قال : والرِّضْعُ ، بالكَسْر : شَجَرٌ تَرْعاهُ الإِبِلُ كما في العُبَابِ.
وِتَقُول : هذا رَضِيعُكَ ، أَي أَخُوكَ من الرَّضاعَةِ ، بالفَتْحِ ، كما في الصّحاحِ ، كما تَقُول : أَكِيلُك ، قالَ الأَعْشَى :
رَضِيعَيْ لِبَانٍ ثَدْيَ أُمِّ تَقَاسَمَا |
|
بأَسْحَمَ دَاجٍ عَوْضُ لا نتَفَرَّقُ |
وِقالَ ابنُ الأَعْرَابِيِّ : الرَّضَعُ مُحَرَّكَةً : صِغَارُ النَّحْلِ (١) ، وَاحِدَتُها رَضَعَة كالرَّصَعِ ، بالصّادِ ، وقد تَقَدَّم عن الأَزْهَرِيِّ أَنّه تَصْحِيفٌ.
وِأَرْضَعَتِ المَرْأَةُ ، فهي مُرْضِعٌ أَي لَها وَلَدٌ تُرْضِعُه ومنه قَوْلُ امْرىءِ القَيْسِ :
فمِثْلِكِ حُبْلَى قد طَرَقْتُ ومُرْضِعٍ |
|
فأَلْهَيْتُها عن ذِي تَمائمَ مُحْوِلِ |
ويُرْوَى «مُرْضِعاً» ويُرْوَى «مُغْيِلٍ» أَي ذات رَضِيعٍ فإِن وَصَفْتَها بإِرضَاعِ الوَلَدِ أَلْحَقْتَ الهاءَ. وقُلْتَ : مُرْضِعَة ، كما في الصّحاح والعُبَابِ ، ومنه قولُه تَعالَى : (يَوْمَ [تَرَوْنَها] تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمّا أَرْضَعَتْ) (٢) وفِي الحَدِيثِ حِينَ ذكر الإِمارَةَ فَقالَ : «نِعْمَتِ المُرْضِعَةُ ، وبِئْسَت الفَاطِمَةُ» ضَرَبَ المُرْضِعَةَ مَثَلاً للإِمارَةِ ، وما تُوَصِّلُه إِلَى صاحِبِها من الأَحْلَابِ ، يَعْنِي المَنَافِع ، والفاطِمَةَ مثلاً للمَوْتِ الَّذِي يَهْدِمُ عليهِ لَذّاتِه ، ويَقْطَعُ مَنَافِعَها [دونه] (٣).
قال ثَعْلَبٌ : المُرْضِعَةُ : التي تُرْضِعُ وإِنْ لم يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ ، أَو كانَ لها وَلَدٌ ، والمُرْضِعُ : الَّتِي ليس مَعَهَا وَلَدٌ وقد يَكُونُ معَهَا وَلَدٌ. وقال مَرَّةً : إِذا أَدْخَلَ الهاءَ أَرَادَ الفِعْلَ ، وجَعَلَه نَعتاً ، وإِذا لم يُدْخِل الهاءَ أَرادَ الاسْمَ.
وقال الفَرّاءُ : المُرْضِعُ والمُرْضِعَةُ : الَّتِي مَعَهَا صَبِيٌّ تُرْضِعُه (٤) ، قال : ولو قِيلَ في الأُمِّ : مُرْضِعٌ ـ لأَنَّ الرَّضَاعَ لا يَكُونُ إِلّا من الإِناثِ ، كما قَالُوا : امْرَأَةٌ حائضٌ وطامِثٌ ـ كان وَجْهاً. قال : ولو قِيلَ في الَّتِي مَعها صَبِيٌّ : مُرْضِعَةٌ كان صَواباً.
وقالَ الأَخْفَشُ : أَدْخَلَ الهاءَ في المَرْضِعَةِ لأَنَّهُ أَرادَ ـ والله أَعلَم ـ الفِعْلَ ، ولو أَرادَ الصِّفَةَ لقال : مُرْضِعٌ.
