وِأَسْبَع ابْنَهُ : دَفَعَه إِلى الظُّؤُورَةِ ومنه قولُ العَجَّاج ، كما في التَّهْذِيب :
إِنَّ تَمِيماً لَمْ يُرَاضَعْ مُسْبَعَا |
|
وِلَمْ تَلِدْهُ أُمُّه مُقَنَّعَا |
ونَبَسَهُ الجَوْهَرِيُّ إِلى رُؤْبَةَ ، وقد تَقَدَّمَ في «رضع» ويَأْتِي تَفْسِيرُه قَرِيباً.
وِأَسْبَعَ فُلاناً : أَطْعَمَه السَّبُعَ ، كذا نَصُّ الصّحاحِ ، وفِي المُفْرَدَاتِ لَحْمَ السَّبُعِ.
وِأَسْبَعَ عَبْدَه ، أَي أَهْمَلَه ، قال أَبُو ذُؤَيْبٍ الهُذَلِيُّ ، يَصِفُ حِمَاراً :
صَخْبُ الشَّوارِبِ لا يَزَالُ كَأَنَّهُ |
|
عَبْدٌ لآلِ أَبِي رَبِيعَةَ مُسْبَعُ |
وِالمُسْبَعُ ، كمُكْرَمٍ ، قالَ الجَوْهَرِيُّ : هكَذا رَوَاهُ الأَصْمَعِيُّ «مُسْبَعٌ» بفتح الباءِ ، واخْتُلِفَ فيه فقِيلَ : هو المُتْرَفُ ، نَقَلَه الصّاغَانِيُّ ، وهو قَرِيبٌ من مَعْنَى المُهْمَلِ ؛ لأَنَّهُ إِذَا أُهْمِلَ فقَدْ أُتْرِفَ عادَةً ، أَو كَنَى بالمُسْبَع عن الدَّعِيّ الّذِي لا يُعْرَفُ أَبُوه ، قاله الرّاغِبُ والصّاغَانِيُّ ، أَو وَلَدُ الزِّنَا ، وهو قَرِيبٌ من الدَّعِيِّ أَو مَنْ تَمُوتُ أُمُّه ، فيُرْضِعُه غيرُها ، قال النَّضْر : ويقال : رُبَّ غُلامٍ رَأَيْتُه يُرَاضَع ، قال :والمُرَاضَعَة : أَنْ يَرْضَعَ أُمَّهُ وفي بَطْنِها وَلَدٌ ، وقد تَقَدَّم ، ويُرَاعَى فيه مَعْنَى الإِهْمَالِ ، لأَنَّه إِذَا مَاتَتْ أُمُّه فقد أُهْمِلَ ، أَو مَنْ في (١) العُبُودِيَّةِ إِلى سَبْعَةِ آباءٍ ، أَو فِي اللُّؤْم ، وقال بَعْضُهُم : إِلى سَبْعِ أُمَّهاتٍ ، أَو إِلى أَرْبَعَةٍ ، هكَذَا قالَه النَّضْر ، ولم يَأْخُذْه من اللَّفْظِ ، وقال غَيْرُه : مَنْ نُسِبَ إِلى أَرْبَعِ أُمَّهَاتٍ كُلّهنّ أَمَةٌ ، أَو مَنْ أُهْمِلَ مع السِّبَاعِ ، فصارَ كسَبُع خُبْثاً ، نَقَلَه أَبو عُبَيْدَةَ. وقال غَيْرُه : المُسْبَع : المُهْمَلُ الذي لم يُكَفَّ عن جَرَاءَتهِ ، فبَقِيَ عليها. وعَبْدٌ مُسْبَعُ ، أَي مُهْمَلٌ جَرِيءٌ ، تُرِكَ حَتّى صارَ كالسَّبُعِ ، وبه فَسَّرَ الجَوْهَرِيُّ قولَ أَبِي ذُؤَيْبٍ. وقالَ السُّكَّرِيُّ فِي شَرْحِ الدِّيوانِ عَبْدٌ مُسْبَعٌ ، أَي مُهْمَلٌ ، وأَصْلُ المُسْبَع : المُسْلَمُ إِلى الظُّؤُورَةِ ، قالَ رُؤْبَةُ :
إِنّ تَمِيماً لم يُرَاضَعْ مُسْبَعَا
قلتُ : وهذَا الَّذِي أَنْكَرَه أَبو سَعِيدٍ عَلَى ابْنِ دُرَيْدٍ قد جَاءَ في حَدِيثِ سَلَمَةَ بنِ جُنَادَةَ : «إِذا كانَ يَوْمُ سُبُوعِه» يريدُ يومَ أُسْبُوعهِ من العُرْسِ ، أَي بعدَ سَبْعَةِ أَيّامٍ.
