وِتَبَصَّعَ العَرَقُ من الجَسَدِ : نَبَعَ قَلِيلاً قَلِيلاً مِنْ أُصُولِ الشَّعَرِ. قالَ ابنُ دُرَيْدٍ : وكانَ الخَلِيلُ يُنْشِدُ بَيْتَ أَبِي ذُؤَيبٍ :
تَأْبَى بدِرَّتِهَا إِذا ما استُغْضِبَتْ |
|
إِلّا الحَمِيمَ فإِنَّهُ يَتَبَصَّعُ (١) |
بالصّادِ أَيْ يَسِيلُ قَلِيلاً قَلِيلاً.
أَو الصَّوابُ بالضّادِ المُعْجَمَةِ كما نَقَلَهُ الأَزْهَرِيّ عن الثِّقاتِ ، وصَحَّحَهُ الصّاغَانِيّ ، قَالَ : وهكَذَا رَوَاه الرُّوَاةُ في شِعْر أَبِي ذُؤَيْبٍ.
قال الأَزْهَرِيّ : وابنُ دُرَيْدٍ أَخَذَ هذا مِنْ كِتَابِ اللَّيْث ، فمَرَّ على التَّصْحِيفِ الَّذِي صَحَّفَه فصَحَّفَ.
قالَ صاحِبُ اللِّسَان : والظَّاهِرُ أَنَّ الشَّيخَ ابنَ بَرِّيّ ثَلَثَهُما في التَّصْحِيف ، فإِنَّه ذَكَرَهُ في أَمالِيهِ على الصّحاح في تَرْجَمَة «بصع» يَتَبصَّع ، بالصاد المُهْمَلِة ، ولَمْ يَذْكُرْهُ الجِوْهَرِيّ في صحاحِهِ (٢) ، مع أَنَّهُ ذَكَرَهُ ابْنُ بَرّيّ أَيْضاً مُوَافِقاً لِلْجَوْهَرِيّ في ذِكْرِه في تَرْجَمَةِ «بضع» بالضّادِ المُعْجَمةِ قُلْتُ : ويُرْوَى «إِذا ما اسْتُكْرِهَتْ» ومَعْنَى البَيْتِ : يَقُولُ : الفَرَسُ الجَوَادُ إِذا حَرَّكْتَهُ للعَدْوِ أَعْطَاكَ ما عِنْدَهُ ، فإِذا حَمَلْتَهُ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ ذلِكَ فحَرَّكْتَهُ بسَاقٍ أَو بضَرْبِ سَوْطٍ حَمَلَتْهُ عِزّةُ نَفْسِه عَلَى تَرْكِ العَدْوِ والأَخْذِ في المَرَحِ ، ثُمَّ يَنْسَلِخُ من ذلِكَ المَرَحِ حَتَّى يَصِيرَ في العَدْوِ إِلَى ما لا يُدْرَى ما قَدْرُهُ ، قالَ : فَتَأْبَى عِنْدَ ذلِكَ إِلّا أَنْ تَعْرَقَ. قالَ الأَصْمَعِيّ : هذا مِمّا لا تُوصَفُ به الخَيْل وقد أَساء (٣). وأَصحابُ الخَيْل قَالُوا : يَكُونُ هذا في الفَرَسِ الجَوَادِ ، كذَا في شَرْحِ الدِّيوانِ.
* وممّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْه :
بَصَعَ العَرَقُ من الجَسَدِ بَصَاعَةً. رَشَحَ مِنْ أُصُولِ الشَّعَرِ. والبُصَيْع ، كزُبَيْرٍ : مَكانٌ في البَحْرِ ، ويُرْوَى بالضَّادِ.
وِأَبْصَعَةُ ، كأَرْنَبَة : مَلِكٌ مِنْ كِنْدَةَ ، ويُرْوَى بالضَّاد أَيْضاً.
وبِئْرُ بُضَاعَةَ ، حُكِيَتْ بالصَّادِ المُهْمَلَة ، كما سَيَأْتِي.
[بضع] : البَضْعُ ، كالمَنْعِ : القَطْعُ يُقَالُ : بَضَعْتُ اللَّحْمَ أَبْضَعُهُ بَضْعاً : قَطَعْتُهُ.
كالتَّبْضِيع شُدِّدَ للمُبَالَغَةِ.
