وِالمُرَيْسِيعُ ، مصغَّرُ مَرْسُوعٍ : بِئرٌ ، أَو ماءٌ لخُزاعَةَ بناحِيَةِ قُدَيْدٍ ، على مَسِيرَةِ يَوْمٍ من الفُرْعِ ، وإِليه تُضافُ غَزْوَةُ بني المُصْطَلِقِ : قوم من خُزَاعَةَ تَجَمَّعُوا على هذا الماءِ مُحَارَبَةً لرَسُولِ الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وذلِكَ في ثَانِي شَعْبَانَ في السَّنَةِ الخامِسةِ (١) من الهِجْرَةِ ، فخرجَ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ومَعَهُ بَشَرٌ كَثِيرٌ ، وثلاثونَ فارِساً ، وكانَ أَبُو بَكْرٍ رضِيَ اللهُ عنه حَامِلَ رَايَةِ المُهَاجِرِينَ ، وسَعْدُ بنُ عُبَادَةَ رضياللهعنه حامِلَ رَايةِ الأَنْصَارِ ، فحَمَلُوا على القَوْمِ حَمْلةً وَاحِدَةً ، فقَتَلُوا منهم عَشَرةً ، وأَسَرُوا سَائرَهُم ، وغابَ ثمانِيَةً وعِشْرِينَ يوماً. وفيها سَقَطَ عِقْدُ عائِشَةَ ، رضياللهعنها ، وقِصَّةُ الإِفْكِ ، ونَزَلَتْ آيَةُ التَّيَمُّمِ ، والنَّهْيُ عن العَزْلِ ، على ما هُو مَشْرُوحٌ في كُتُبِ السِّيرِ والحَدِيثِ.
وِقالَ ابنُ السِّكِّيتِ : التَّرْسِيعُ : أَنْ تَخْرِقَ سَيْراً (٢) ، ثمّ تُدْخِلَ فيه سَيْراً ، كما تُسَوَّى سُيُورُ المَصَاحِفِ ، واسْمُ السَّيْرِ المَفْعُولِ بهِ ذلِكَ : الرَّسِيعُ ، وأَنْشَدَ :
وِعَادَ الرَّسِيعُ نُهْيَةً للحَمائِلِ
وقد تَقَدّم.
* وممّا يُسْتَدْرَكُ عليه :
رَسِعَ به الشَّيْ ءُ : لَزِق.
وِرَسَّعَه تَرْسِيعاً : أَلْزَقَه.
وِالرَّسِيعُ : المَلْزُوق.
وِرَسَّعَ الصَّبِيَّ وغيرَه تَرْسِيعاً : لغةٌ في رَسَعَ ، كمَنَع.
وِالرَّسَعُ ، مُحَرَّكةً : ما شُدَّ به.
وِالمِرْسَعُ ، كمِنْبَرٍ : الَّذِي انسَلَقَتْ عَيْنُه في السَّهَرِ.
ورَجُلٌ مُرَسِّعَةٌ ، كمُحَدِّثَةٍ : فَسَدَ مُوقُ عَيْنِه. قالَ امْرُؤ القَيْسِ ـ كما في الصِّحاح ـ وفي العُبَابِ : هو ابنُ مالِكٍ الحِمْيَرِيُّ ، كما قالَه الآمِدِيُّ ، وليس لابْنِ حُجْرٍ ، كما وَقَعَ في دَوَاوِينِ شِعْرِه ، وهو مَوْجُودٌ في أَشْعَارِ حِمْيَرَ :
أَيا هِنْدُ لا تَنْكِحِي بُوهَةً |
|
عَلَيْهِ ، عَقِيقَتُه أَحْسَبَا |
مُرَسِّعَةً وَسْطَ أَرْفاغِه |
|
بِهِ عَسَمٌ يَبْتَغِي أَرْنَبَا |
لِيَجْعَلَ في رِجْلِهِ كَعْبَهَا |
|
حِذَارَ المِنيَّةِ أَنْ يَعْطَبَا (٣) |
