ويُقَالُ : وَرَطَهَا وأَوْرَطَها : سَتَرَها ، عن ابنِ الأَعْرَابِيِّ.
[وسط] : الوَسَطُ ، مُحَرَّكَةً ، من كُلِّ شَيْءٍ : أَعْدَلُهُ.
ويُقَالُ : شَيْءٌ وَسَطٌ ، أَيْ بَيْنَ الجَيِّدِ والرَّدِيءِ ، ومِنْهُ قَوْلُه تَعالَى : (وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً) وَسَطاً (١) ، قال الزّجاجُ : فيه قَوْلانِ ، قال بَعْضُهُم : أَيْ عَدْلاً ، وقالَ بَعْضُهُم : خِيَاراً.
واللّفْظَانِ مُخْتَلِفَانِ والمَعْنَى وَاحِدٌ ، لِأَنَّ العَدْلَ خَيْرٌ ، والخَيْرَ عَدْلٌ.
ووَاسِطَةُ الكُورِ ، وَوَاسِطُهُ ، الأُولَى عن اللِّحْيَانِيِّ :مُقَدَّمُهُ ، وعَلَى الثانِيَةِ اقْتَصَرَ الجَوْهَرِيّ. وأَنْشَدَ لِطَرَفَةَ :
وإِنْ شِئْتُ سَامَى وَاسِطَ الكُورِ رَأْسُها |
|
وعَامَتْ بِضَبْعَيْهَا نَجَاءَ الخَفَيْدَدِ |
وأَنشد الصّاغَانِيُّ لِأُسامَةَ الهُذَلِيِّ يَصِفُ مَتْلَفاً :
تَصِيحُ جَنَادِبُه رُكَّداً |
|
صِياحَ المَسامِيرِ في الوَاسِطِ |
وقال اللَّيْثُ : وَاسِطُ الكُورِ ووَاسِطَتُه : ما بَيْنَ القَادِمَةِ والآخِرَةِ. قال الأَزْهريُّ : لَمْ يَتَثَبَّت اللَّيْثُ في تَفْسِيرِ وَاسِطِ الرَّحْلِ (٢) ، وإِنَّمَا يَعْرِفُ هذا مَنْ شاهَدَ العَرَبَ. ومَارَسَ شَدَّ الرِّحالِ عَلَى الإِبِلِ (٣) ، فَأَمَّا مَنْ يُفسِّرُ كَلامَ العَرَبِ على قِيَاساتِ الأَوْهَامِ فإِنَّ خَطَأَهُ يَكْثُرُ. وللرَّحْلِ شَرْخَانِ ، وهُمَا طَرَفاه مِثْلُ قَرَبُوسَيِ السَّرْجِ ، فالطَّرَفُ الَّذِي يَلِي ذَنَبَ البَعِيرِ : آخِرَةُ الرَّحْلِ ومُؤْخرَتُه ، والطَّرَفُ الَّذِي يَلِي رَأْسَ البَعِيرِ : وَاسِطُ الرَّحْلِ ، بِلا هاءٍ ، ولَمْ يُسَمَّ وَاسِطاً لأَنَّهُ وَسَطٌ بين الآخِرَةِ والقَادِمَةِ ، كما قال اللَّيْثُ. ولا قادِمَةَ لِلرَّحْلِ بَتّةً ، إِنّمَا القادِمَةِ الوَاحِدَةُ مِنْ قَوَادِمِ الرِّيش. ولضَرْعِ الناقَةِ قادِمانِ وآخِرَان ، بِلا هاءٍ. وكَلامُ العَرَبِ يُدَوَّنُ في الصُّحْفِ مِنْ حَيْثُ يَصِحُّ ، إِمَّا أَنْ يُؤْخَذَ عن إِمامٍ ثِقَةٍ عَرَفَ كَلامَ العَرَبِ وشاهَدَهُمْ ، أَوْ يُقْبَلَ (٤) من مُؤَدٍّ ثِقَةٍ يَرْوِي عن الثِّقَاتِ المَقْبُولِينَ. فَأَمَّا عِبَارَاتُ مَنْ لا مَعْرِفَةَ لَهُ ولا أَمانَةَ (٥) فإِنَّهُ يُفْسِدُ الكَلَامَ ويُزِيلُه عن صِيغَتِه.
قال : وقَرَأْتُ في كِتَابِ ابنِ شُمَيْلٍ في بابِ الرَّحَالِ قال :وفي الرَّحْلِ وَاسِطُه وآخِرَتُهُ ومَوْرِكُه ، فَوَاسِطُهُ مُقَدَّمُهُ الطَّوِيلُ الَّذِي يُحَاذِي صَدْرَ الراكِبِ ، وأَمَّا آخِرَتُهُ فمُؤْخرَتهُ ؛ وهي خَشَبَتُه الطَّوِيلَةُ العَرِيضَةُ الَّتِي تُحَاذِي رَأْسَ الراكِبِ. قالَ :والآخِرَةُ والوَاسِطُ : الشَّرْخَانِ ، ويُقَالُ : رَكِبَ بَيْنَ شَرْخَيْ رَحْلِهِ ، وهذا الَّذِي وَصَفَهُ النَّضْرُ كُلُّهُ صَحِيحٌ لا شَكَّ فيه.
