القِرَاطُ : المَصَابِيحُ ، وقيل : السّرجُ ، الواحِدُ : قُرْطٌ. وبه فَسَّر بعضُهم قولَ المُتَنَخِّلِ الهُذَلِيِّ السّابِق.
أَو قِرَاطُ المِصْبَاحِ : شُعْلَتُه ، ما احْتَرَقَ من طَرَفِ الفَتِيلَةِ ، نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ.
والقُرُوطُ ، بالضَّمِّ : بُطُونٌ من بَنِي كِلَابٍ ، وهم إِخْوةٌ ، أَسماؤهم : قُرْطٌ ، وقَرِيطٌ ، وقُرَيْطٌ ، كقُفْلٍ وأَمِيرٍ وزُبَيْرٍ ، قاله ابنُ دُرَيْدٍ. ولم يَزِدْ على الاثْنَيْن الأَوَّلَيْن. وقال ابنُ حَبِييب في «جَمْهَرَة نَسَبِ قَيْسِ عَيْلانَ» : القُرَطَاءُ ، وهم : قُرْطٌ ، وقَرِيطٌ ، وقُرَيْطٌ ، بنُو عَبْدِ بنِ أَبِي بَكْرِ بنِ كِلابٍ. وقال ابنُ الجَوّانِيِّ في المُقَدَّمةِ الفاضِلِيَّةِ : فأَمَّا عَبْدُ بن أَبِي بَكْرِ بنِ كِلَابٍ فمن العَشَائِرِ ، لصُلْبِه بنو قُرْطٍ وبَنُو قُرَيْطٍ ، وهُم القُرَطَة. وفي أَنسابِ أَبِي عُبَيْدٍ القاسِمِ ابنِ سَلاّم : وهم القُرَطاء الَّذِين غزاهُم النَّبِيُّ صلَّى الله عليهِ وسَلَّم (١).
والقَرْطِيَّةُ ، بالفَتْح ، وعليه اقْتَصَرَ الصّاغَانِيُّ ، وتُضَمُّ ، كما في المُحْكَمِ : ضَرْبٌ من الإِبِلِ مَنْسُوب إِلى حَيٍّ من مَهْرَةَ ، يقال لهم : قُرْطٌ ، أَو قَرْطٌ ، وأَنْشدَ ابنُ دُرَيْدٍ ، ورَوَاه بالفَتْح :
أَما تَرَى القَرْطِيَّ يَفْرِي نَتْقا
النَّتْقُ : النّفْضُ ، وأَنْشَدَ في المُحْكَمِ قولَ الرّاجِزِ :
قال لِي القرْطيُّ قَوْلاً أَفْهَمُهْ |
|
إِذْ عَضِّهُ مَضْرُوسُ قِدٍّ يأْلَمُهْ |
والقُرَيْطُ ، كزُبَيْرٍ : فرَسٌ لكِنْدَةَ ، وكذلِكَ سَاهِمٌ ، قال سُبَيْعُ ابنُ الخَطِيمِ التّيْمِيُّ :
أَرْبَابُ نَخْلَةَ والقُرَيْطِ وسَاهِمٍ |
|
أَنّى هُنالِكَ آلِفٌ مَأْلُوفُ (٢) |
نَخْلَة (٣) : فَرَسُ سُبَيْعِ بنِ الخَطيمِ.
والقِيرَاطُ والقِرَاطُ (٤) ، بكَسْرِهِما ، الثّانِيَةُ ككِتَابٍ ، وعلى الأُولَى اقْتَصَر الجَوْهَرِيُّ : نِصْفُ دَانِقٍ ، وأَصْلُه قِرّاطٌ ، بالتَّشدِيدٍ ، لأَنَّ جَمْعَه قَرَارِيطُ ، فأُبْدِلَ من أَحَد حَرْفَيْ تَضْعِيفِه يَاء ، على ما ذَكَرْنَاهُ في دِينارٍ ، هذا نَصُّ الجَوْهَرِيِّ ، ومثله في العُبابِ.