وِالبَضْعُ : الشَّقُّ ، يُقَالُ : بَضَعْتُ الجُرْحَ ، أَي شَقَقْتُه ، كَما فِي الصّحاح.
وِالبَضْعُ : تَقْطِيعُ اللَّحْمِ وجَعْلُهُ بَضْعَةً بَضْعَةً.
وِمِن المَجَازِ : البَضْعُ : التَّزَوُّجُ.
وِمِنَ المَجَازِ أَيْضاً : البَضْعُ : المُجَامَعَةُ ، كالمُبَاضَعَةِ والبِضاعِ ، ومِنْهُ الحَدِيثُ (٤) : «وبَضْعُه أَهْلَهُ صَدَقَةٌ» ، أَي المُبَاشَرَة ، وفي المَثَلٍ : «كمُعَلِّمَةٍ أَهْلَهَا (٥) البِضَاعَ».
وِالبَضْعُ التَّبْيِينُ : يُقَالُ : بَضَعَ ، أَي بَيَّن كالإِبْضاعِ.
وِالبَضْعُ ، أَيْضاً التَّبَيُّن ، يُقَالُ : بَضَعْتُه فبَضَعَ ، أَي بَيَّنْهُ ، فَتَبَيَّنَ ، لازِمٌ مُتَعَدٍّ ، ويُقَالُ : بَضَعَهُ الكَلامَ وأَبْضَعَهُ الكَلَامَ ، أَيْ بَيَّنَهُ لَهُ ، فبَضَعَ
هو بُضُوعاً ، بالضّمّ ، أَيْ فَهِمَ ، وقِيلَ : أَبْضَعَهُ الكَلامَ (٦) وبَضَعَهُ به : بَيَّنَ لَهُ ما يُنَازِعُهُ حَتَّى تَبَيَّنَ كائناً ما كَانَ.
وِالبَضْعُ في الدَّمْعِ : أَنْ يَصِيرَ في الشُّفْرِ ولا يَفِيضَ.
وِالبُضْعُ ، بالضَّمِّ : الجِمَاعُ ، وهو اسْمٌ مِنْ بَضَعَها بَضْعاً ، إذا جامَعَها. وفي الصّحاح : البُضْعُ ، «بالضَّمّ» : النِّكَاحُ ، عن ابنِ السِّكِّيتِ. وفي الحَدِيثِ «فإِنَّ البُضْعَ يَزِيدُ في السَّمْعِ والبَصَرِ» ، أَيْ الجِمَاعَ. وقَالَ سِيبَوَيْه : البَضْعُ مَصْدَرٌ ، يقال : بَضَعَهَا بَضْعاً ، وقَرَعَهَا قَرْعاً ، وذَقَطَها ذَقْطاً ، وفُعْل في المصادر غَيْرُ عَزِيزٍ كالشُّكْرِ ، والشُّغْلِ ، والكُفْرِ.
وفي حَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ الله تَعَالَى عنها «ولهُ حَصَّنَنِي رَبِّي من كُلِّ بُضْعٍ» تَعْنِي النَّبِيَّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أَيْ من كُلِّ نِكَاحٍ ، وكَان تَزَوَّجَهَا بِكْراً مِنْ بَيْنِ نِسَائهِ.
__________________
(١) ديوان الهذليين ١ / ١٧ برواية :
إذا ما استكرهت ... فإنه يتبضع
وانظر الجمهرة ١ / ٢٩٦.
(٢) يعني في مادة «بصع» وقد ورد في الصحاح في مادة بضع شاهدا على قوله : جبهته تبضع أي تسيل عرقا.
(٣) أي أبو ذؤيب ، لأنه وصف الفرس بما توصف به الناقة ، فإن الذي يستنفر ويضغط عليه بالسوط ونحوه من أجل حمله على سرعة العدو إنما هي الناقة ، وقد ظن أبو ذؤيب أن هذا مما توصف به الخيل ، وليس الأمر كذلك وهو ما ذهب اليه الأصمعي في قوله.
(٤) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله : ومنه الحديث : وبضعه أهله صدقة. الذي في اللسان : والمباضعة : المباشرة ومنه الحديث : «وبضعه أهله صدقة» «أي باشرته».
(٥) في اللسان : أمّها».
(٦) اللسان : بالكلام.