ووَاسِطٌ ، مُذَكَّراً مَصْرُوفاً ، لِأَنَّ أَسْمَاءَ البُلْدَانِ الغالِبُ عَلَيْهَا التَّأْنِيثُ وتَرْكُ الصَّرْف ، إِلاَّ مِنًى والشَّأْمَ ، والعِرَاقَ ، ووَاسِطاً ، ودَابِقاً ، وفَلْجاً وهَجَراً فإِنَّهَا تُذَكَّرُ وتُصْرَفُ ، كَمَا في الصّحاحِ ، وقَدْ يُمْنَعُ إِذا أَرَدْتَ بِها البُقْعَةَ والبَلْدَةَ ، كما قال الشاعر :
مِنْهُنّ أَيّامُ صِدْقٍ قَدْ عُرِفْتَ بِهَا |
|
أَيّامُ وَاسِطَ والأَيّامُ مِنْ هَجَر |
هكَذَا في الصّحاح (٦) ، وهُوَ قَوْلُ الفَرَزْدَقِ يَرْثِي به عَمْرو بنَ عُبَيْدِ الله بنِ مَعْمَرٍ ، وصَوَابُهُ : مِنْ هَجَرَا ، فإِنَّ أَوّلَ الأَبْيَاتِ :
أَمَّا قُرَيْشٌ أَبا حَفْصٍ فَقَدْ رُزِئَتْ |
|
بالشَّامِ ـ إِذْ فارَقَتْكَ ـ السَّمْعَ والبَصَرا |
كَمْ مِنْ جَبانٍ إِلَى الهَيْجا دَلَفْتَ بِه |
|
يَوْمَ اللِّقَاءِ ولَوْلا أَنْتَ ما جَسَرا |
د ، بالعِراقِ ، اخْتَطَّها ، هكَذَا في النُّسَخِ ، وصَوَابُه اخْتَطَّه الحَجَّاجُ بنُ يُوسُفَ الثَّقَفِيُّ في سَنَتَيْنِ بَيْنَ الكُوفَةِ والبَصْرَةِ ، ولِذلِكَ سُمِّيَتْ وَاسِطاً ، لأَنَّهَا مُتَوَسِّطَةٌ بَيْنَهُمَا ، لِأَنّ مِنْها إِلى كُلٍّ مِنْهُمَا خَمْسِينَ فَرْسَخاً قال ياقُوت : لا قَوْلَ فِيهِ غَيْرَ ذلِكَ إِلاَّ ما ذَهَبَ إِلَيْهِ بَعْضُ [أهل اللغة] (٧) حِكَايَةً عَنِ الكَلْبِيِّ.
وهُوَ قَوْلُ المُصَنِّف. ويُقَالُ لَهُ : وَاسِطُ القَصَبِ أَيْضاً ، فَلَمَّا عَمَّرَ الحَجّاجُ مَدِينَتَهُ (٨) سَمّاهَا باسْمِهِ ، أَوْ هُوَ قَصْرٌ كانَ قَدْ بَنَاهُ الحَجّاجُ أَوّلاً قَبْلَ أَنْ يُنْشِىءَ البَلَدَ ، ثُمَّ لَمّا بَنَاهُ سُمِّيَ بِهِ. ومِنْهُ المَثَلُ : «تَغافَلْ كَأَنَّكَ واسطِيٌّ». قال المُبَرِّدُ :
__________________
(١) سورة البقرة الآية ١٤٣.
(٢) في التهذيب : قال الأزهري : قلت أخطأ الليث في تفسير واسط الرحل ولم يُثبته.
(٣) في التهذيب : «على الرواحل» والأصل كاللسان.
(٤) الأصل واللسان ، وفي التهذيب : أو يُتلقّى عن مؤدٍ.
(٥) الأصل واللسان ، وفي التهذيب : ولا مشاهدة.
(٦) الذي في الصحاح «من هجرا» ومثله في معجم البلدان واللسان وعقب ياقوت بعد إيراده البيت : ولقائل أن يقول : إنه لم يرد واسط هذه فيرجع إلى ما قاله أبو حاتم. يعني أنه مذكر ومنصرف. كما تقدم عن الصحاح.
(٧) زيادة عن معجم البلدان «واسط».
(٨) عن معجم البلدان وبالأصل «مدينة».