وانْتِصَابُ قوله : (رُطَباً جَنِيًّا) على التَّمْيِيز المُحَوَّلِ ، أَراد يَسّاقَط رُطَبُ الجِذْع ، فلمّا حُوِّل الفِعْلُ إِلى الجِذْع خَرَجَ الرُّطَبُ مُفَسِّراً ، قال الأَزْهَرِيُّ : هذا قَوْلُ الفَرّاءِ. فهو سَاقِطٌ وسَقُوطٌ ، كصَبُورٍ ، المُذَكَّرُ والمُؤَنَّثُ فيه سوَاءٌ ، قال :
مِنْ كُلِّ بَلْهَاءَ سَقُوطِ البُرْقُعِ |
|
بَيْضَاءَ لم تُحْفَظْ ولم تُضَيَّعِ |
يعني أَنَّهَا لم تُحْفَظْ من الرِّيبَة ولم يُضَيِّعْهَا وَالِدَاهَا.
والمَوْضِعُ : مَسْقِطٌ كمَقْعَدٍ ومَنْزِلٍ الأُولَى نادِرَةٌ نَقَلَهَا الأَصْمَعِيُّ ، يُقَال : هذا مَسْقَط الشَّيْءِ ومَسْقِطُهُ ، أَي مَوضِعُ سُقُوطِه.
وقال الخَلِيلُ : يُقَال : سَقَطَ الوَلَدُ من بَطْنِ أُمِّهِ ، أَي خَرَجَ ، ولا يُقَال : وَقَعَ ، حِينَ تَلِدُه ، نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ والصّاغَانِيُّ. وفي الأَساسِ : ويُقَال : سَقَطَ المَيِّتُ من بَطْنِ أُمِّه ، ووَقَعَ الحَيُّ.
ومن المَجَازِ : سَقَطَ الحَرُّ يَسْقُطُ سُقُوطاً ، أَي وَقَعَ ، وأَقْبَلَ ونَزَلَ.
ويُقَال : سَقَطَ عَنَّا الحَرُّ ، إِذا أَقْلَعَ ، عن ابْنِ الأَعْرَابِيِّ ، كأَنَّه ضِدٌّ.
ومن المَجَازِ : سَقَطَ في كَلامِه وبِكَلامِه سُقُوطاً ، إِذا أَخْطَأَ ، وكذلِكَ أَسْقَطَ في كَلامِه.
ومن المَجَازِ : سَقَطَ القومُ إِليَّ سُقُوطاً : نَزَلُوا عَلَيَّ ، وأَقْبَلُوا ، ومنه الحَدِيثُ : «فَأَمَّا أَبو سَمّالٍ (١) فسَقَطَ إِلى جِيرَانٍ له» أَي أَتَاهُمْ «فأَعَاذُوهُ (٢) وسَتَرُوهُ».
ومِنَ المَجَازِ : هذا الفِعْلُ مَسْقَطَةٌ له من أَعْيُنِ النّاسِ ، وهو أَنْ يَأْتِيَ بما لا يَنْبَغِي. نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ ، والزَّمَخْشَرِيُّ ، وصاحِبُ اللِّسَانِ.
ومَسْقِطُ الرَّأْسِ : المَوْلِدُ ، رَوَاه الأَصْمَعِيُّ بفتح القافِ ، وغيرُه بالكَسْر ، ويُقَال : البَصْرَةُ مَسْقَطُ رَأْسِي ، وهو يَحِنُّ إِلى مَسْقَطِهِ ، يعني حَيْثُ وُلِدَ ، وهو مَجَازٌ ، كما في الأَسَاسِ.
وتَسَاقَطَ الشَّيْءُ : تَتَابع سُقُوطُهُ.
وسَاقَطَهُ مُسَاقَطَةً ، وسِقَاطاً : أَسْقَطَه ، وتَابَعَ إِسْقَاطَهُ ، قال ضابِىءُ بنُ الحارِثِ البُرْجُمِيُّ يَصِفُ ثَوْراً والكلابَ :
يُسَاقِطُ عنه رَوْقُهُ ضَارِيَاتِهَا |
|
سِقَاطَ حَدِيدِ القَيْنِ أَخْوَلَ أَخْوَلَا |
قوله : أَخْوَلَ أَخْوَلَا ، أَي مُتَفَرِّقاً ، يعني شَرَرَ النَّارِ.