وقال أَبو زَيْدٍ : المُرْضِعَةُ : الَّتِي ترْضِع وثَدْيُها فِي فَمِ وَلَدِها ، وعليه قَوْلُه تَعالَى : (تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ) قالَ :وِالمُرْضِعُ : الَّتِي دَنا لها أَنْ تُرْضِعَ ولم تُرْضِعْ بَعْدُ ، والمُرْضِعُ : الَّتِي مَعها الصَّبِيُّ الرَّضِيعُ.
وقال الخَلِيلُ : امْرَأَةٌ مُرْضِعٌ : ذاتُ رَضِيع ، كما يُقَالُ :امرأَةٌ مُطْفِلٌ : ذاتُ طِفْلٍ ، بلا هاءٍ ، لأَنَّك تَصِفُهَا بفِعْلٍ منها وَاقِع أَو لَازِمٍ ، فإِذا وَصَفْتَها بفِعْلٍ هي تَفْعَلُه قُلْتَ : مُفْعِلَةٌ ، بفِعْلٍ هي تَفْعَلُه قُلْتَ : مُفْعِلَةٌ ، كقولِه تَعالَى : (تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمّا أَرْضَعَتْ) وَصَفها بالفِعْلِ فأَدْخَلَ الهاءَ في نَعْتِها ، ولو وَصَفَها بأَنَّ مَعَهَا رَضِيعاً قالَ : كُلُّ مُرْضِعٍ.
وقال ابنُ بَرِّيّ : أَمّا مُرْضِعٌ فعَلَى النَّسَبِ ، أَي ذاتُ رَضِيع ، كما تَقُولُ : ظَبْيَةٌ مُشْدِنٌ ، أَي ذاتُ شَادِن ، وعليه قَوْلُ امْرِىءِ القَيْسِ.
فمِثْلِكِ ...
الخ فهذا عَلَى النَّسَب ، وليس جارياً على الفِعْلِ ، كما تَقُولُ : رَجُلٌ دَارِعٌ تارِسٌ ، أَي معه دِرْعٌ وتُرْسٌ ، ولا يُقَال منه : دَرِعٌ ولا تَرِسٌ ، فلذلِكَ يُقَدَّرُ في مُرْضِعٍ أَنَّهُ ليس بجَارٍ على الفِعْلِ ، وإِنْ كَانَ قد اسْتُعْمِلَ منه الفِعْلُ. وقد يَجِيءُ مُرْضِعٌ عَلَى مَعْنَى ذَاتِ إِرْضَاعٍ ، أَي لها لَبنٌ وإِنْ لم يَكُنْ لها رَضِيعٌ. هذا خُلاصَةُ ما قالَهُ النحْوِيُّون.
وِرَاضَعَ فُلانٌ ابْنَهُ ، أَي دَفَعَهُ إِلى الظِّئْرِ. نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ ، وأَنْشَدَ لرُؤْبَةَ (٥) :
إِنَّ تَمِيماً لم يُرَاضَعْ مُسْبَعَا |
|
وِلَمْ تَلِدْهُ أُمُّه مُقَنَّعَا |
أَي وَلدَتْهُ مَكْشُوفَ الأَمْرِ ، ليسَ عليهِ غِطاءٌ.
وِقالَ الجَوْهَرِيُّ : ارْتَضَعَتِ العَنْزُ ، أَي شَرِبَتْ لَبَنَ نَفْسِهَا ، وأَنْشَدَ للشّاعر ، وهو عَمْرُو بنُ أَحْمَرَ الباهِلِيُّ :
__________________
(١) قال أبو حنيفة في كتاب النبات رقم ١٠٥٨ : وليس ثم رضاع وهذا استعارة.
(٢) الحج الآية ٢.
(٣) زيادة عن النهاية.
(٤) نص قول الفراء كما نقله الأزهري قال : المرضعة : الأم ، والمرضع :التي معها صبي ترضعه. والأصل كاللسان.
(٥) في الصحاح : «قال أبو ذؤيب» والمشطوران لرؤبة في ديوانه ص ٩٢.