قالَ الجَوْهَرِيُّ : قوله : «مُرَسِّعَة» إِنَّمَا هو كقَوْلِكَ : رَجُلٌ هِلْباجَةٌ وفَقْفَاقَةٌ ، أَو يكونُ ذَهَبَ بهِ إِلَى تَأْنِيثِ العَيْنِ ؛ لأَنَّ التَّرْسِيعَ إِنّمَا يَكُونُ فِيها ، كما يُقال : جاءَتْكُم القَصْماءُ لرَجُلٍ أَقْصَمِ الثَّنِيَّةِ ، يُذْهَب بهِ إِلى سِنِّه ، وإِنَّمَا خَصَّ الأَرْنَبَ بذلِكَ ، وقال : «حِذَارَ المَنِيّة» ، الخ ، فإِنّه كان حَمْقَى الأَعْرَابِ (٤) في الجَاهِلِيَّةِ يُعَلِّقُون كَعْبَها في الرِّجْلِ كالمَعاذَةِ ، ويَزعُمون أَنَّ مَنْ عَلَّقَه لم تَضُرَّه عَيْنٌ ولا سِحْرٌ ، لأَنَّ الجِنَّ تَمْتطِي الثَّعَالِبَ والظِّباءَ والقَنَافِذَ ، وتَجْتَنِبُ الأَرانِبَ ، لمكانِ الحَيْضِ. يَقُول : هو مِنْ أُولئكَ الحَمْقَى.
والبُوهَةُ : الأَحْمَقُ.
وقال السُّكَّرِيُّ ، في شَرْحِ ديوان امْرِىءِ القَيْسِ :ويُرْوَى : «مُرَسَّعَةٌ» كمُعَظَّمَة ، وبرَفْعِ الهاءِ ، وهي تَمِيمَةٌ وهو أَنْ يُؤْخَذَ سَيْرٌ فيُخْرَقَ ، ويُدْخَلَ فيه سَيْرٌ ، فيُجْعَلَ في أَرْساغهِ ؛ دَفْعاً لِلْعَيْنِ ، فيَكُون على هذا رَفْعُهُ بالابْتِداءِ ، و «بَيْنَ أَرَساغِه» الخَبَر ، قال ابنُ بَرِّيّ : وهي رِوَايَةُ الأَصْمَعِيِّ ، ويُرْوى : «أَرْفاغِهِ» «وأَرْباقِه» ، «وأَرْساغِه».
وقِيلَ : رَسَّعَ الرَّجُلُ تَرْسِيعاً : أَقامَ فلم يَبْرَحْ من مَنْزِلِهِ ، ورَجُلٌ مُرَسِّعَةٌ : لا يَبْرَحُ من مَنْزلِةِ ، زادُوا الهاءَ للمُبَالَغَةِ ، وبه فَسَّرَ بَعْضُهُم بيتَ امْرِىءِ القَيْسِ السابقَ.
[رصع] : الرَصْعُ ، كالمَنْعِ : الضَّرْبُ باليَدِ ، قاله ابنُ دُرَيْدٍ.
وِقال اللَّيْثُ : الرَّصْعُ : شِدَّةُ الطَّعْنِ ، كالإِرْصَاعِ ، يُقَال :رَصَعَه بالرَّمْحِ يَرْصَعُه رَصْعاً ، وأَرْصَعَهُ : طعَنَهُ طَعْناً شديداً.
وِالرَّصْعُ : الإِقامَةُ ، يُقَال : رَصَعَ بالمكانِ ، أَي أَقام به.
وِقال ابنُ عَبّادٍ : الرَّصْعُ : دَقُّ الحَبِّ بينَ حَجَرَيْنِ ، كالارْتِصاعِ ، عن ابْنِ عَبّادٍ أَيْضاً.
__________________
(١) قال ابن اسحاق : «في سنة ست» انظر سيرة ابن هشام ٣ / ٣٠٢ ومعجم البلدان «المريسيع».
(٢) في اللسان : «شيئاً» وفي احدى نسخ التهذيب : «يخرق شيئاً ثم يدخل فيه شيئا».
(٣) الأبيات في ديوان امرىء القيس بن حجر الكندي بيروت ص ٧٤ والتهذيب والصحاح واللسان باختلاف بعض الألفاظ بينها وبين الديوان والأصل.
(٤) في التهذيب : حمقى العرب.