والسُّقْطُ ، مُثَلَّثَةً : الوَلَدُ يَسْقُطُ من بَطْنِ أُمِّه لِغَيْرِ تَمَامٍ ، والكَسْرُ أَكثرُ ، والذَّكَرُ والأُنْثَى سَواءٌ ومِنهُ الحَدِيثُ : «لأَنْ أُقَدِّمَ سِقْطاً أَحَبُّ إِليَّ من مِائَةِ مَسْتَلْئِمٍ» المُسْتَلْئِم : لابِسُ عُدَّةِ الحَرْبِ ، يَعني أَنَّ ثَوَابَ السِّقْطِ أَكْثَرُ من ثَوابِ كِبَار الأَوْلادِ (٣).
وفي حَدِيثٍ آخَرَ : «يُحْشَرُ ما بَيْنَ السِّقْطِ إِلى الشَّيْخِ الفانِي مُرْداً جُرْداً مُكَحَّلِينَ أَولِي أَفَانِينَ». وهي الخُصَل من الشَّعرِ ؛ وفي حَدِيثٍ آخَرَ : «يَظَلُّ السِّقْطُ مُحْبَنْطِئاً على باب الجَنَّة» ويُجْمَع السِّقْطُ على الأَسْقاطِ ، قال ابْنُ الرُّومِيّ يَهْجُو وَهْباً عند ما ضَرَط :
يا وَهْبُ إِنْ تَكُ قد وَلَدْت صَبِيَّةً |
|
فبحَمْلِهم سَفراً عليكَ سِبَاطَا |
مَنْ كانَ لا يَنْفَكُّ يُنْكَح دَهْرَهُ |
|
وَلَدَ البَنَاتِ وأَسْقَطَ الأَسْقاطَا |
وقد أَسْقَطَتْهُ أُمُّه إِسْقَاطاً ، وهي مُسْقِطٌ ، ومُعْتَادَتُه : مِسْقَاطٌ ، وهذا قد نَقَلَه الزَّمَخْشَرِيُّ في الأَسَاس. وعِبَارَةُ الصّحاحِ والعُبَابِ : وأَسْقَطَت النّاقَةُ وغَيْرُها ، إِذا أَلْقَتْ وَلَدَهَا ، والَّذِي في أَمَالِي القَالِي ، أَنَّه خاصٌّ بِبَنِي آدَمَ ، كالإِجْهَاضِ للنّاقَةِ ، وإِليه مال المُصَنِّف. وفي البَصَائر : في أَسْقَطَت المَرْأَةُ ، اعْتُبِرَ الأَمْرَانِ : السُّقُوطُ من عالٍ ، والرَّدَاءَةُ جميعاً ، فإِنَّهُ لا يُقَال أَسْقَطت المرأَةُ إِلاّ في الّذِي تُلْقِيه قَبْلَ التَّمَامِ ، ومنه قِيلَ لذلِكَ الوَلَدِ : سِقْطٌ (٤).
قال شَيْخُنَا : ثُمَّ ظَاهِرُ المُصَنِّف أَنَّهُ يُقَال : أَسْقَطَت الوَلَدَ ، لأَنَّهُ جاءَ مُسْنَداً للضَّمِيرِ في قَوْلِهِ : أَسْقَطَتْهُ ، وفي المِصْباحِ ، عن بَعْضِهِم : أَماتَت العرَبُ ذِكَرْ المفعولِ فلا يَكَادُونَ يقولون : أَسْقَطَت سِقْطاً ، ولا يُقَال : أُسْقِطَ الوَلَدُ ،
__________________
(١) عن اللسان وبالأصل «أبو سماك».
(٢) عن اللسان وبالأصل «فأمادوه».
(٣) زيد في النهاية واللسان : لأن فعل الكبير يخصه أجره وثوابه ، وإن شاركه الأب في بعضه ، وثواب السقط موفر على الأب.
(٤) انظر مفردات الراغب مادة سقط ص ٢٤١.