الصَّاغَانيّ. وحَقيقَةُ المُعَارَضَةِ حينَئذ أَن تَكُونَ كُلُّ مِنْهُمَا في عُرْضِ صَاحِبه.
وعَارَضَهُ في المَسِير : سَارَ حِيَالَهُ وحَاذَاه. ومنه حَديثُ أَبي سَعيدٍ : «فإِذا رَجلٌ يُقرِّبُ فرَساً في عِرَاضِ القَوْم» أَي يَسير حِذَاءَهُمْ مُعَارِضاً لهم. قلت : وبَيْن المُجانَبَةِ وبَيْن هذا شَبَهُ الضِّدِّ ، كما يَظْهَر عندَ التَّأَمُّل.
وعَارَضَ الكِتَابَ مُعَارَضَةً وعِرَاضاً : قَابَلَهُ بكِتَابٍ آخَرَ.
وعَارَضَ مُعَارَضَةً ، إِذَا أَخَذَ في عَرُوضٍ من الطَّرِيق ، أَي ناحيَةٍ منه وأَخَذَ آخَرُ في طريقٍ آخَرَ فالْتَقيَا. وقال ابن السِّكِّيت في قَوْل البَعِيث :
مَدَحْنَا لَهَا رَوْقَ الشَّبَابِ فَعَارَضَتْ |
|
جَنَابَ الصِّبَا في كَاتِم السِّرِّ أَعْجَمَا |
قال : عَارَضَتْ : أَخَذَتْ فيِ عُرْضٍ ، أَي نَاحِيَةٍ منه.
وقال غَيْرُهُ : عَارَضَتْ ، أَي دَخَلَتْ مَعَنَا فيه دُخُولاً لَيْسَت بمُبَاحِتَةٍ ، ولكنَّهَا تُرِينَا أَنَّهَا دَاخِلَةٌ مَعنا (١). وجَنَابُ الصِّبَا : جَنْبُهُ.
وعَارَضَ الجَنَازَةَ. ومنه الحَدِيث «أَن النَّبيَّ صَلَى الله عليه وسلّم عَارَضَ جَنَازَةَ أَبِي طالبٍ» ، أَيْ أَتَاهَا معْتَرِضاً في ، وفي بَعْض الأصُول : من بَعْضِ الطَّرِيقِ ولمْ يَتْبَعْهَا من مَنْزلِهِ.
وعَارَضَ فُلاناً بمِثْلِ صَنِيعِهِ أَي أَتَى إِلَيْه مِثْلَ ما أَتى عَلَيْه. ومنه حَدِيثُ الحسَنِ بْنِ عَلِىٍّ «أَنَّه ذَكَرَ عُمَرَ فَأَخَذَ الحُسَيْنُ في عِرَاضِ كَلامِه» أَي في مِثْلِ قَوْلِه ومُقَابِلِه ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ. وفي العُبَابِ : أَي قَابَلهُ وسَاوَاه بِمِثْل قَوْله ، قال : ومنه اشْتُقّتِ المُعَارَضَةُ ، كَأَنَّ عَرْضَ فِعْلِه كعَرْضِ فِعْلهِ ، أَي كأَنَّ عَرْضَ الشَّيْءِ بفعْلِه مِثْلُ عَرْضِ الشَّيْءِ الَّذِي فعَلَه ، وأَنْشدَ لطُفَيْلٍ الغَنَوِيّ :
وعارَضْتُهَا رَهْواً عَلَى مُتَتابِعٍ |
|
شَدِيدِ القُصَيْرَى خارِجِيٍّ ، مُجَنَّبِ |
ويُقالُ : ضَرَبَ الفَحْلُ النَّاقَةَ عِرَاضاً ، وذلِك أَنْ يُقَادَ إِليْهَا ، وعُرِضَ عَلَيْهَا لِيَضْرِبَهَا إِن اشْتَهاها. هكذا في سائر النُّسخِ ، والصَّوَابُ إِن اشْتَهَتْ ضَرَبَهَا وإِلاَّ فَلا ، وذلك لكَرَمِهَا ، كما في الصّحاح والعُبَاب ، وأَمَّا إِذا اشْتَهَاها فضَرَبَهَا لا يَثْبُتُ الكَرَمُ لها ، فَتَأَمَّل. وأَنْشَدَ للرَّاعِي :
قَلائصُ لا يُلْقَحْنَ إِلاَّ يَعَارَةً |
|
عِرَاضاً ولا يُشْرَيْنَ إِلاَّ غَوَالِيَا (٢) |
وقال أَبو عُبْيدٍ : يُقَالُ : لَقِحَتْ ناقَةُ فُلانٍ عِرَاضاً ، وذلكَ أَنْ يُعَارِضَهَا الفَحْلُ مُعَارَضَةً فيَضْرِبَها من غَيْرِ أَنْ تَكُونَ في الإِبِل الَّتِي كان الفَحْلُ رَسِيلاً فِيهَا.
