها نَظْرَةً ، فاسْتَرْقُوا لَها» أَي عَلامةً من الشَّيْطَانِ ، وقِيلَ :ضَرْبةً وَاحِدَةً منه ، يَعْنِي أَنَّ الشَّيْطَانَ أَصابَها ، وهي المَرَّةُ من السَّفْعِ : الأَخْذ. المَعْنَى : أَنَّ السَفْعَةَ أَدْرَكَتْهَا من قِبَلِ النَّظْرَةِ ، فاطْلُبُوا لها الرُّقْيَةَ ، وقِيلَ : السَّفْعَةُ : العَيْنُ ، والنَّظْرَةُ : الإِصابَةُ بالعَيْن.
وِالسَّوَافِعُ : لَوَافِحُ السَّمُومِ ، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ ، وفي بعضِ النُّسَخِ لَوَائِحُ ، والأُولَى الصَّوَابُ.
وِالسَّفْعُ (٣) : الثَّوْبُ أَيَّ ثَوْبٍ كانَ وأَكْثَرُ ما يُقَالُ في الثِّيَابِ المَصْبُوغَة ، جَمْعُه (٢) سُفُوعٌ ، قال الطِّرِمَّاحُ :
كَمَا بَلَّ مَتْنَيْ طُفْيَةٍ نَضْحُ عَائِطٍ |
|
يُزَيِّنُهَا كِنٌّ لها وسُفُوعُ |
أَرادَ بالعَائِطِ : جَارِيَةً لم تَحْمِلْ ، وسُفُوعُها : ثِيَابُهَا ، أَي تَبُلُّ الخُوصَ لِتَعْمَلَهُ.
وِالسُّفْعُ : بالضَّمِّ (٤) : حَبُّ الحَنْظَل لسَوَادِهَا ، الوَاحِدَةُ بهاءٍ ، نَقَلَهُ ابنُ عَبّادٍ.
وِالسُّفْعُ : أُثْفِيَّةٌ من حَدِيدٍ تُوضَعُ عليها القِدْرُ ، قال :هكَذَا أَصْلُ عَرَبِيَّتهِ.
أَو السُّفْعُ هي الأَثَافِيُّ ، وَاحِدَتُهَا سَفْعَاءُ ، وإِنَّمَا سُمِّيَتْ لسَوَادِهَا. نَقَلَهُ اللَّيْثُ عن بَعْضِهِمْ ، والرّاغِبُ في المُفْرِدَاتِ.
قلتُ : وهو قولُ أَبِي لَيْلَى ، وهي الَّتِي أُوقِدَ بَيْنَها النّارُ فسَوَّدَت صِفَاحَها الَّتِي تَلِي النارَ ، ثُمَّ شَبَّهَه الشُّعَرَاءُ به فسَمَّوْا ثَلاثَةَ أَحْجَارٍ تُنْصَبُ عليها القِدْرُ سُفْعَاً ، قال النابِغَةُ الذُّبْيانِيُّ :
فَلَمْ يَبْقَ إِلّا آلُ خَيْمٍ مُنَصَّبٍ |
|
وِسُفْعٌ على أُسٍّ ونُؤْيٌ مُعَثْلَبُ (٥) |
وقالَ زُهَيْرُ بنُ أَبِي سُلْمَى :
أَثافِيَّ سُفْعاً في مُعَرَّسِ مِرْجَلِ |
|
وِنُؤْياً كجِذْمِ الحَوْضِ لَمْ يَتَثَلَّمِ |
وِالسُّفْعُ : السُّودُ تَضْرِبُ إِلى الحُمْرَةِ ، قِيلَ لها : السُّفْعُ ؛ لأَنَّ النّارَ سَفَعَتْهَا.
وِالسَّفَعُ ، بالتَّحْرِيكِ : سُفْعَةُ سَوادٍ وشُحُوبٌ في الخَدَّيْنِ من المَرْأَةِ الشّاحِبَةِ ، ولو قالَ : في خَدَّيِ المَرْأَةِ الشّاحِبَةِ كان أَخْصَر ، وزادَ في العُبَابِ ـ بعدَ المَرْأَةِ : والشَّاةِ ـ ومنهالحَدِيثُ : «أَنَا وسَفْعاءُ الخَدَّيْنِ الحانِيَةُ عَلَى وَلَدِهَا يومَ القِيَامَةِ كهَاتَيْنِ. وضَمَّ إِصْبَعَيْهِ» أَراد بسفْعَاءِ الخَدَّيْن امرأَةً سَوْداءَ عاطِفَةً على وَلَدِها ، أَرادَ أَنَّهَا بَذَلَت نَفْسَها ، وتَرَكَت الزِّينةَ والتَّرَفُّهَ حَتّى شَحَبَ لَوْنُهَا واسْوَدّ ؛ إِقَامَةً على وَلَدِهَا بعدَ وَفَاةِ زَوْجِهَا.
وِالسُّفْعَةُ ، بالضَّمِّ : ما في دِمْنَةِ الدَّارِ من زِبْلٍ أَو رَمْلٍ أَو
__________________
(١) سورة القلم الآية ١٦.
(٢) نسب لحميد بن ثور وهو مفرد في ديوانه ص ١١١ وينسب أيضاً لعمرو بن معديكرب.
(٣) ضبطت بالقلم في اللسان والتكملة بكسر السين.
(٤) بالأصل «جمع».
(٥) ضبطت في التكملة ، بالقلم ، بفتح السين.