شَوْكَةٌ ، وله وَرَقٌ دِقَاقٌ على قَدْرِ الكُرّاثِ أَوَّل ما يَخْرُج الكُرّاثُ. قال الصاغَانِيُ : والسَّبَطُ مِمّا إِذا جَفَّ ابْيَضَّ ، وأَشْبَه الشَّيْبَ بمَنْزِلَةِ الثَّغَامِ (١) ، ولِذَا قال ابنُ هَرْمَةَ :
رَأَتْ شَمَطاً تَخُصُّ به المَنَايَا |
|
شَوَاةَ الرَّأْسِ كالسَّبَطِ المُحِيلِ |
وقالَ الأَزْهَرِيُّ : السَّبَط : الشَّجَرَةُ لها أَغصانٌ كَثِيرَةٌ وأَصْلُهَا وَاحِدٌ. قالَ ومِنْهُ اشْتِقَاقُ الأَسْبَاطِ ، كأَنَّ الوَالِدَ بمَنْزِلَة الشَّجَرَةِ ، والأَولادَ. بمَنْزِلَة أَغْصانِهَا.
والسِّبْطُ ، بالكَسْرِ : وَلَدُ الوَلَدِ ، وفي المُحْكَمِ : وَلَدُ الابْنِ والابْنَةِ ، وفي الحَدِيث : «الحَسَنُ والحُسَيْنُ سِبْطَا رَسُولِ الله صلىاللهعليهوسلم ورَضِيَ عَنْهُما.
والسِّبْط : القَبِيلَةُ من اليَهُودِ وهُمُ الَّذِينَ يَرْجِعُونَ إِلى أَبٍ وَاحِدٍ ، سُمِّيَ سِبْطاً لِيُفْرَقَ بينَ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ ووَلَدِ إِسحاق عليهِما السَّلامُ ، ج أَسْبَاطٌ.
وقال أَبُو العَبّاسِ : سأَلْتُ ابنَ الأَعْرَابِيِّ : ما مَعْنَى السِّبْطِ في كَلامِ العَرَب؟ قال : السِّبْطُ والسِّبْطَانُ والأَسْباطُ : خاصَّةُ الأَوْلادِ والمُصَاصُ (٢) مِنْهُم. وقال غَيْرُه : الأَسْباط : أَولادُ الأَوْلادِ وقِيل : أَوْلادُ البَناتِ.
قلْت : وهذا القَوْلُ الأَخِيرُ هو المَشْهُورُ عندَ العامَّة ، وبه فَرَّقُوا بَيْنَهَا وبينَ الأَحْفادِ ، ولكِنّ كلامَ الأَئمَّةِ صَرِيحٌ في أَنَّه يَشْمَلُ وَلَدَ الابْنِ والابْنَة ، كما صَرَّحَ به ابنُ سِيدَه.
وقال الأَزْهَرِيُّ : الأَسْبَاطُ في بَنِي إِسحاقَ بمَنْزِلَةِ القَبَائِلِ في بَنِي إِسْمَاعِيلَ ، صَلَوَات الله عليهِمَا. يُقَال : سُمُّوا بذلِكَ ليُفْصَلَ بينَ أَوْلَادِهِمَا. قال : ومَعْنَى القَبِيلَةِ مَعْنَى الجَمَاعَة ، يُقَال لِكُلِّ جَماعَةٍ من أَبٍ وأُمٍّ : قَبِيلَةٌ ، ويقال لكلّ جمعٍ من آباءٍ شَتَّى : قَبيلٌ ، بِلا هاءٍ. وقولُه تعالى : وَقَطَّعْناهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْباطاً (أُمَماً) (٣) أَسْبَاطٌ : بَدَلٌ من قَوْلهِ (اثْنَتَيْ عَشْرَةَ) ، لا تَمْيِيزٌ ، لأَنَّ المُمَيِّز إِنّما يَكُون وَاحِداً. وقال الزَّجّاجُ : المَعْنَى : وقَطَّعْنَاهُم اثْنَتَيْ عَشْرَةَ فِرْقَةً أَسْبَاطاً ، فأَسباطاً من نَعْتِ فِرْقة ، كأَنَّهُ قال : وجَعَلْناهُم أَسْبَاطاً. قالَ : وهو الوَجْه.
وفي الصّحاحِ : وإِنَّمَا أَنَّث لأَنَّه أَرادَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ فِرْقَةً ، ثمّ أَخْبَرَ أَنَّ الفِرَقَ أَسْبَاطٌ ، وليس الأَسْبَاطُ بتَفْسِيرٍ ، ولكِنَّه بَدَلٌ من اثْنَتَيْ عَشْرَةَ ، لأَنَّ التَّفْسِيرَ لا يَكُونُ إِلاّ وَاحِداً مَنْكُوراً ، كقَوْلِكَ : اثْنَا عَشَر دِرْهَماً ، ولا يَجُوز دَرَاهِمَ.