ويُقَالُ : بَعِيرٌ ذُو عِرَاضٍ ، أَي يُعَارِضُ الشَّجَرَ ذَا الشَّوْكِ بِفِيهِ. كما في الصّحاح والعُباب.
ويُقَالُ : جَاءَت فُلانَةُ بوَلَدٍ عن عِرَاضٍ ، ومُعَارضَةٍ ، إِذا لَمْ يُعْرَفْ أَبُوهُ. والمُعَارَضَةُ : هي أَن يُعَارِضَ الرَّجُل المرأَةَ فيَأْتِيَها حَرَاماً ، أَي بِلا نِكَاحٍ ولا مِلْكٍ. نَقَله الصَّاغانِي.
ويُقَالُ : اسْتُعرِضَتِ النَّاقَةُ باللَّحْمِ ، فهِي مُسْتَعْرَضَةٌ ، كما يُقال : قُذِفَتْ باللَّحْمِ ، قال ابنُ مُقْبِل :
قَبَّاءُ قَدْ لَحِقَتْ خَسِيسَةُ سنِّهَا |
|
واسْتُعْرِضَت ببَعِيضِها المُتَبَتِّرِ |
كما في التَّكْمِلَة. وفي العُبَابِ : ببَضيعِها. قُلتُ :وكَذلِك لُدِسَت باللَّحْم. كُلُّ ذلِكَ مَعْنَاه إِذَا سَمِنَت.
وخَسِيسَةٌ سِنّهَا حِينَ بَزَلَتْ ، وهي أَقْصَى أَسْنَانِها.
واستَعْرَضَهُم الخَارِجِيُّ ، أَي قَتَلَهُم من أَيِّ وَجْهٍ أَمْكَن ، وأَتَى عَلى مَنْ قَدَرَ عليه مِنْهُم ، ولم يَسْأَلْ عن حَالِ أَحَدٍ مُسْلِمٍ أَو غَيْرِه ، ولَم يُبَالِ مَنْ قَتَل ، ومنه الحَدِيثُ : «فاسْتَعْرَضَهُمُ الخَوَارِجُ» وفي حَدِيثِ الحَسَن : «أَنَّه كانَ لَا يتأثَّمُ مِنْ قَتْل الحَرُورِيِّ المُسْتَعْرِضِ».
وعُرَيْضٌ ، كزُبَيْر : وَادٍ بالمَدِينَةِ ، على سَاكِنها أَفضَلُ الصَّلاة والسَّلام ، به أَمْوَالٌ لأَهْلِهَا ، ومنه حَدِيثُ أَبِي سُفْيَانَ «أَنَّه خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ حتَّى بَلَغَ العُرَيْضَ» ، ومنهالحدِيثُ الآخَرُ : «ساقَ خَليجاً من العُرَيْض».
قلتُ : وإِليْه نُسِب الإِمامُ أَبُو الحسَن علِيُّ بنُ جعْفِر بْنِ مُحمَّدِ بْنِ علِيّ بنِ الحُسيْن العُرَيْضِيُّ ، لأَنَّهُ نَزَل به وسَكنَه ، فأَولادُه العُرَيْضِيّون ، وبه يُعْرَفُون ، وفِيهم كَثْرةٌ ومَدَدٌ.
__________________
(١) زيد في اللسان : وليست بداخلة في كاتم السر أعجما أي في فعل لا يتبينه من يراه ، فهو مستعجم عليه وهو واضح عندنا.
(٢) ديوانه ص ٢٨٣ انظر تخريجه فيه ، وفي الديوان : «نجائب» بدل «قلائص» والبيت من قصيدة يمدح فيها بشر بن مروان.