بتَيْهَاءَ قَفْرٍ والمَطِيُّ كأَنَّهَا |
|
قَطَا الحَزْنِ قد كانَتْ فِرَاخاً بُيُوضُهَا |
ورَوْحَةُ ...
قُلتُ : وقَوْلُ عُمَرَ ، رَضِيَ اللهُ عنه ، الَّذِي سَبَقَ وَصَفَ فيه نَفْسَه وسِيَاسَتَهُ وحُسْنَ النَّظَرِ لِرَعِيَّتِهِ فقال : إِنِّي أَضُمُّ العَتُودَ ، وأُلْحِقُ القَطُوفَ ، وأَزْجُرُ الْعَرُوضَ.
قَال شَمِر : الْعَرُوضُ : العُرْضِيَّةُ مِنَ الْإِبِلِ الصَّعْبَةُ الرَّأْسِ الذَّلُولُ وَسَطُهَا ، التي يُحْمَلُ عَلَيْهَا ، ثم تُسَاقُ وَسَطَ الإِبِلِ المُحَمّلَةِ ، وإِنْ رَكِبَها رَجُلٌ مَضَتْ به قُدُماً ولا تَصَرُّفَ لِرَاكِبِهَا ، وإِنَّمَا قال : أَزْجُرُ العَرُوضَ لِأَنَّهَا تَكُونُ آخِرَ الإِبلِ.
وقال ابن الأَثِيرُ : العَرُوضُ : هي التي تَأْخذ يَمِيناً وشِمَالاً ولا تَلْزَمُ المَحَجَّةَ. يقُول : أَضْرِبُه حَتّى يَعُودَ إِلى الطَّرِيق ، جَعَلَه مَثَلاً لحُسْنِ سِيَاسَتِه للأُمَّة.
وتقول : ناقَةٌ عَرُوضٌ ، وفِيها عَرُوضٌ (١) إِذا كانَتْ رَيِّضاً لَمْ تُذَلَّلْ.
وقال ابنُ السِّكّيت : نَاقَةٌ عَرُوضٌ ، إِذَا قَبِلَتْ بَعْضَ الرِّياضَةِ ولم تَسْتَحْكِم.
و، من المَجَازِ : العَرُوضُ : مِيزَانُ الشِّعْرِ ، كما في الصّحاح ، سُمِّيَ به لِأَنَّهُ بِه يَظْهَرُ المُتَّزنُ مِنَ المُنْكَسِر عِنْدَ المُعَارَضَةِ بِهَا. وقوله : بِه هكَذا في النُّسَخ وصَوابُه : بِهَا ، لأَنَّهَا مُؤَنَّثَةٌ ، كما سَيَأْتِي ، أَو لأَنَّهَا ناحِيَةً من العُلُوم أَي من عُلُوم الشِّعْر ، كما نَقَلَه الصَّاغَانِيّ ، أَو لأَنَّهَا صَعْبَةٌ ، فهي كالنّاقَة التي لم تُذَلَّل ، أَوْ لِأَنَّ الشِّعْرَ يُعْرَض عَلَيْهَا (٢) ، فما وَافقَهُ كان صَحِيحاً ، وما خالَفَهُ كان فَاسِداً ، وهُوَ بعَيْنِه القَوْلُ الأَوَل ، ونَصّ الصّحاح : لأَنَّهُ يُعَارِضُ بِهَا. أَو لأَنَّهُ أُلْهِمَهَا الخَليلُ بن أَحْمَد الفَرَاهِيدِيّ بمَكَّةَ ، وهي العَرُوض. وهذا الوَجْهُ نَقَلَه بَعْضُ العَرُوضِيِّينَ.
وفي الصّحاح : العَرُوضُ أَيْضاً اسمٌ للجُزْءِ الأَخِيرِ من النِّصْفِ الأَوَّلِ من البَيْت ، زاد المُصَنّف : سالِماً كان أَوْ مُغَيَّراً. وإِنَّمَا سُمِّيَ به لأَنّ الثَّانِيَ يُبْنَى على الأَوَّلِ ، وهو الشَّطْرُ. ومنهم مَنْ يَجْعَلُ العَرُوضَ طَرَائِقَ الشِّعْرِ وعَمُودَه ، مِثْل الطَّوِيل. يُقَال : هو عَرُوضٌ وَاحِدٌ ، واخْتِلافُ قَوَافِيهِ تُسَمَّى ضُرُوباً.