قلتُ : وهذا الَّذِي نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ هو قولُ الأَخْفَشِ ، غيرَ أَنَّه قالَ بعد قَولِه : ثم أَخْبَرَ أَنَّ الفِرَقَ أَسْبَاطٌ ، ولم يَجْعَل العَدَدَ وَاقِعاً على الأَسْبَاطِ. قال أَبُو العَبّاسِ : هذَا غَلَطٌ ، لا يَخْرُج العَدَدُ على غَيْرِ الثّاني ، ولكِنّ الفِرَقَ قبل اثْنَتَيْ عَشَرَةَ ، حَتّى يَكونَ (اثْنَتَيْ عَشْرَةَ) مُؤَنَّثَةً على ما فِيها (٤) ، كَأَنَّه قال : وقَطَّعْنَاهُم فِرَقاً اثْنَتَيْ عَشْرَةَ ، فيَصِحُّ التَّأْنِيثُ لمّا تَقَدَّم.
وقال قُطْربٌ : وَاحدٌ الأَسْبَاط سِبْط ، يُقَال : هذا سِبْطٌ وهذِه سِبْطٌ ، وهؤُلاءِ سِبْطٌ ، جَمْعٌ ، وهي الفِرْقَةُ.
وفي الحَدِيثِ : «حُسَيْنٌ مِنِّي وأَنا منْ حُسَيْنٍ ، أَحَبَّ اللهُ مَنْ أَحَبَّ حُسَيْناً ، حُسَيْنٌ سِبْطٌ مِنَ الأَسْبَاطِ». قلتُ : رَواه يَعْلَى بنُ مُرَّةَ الثَّقَفِيُّ رَضِيَ الله عنه ، أَخْرَجَهُ التِّرمِذِيُّ عن الحَسَنِ عن ابْنِ عَيّاشٍ ، قال : حَدَّثَنِي عَبْدُ الله بنُ عُثْمَانَ بنِ خُثَيْمٍ (٥) من سَعِيدِ بن رَاشِدٍ عن يَعْلَى ، وقال : حَدِيثٌ حَسَنٌ ، رواه ابنُ ماجَةَ من حَدِيثِ يَحْيَى بن سُلَيْم ووَهْب عن ابن خُثَيْم
وأَخْرَجَهُ البَغَوِيُّ عن إِسماعِيلَ بن عَيّاشٍ الحِمْصِيِّ عن ابنِ خُثَيْمٍ ، ولَفْظُه : «حُسَيْنٌ سِبْطٌ من الأَسْبَاط ، مَنْ أَحَبَّنِي فَلْيُحِبَّ حُسَيْناً» ، قال أَبُو بَكْرٍ : أَي أُمَّةٌ من الأُمَمِ في الخَيْر ، فهو وَاقِعٌ على الأُمَّةِ ، والأُمَّةُ ، واقِعَةٌ عليهِ ، ومنه حَدِيثُ الضِّبَابِ : «إِنَّ الله غَضِبَ على سِبْطٍ من بَنِي إِسْرَائِيلَ فمَسَخَهُم دَوَابَّ».
وسَبَّطَتِ النَّاقَةُ والنَّعْجَةُ تَسْبِيطاً ، وهي مُسَبِّطٌ : أَلْقَتْ وَلَدَها لِغَيْرِ تَمَامٍ ، والَّذِي في الصّحاحِ : التَّسْبِيطُ في النّاقَةِ كالرِّجَاعِ. ويُقَال أَيْضاً : سَبَّطَتِ النَّعْجَةُ ، إِذا أَسْقَطَت ، وفي العُبَابِ : أَو سَبَّطت النَّاقةُ ، إِذا أَلْقَت وَلَدَها قَبْلَ أَنْ يَسْتَبِينَ خَلْقُه ، هكَذا نَقَلَه الصّاغَانِيُّ ، قال : وكذلِكَ قالَهُ الأَصْمَعِيُّ ، وأَوْرَدَه في التَّكْمِلَة مُسْتَدْرِكاً به على الجَوْهَرِيِّ ، مع أَنَّ قولَ الجَوْهَرِيِّ : «كالرِّجاع» إِشارَةٌ إِلى قولِ أَبِي زَيْدٍ هذا ، فإِنَّ نَصَّه في نَوَادِرِه : يُقَال للنَّاقَةِ إِذا أَلْقَت وَلَدَها قَبلَ أَنْ يَسْتَبِينَ
__________________
(١) عن المطبوعة الكويتية وبالأصل «الثمام».
(٢) في التهذيب : أو المصاص.
(٣) سورة الأعراف الآية ١٦٠.
(٤) الأصل واللسان ، وفي التهذيب : على ما قبلها.
(٥) بالأصل «خيثم» والمثبت «خثيم» صحح هنا وفي كل مواضع الخبر عن المطبوعة الكويتية.