وقال ابنُ دُرَيْدٍ : أَصْلُ القِيرَاطِ من قَوْلِهِمْ : قَرَّط عليه : إِذا أَعْطَاه قَلِيلاً [قليلا] (٥) ونَقَل شيخُنَا عن «مُمْتِع» ابنِ عُصْفورٍ ، وشَرْحِ التَّسْهِيل لأَبِي حَيّان وغيرِهِمَا : أَنَّ الياءَ أُبْدِلَت من الرَّاءِ في قِيراط على جِهَة اللُّزُوم ، وأصله قِرّاطٌ ، لقولِهِم : قَرَارِيطُ ، وزاد في اللِّسَانِ : كما قالُوا دِيباجٌ وجَمَعه (٦) دَبَابِيجُ ، وفي الرَّوْضِ للسُّهَيْلِيِّ : ولم يَقُولوا : قَيارِيط.
وقولُ شَيخِنا : ففِي كَلامِ المُصَنِّفِ مُخَالَفَةٌ وإِنْ قَلَّد العُبَابَ ، فهؤُلاءِ أَعْرَفُ بطُرُقِ الصَّرْفِ مِنْهُمَا مَحَلُّ نَظَرٍ ، فإِنَّ المُصَنِّفَ لمْ يُقَلِّدِ الصّاغَانِيَّ في هذِه المسأَلة ، بل هو نَصُّ الجَوْهَرِيِّ وغيرِه من أَئمَّةِ اللُّغَةِ والصَّرْفِ ، وكأَنَّهُ ظَنَّ أَنَّ القِراطَ في قولِ المصنّف بالكَسْرِ والتَّشْدِيدِ ، وإِنَّمَا هو ككِتَابٍ ، كما نَبَّهْنَا عليه ، ولا مُخَالَفَةَ بينَ كَلامِ الجَوْهَرِيِّ وكَلامِ شُرَاحِ التَّسْهِيل ، فتأَمَّلْه. وقد مَرَّ البَحْثُ في ذلِكَ في «د بج» و «د نر» مُسْتَوْفًى ، فراجِعْه.
وفي العُبَابِ : يَخْتَلِفُ وَزْنُه ، أَي القِيراط بِحَسَبِ اخْتِلافِ البِلادِ ؛ فبمَكَّةَ ، شَرَّفَها الله تَعَالَى ، رُبْعُ سُدْسِ دِينَارٍ. وبالعِراقِ نِصْفُ عُشْرِهِ. وقال ابنُ الأَثِير : القِيرَاطُ : جُزْءٌ من أَجزاءِ الدِّينَارِ ، وهو نِصْفُ عُشْرِهِ في أَكْثَرِ البِلادِ.
وأَهْلُ الشّامِ يَجْعَلُونَه جُزْءًا من أَرْبَعَةٍ وعِشْرِينَ.
قلتُ : واتَّفَقَ أَهْلُ مِصْرَ أَنَّهُم يَمْسَحُون أَرْضَهُم بقَصَبَةٍ طولُهَا خَمْسَةُ أَذْرُعٍ بالنَّجّارِيِّ ، فمَتَى بَلَغَت المِسَاحَةُ أَرْبَعَمِائَةَ قَصَبَةٍ فاسْمُها الفَدّانُ ، ثم أَحْدَثُوا قَصَبَةً حاكِمِيَّةً طولُها سِتَّةُ أَذْرُعٍ ورُبْعُ سُدُسٍ بالذِّراعِ المِصْرِيِّ ، وجَعَلُوا القَصَبَتَيْن في الضَّرْبِ بدَانِق ، والثَّلاثَةَ إِلى الأَرْبَعَةِ ، والخَمْسَةَ إِلى السَّبْعَةِ بحَبَّةٍ ، والثَّمَانِيَةَ نصفَ القِيرَاطِ ، والعشرَ بحَبَّتَيْن وهكَذَا إِلى المائةِ تَنْقُصُ قَصَبَتَيْن وبعضَ قَصَبَةٍ برُبْعِ فَدَّانٍ. كذا وَجَدْتُه في بعض الكُتُبِ المُؤَلَّفَةِ في فَنَّ المِسَاحَةِ.
__________________
(١) في جمهرة ابن حزم ص ٢٨٢ القُرَطاء : قُرْط وقُرَيط وقُرَيطة. وفي المعارف لابن قتيبة ص ٤٠٠ جعل الثالث : مقرطا.
(٢) البيت في معجم البلدان «القريط» وجعل القريط موضعاً.
(٣) في اللسان «نحل» : نحلة ، بالحاء المهملة.
(٤) ضبطت في القاموس بتشديد الراء ، والمثبت ككتاب كما نص عليه الشارح.
(٥) زيادة عن التهذيب واللسان.
(٦) عن التهذيب وبالأصل «وأصله» وفي اللسان : وجمعوه.