وقال أَبُو إِسْحَاقَ. وإِنَّمَا سُمِّيَ وَسَطُ البَيْت عَرُوضاً ، لأَنَّ العَرُوضَ وَسَطُ البَيْت من البِنَاء ، والبَيْتُ من الشِّعْر مَبْنِيٌّ في اللَّفْظ على بِنَاءِ البَيْتِ المَسْكُونِ لِلْعَرَبِ ، فقِوَامُ البَيْتِ مِن الكَلامِ عَرُوضُه ، كَمَا أَنّ قِوَامَ البَيْتِ من الخِرَقِ العَارِضَة التي في وسَطِه ، فهي أَقْوَى مَا فِى بَيْتِ الخِرَقِ ، فلِذلِكَ يَجِبُ أَنْ تَكونَ العَرُوضُ أَقْوَى من الضَّرْبِ ، أَلَا تَرَى أَنَّ الضُّرُوبَ النَّقْصُ فيها أَكْثَرُ منه في الأَعَارِيضِ.
وهي مُؤَنَّثَةٌ ، كما في الصّحاح ، ورُبَّمَا ذُكِّرت ، كما فِي اللّسَان ، ولا تُجْمَعُ لِأَنَّهَا اسمُ جِنْس ، كَمَا فِي الصَّحاح.
وقال في العَرُوضِ ، بِمَعْنَى الجُزْءِ الأَخِيرِ إِنَّ ج : أَعَارِيضَ ، على غَيْرِ قِيَاسٍ ، كَأَنّهُم جَمَعُوا إِعْرِيضاً ، وإِنْ شِئْتَ جَمَعْتَه على أَعَارِضَ ، كما في الصّحاح.
والعَرُوضُ : النَّاحِيَةُ. يُقَال : أَخَذَ فُلانٌ في عَرُوضٍ ما تُعْجِبُني. أَي في طَرِيقٍ ونَاحِيَةٍ. كذا نَصّ الصّحاح. وفي العُبَابِ : أَنْتَ مَعِي في عَرُوضٍ لا تُلائِمُنِي ، أَي في ناحِيَة.
وأَنشد :
فإِنْ يُعْرِضْ أَبُو العَبّاسِ عَنِّي |
|
ويَرْكَبْ بِي عَرُوضاً عن عرُوضِ |
قال : ولِهذا سُمِّيَت النَّاقَةُ الَّتِي لم تُرَضْ عَرُوضاً ، لأَنَّها تَأْخُذُ في نَاحِيَةٍ غَيْرِ النّاحِيَةِ الَّتِي تَسْلُكُهَا.
وأَنْشَدَ الجَوْهَرِيّ للأَخْنَسِ بْنِ شِهَابٍ التَّغْلِبِيّ :
لكُلِّ أَنَاسٍ مِن مَعَدَّ عِمَارَةٌ |
|
عَرُوضٌ إِلَيْهَا يَلْجَؤُون وجانِبُ |
يقول لِكُلّ حَيٍّ حِرْزٌ إِلاّ بَنِي تَغْلِبَ فإِنَّ حَرْزَهُم السُّيُوفُ.
وعِمَارة خَفْضٌ ، لأَنَّه بَدَلٌ من أُناس ، ومن رَواه عُرُوضٌ ، بالضَّمّ جعله جَمْعَ عَرْضٍ ، وهو الجَبَلُ ، كما في الصّحاح.
قال الصَّاغَانِيّ : ورواية الكُوفِيّين عَمَارَةٌ بفَتْح العَيْن ورَفْع الهاءِ.
والعَرُوضُ : الطَّرِيقُ في عُرْضِ الجَبَلِ ، وقِيلَ : ما اعْتَرَضَ منه في مَضِيقٍ ، والجَمْع عُرْضٌ. ومنه حَدِيثُ أَبِي
__________________
(١) زيد في اللسان : وناقة عُرْضيّة وفيها عُرْضيّة.
(٢) على هامش القاموس عن نسخة أخرى : «عليه».