أَي لم يُقْطَعْ عن أُمِّه ؛ فيُدْفَعْ إِلى الظُّؤُورَة ، فيكون مُهْمَلاً ، والصَّبِيُّ في أَسابِيعِه سَبْعَةُ أَسابِيعَ ، وهي أَرْبَعُون (٢) يوماً لا يُسْقَى ، فالمُسْبَعُ مِنْ هذا ، وسُمِّي تَمِيماً لأَنَّهُ تَمَّ في بَطْنِ أُمِّه ، وُلِدَ لِسَنَتَيْن ، فحين وُلِدَ لم يَشْرَبِ اللَّبَنَ ، أَكَلَ وقد نَبَتَتْ أَسْنَانُه. أَو المَوْلُود لِسَبْعَةِ أَشْهُرٍ فَلَم يُنْضِجْه الرَّحِمُ ولم يُتِمَّ شُهُورَه ، نقَلَه الأَزْهَرِيُّ وابنُ فارِسٍ ، وبه فَسَّرَ الأَزْهَرِيُّ قولَ رُؤْبَةَ.
وقال الجَوْهَرِيُّ : قال أَبو سَعِيدٍ الضَّرِير : مُسْبِعٌ (٣) ؛ بكسر الباءِ ، قال : فَشَبَّه الحِمَارَ وهو يَنْهَق بعَبْدٍ قد صَادَفَ في غَنَمِه سَبُعاً ، فهُوَ يُهَجْهِجُ بهِ ؛ لِيَزْجُرَه عَنْهَا. قالَ : وأَبُو رَبِيعَةَ في بَنِي سعدِ بنِ بَكْرٍ ، وفي غيرهم ، ولكنّ جِيرَانَ أَبِي ذُؤَيْبٍ بَنُو سَعْدِ بنِ بَكْرٍ ، وهم أَصْحَابُ غَنَم. قلتُ : وفي شَرْحِ الدِّيوَانِ : أَبُو رَبِيعَةَ هذَا ابنُ ذُهْلِ بنِ شَيْبَانَ ، ويُقَالُ : أَبُو رَبِيعَةَ من بَنِي شِجْعِ بنِ عامِرِ بنِ لَيْثِ بنِ بَكْرِ بنِ عَبْدِ مَنَاةَ.
قلتُ : وفيهِ وَجْهٌ آخَرَ ، تَقَدَّم في «ر ب ع» فرَاجِعْه.
وِسَبَّعَهُ تَسْبِيعاً : جَعَلَه سَبْعَةً ، وكذا سَبَّعَه : إِذا جَعَلَه ذا سَبْعَةِ أَرْكانٍ.
وِسَبَّعَ الإِنَاءَ : غَسَلَه سَبْعَ مَرّاتٍ ، ومنه قولُ أَبِي ذُؤَيْبٍ :
فإِنَّكَ مِنْهَا والتَّعَذُّرَ بَعْدَ ما |
|
لَجَجْتَ وشَطَّتْ من فُطَيْمَةَ دَارُهَا |
لَنَعْتُ الَّتِي قامَتْ تُسَبِّعُ سُؤْرَهَا |
|
وِقالَتْ : حَرَامٌ أَنْ يُرَجَّلَ جَارُهَا (٤) |
وقال أَعْرَابِيٌّ لرَجُلٍ أَحْسَنَ إِليه : سَبَّعَ الله لَكَ ، أَي أَعْطَاكَ أَجْرَكَ سَبْعَ مَرَّاتٍ ، أَو ضَعَّفَ لكَ ما صَنَعْتَ سَبْعَةَ أَضْعَافٍ.
وفي نَوَادِرِ الأَعْرَابِ : سَبَّعَ الله لِفُلانٍ تَسْبِيعاً ، وَتَبَّعَ له تَتْبِيعاً ، أَي تابَعَ له الشَّيْءَ بعدَ الشَّيْءِ ، وهو دَعْوةٌ تَكُونُ فِي الخَيْرِ والشَّرِّ ، قالَ أَبو سَعِيدٍ : وحُكِيَ عن العَرَبِ ـ وسَمِعْتُ
__________________
(١) في التكملة : وقيل : الذي هو في العبودية.
(٢) كذا بالأصل ، وبهامش المطبوعة الكويتية : «ولعلها تسعة وأربعون».
(٣) يريد قول أبي ذؤيب : عبد لآل أبي ربيعة مسبع.
(٤) ديوان الهذليين ١ / ٢٦ وفيه : «كنعت التي ظلت» بدل «لنعت التي قامت».