يَعِيشُ لها وَلَدٌ ، فنَذَرَتْ لَئِنْ عاشَ هذا لَتَرْبُطَنَّ برَأْسِهِ صُوفَةً ، ولَتَجْعَلَنَّهُ رَبِيطَ الكَعْبَةِ ، فعاشَ ففَعَلَتْ ، وجعلَتْه خَادِماً لِلْبَيْتِ حَتَّى بَلَغَ الحُلُمَ فَنَزَعَتْهُ (١) ، فلُقِّبَ الرَّبِيطَ ، كما نَقَلَه الصّاغَانِيُّ (٢).
والرَّبِيطَةُ ، بهاءٍ : ما ارْتُبِطَ من الدَّوَابِّ. وفي الصّحاح : وفُلانٌ يَرْتَبِطُ كَذَا رَأْساً من الدَّوَابِّ ، ويقال : نِعْمَ الرَّبِيطُ هذا ، لِمَا يُرْتَبَطُ مِنَ الخَيْلِ.
والمِرْبطَةُ ، بالكَسْرِ : نِسْعَةٌ لَطِيفَةٌ تُشَدُّ فوق خَشَبَةِ ، هكَذَا في النُّسَخ بالموحَّدَة والخاءِ وهو غَلَطٌ ، صوابه : حَشِيَّة الرَّحْلِ ، بالحاءِ المُهْمَلَةِ والتَّحْتِيَّة.
ومن المَجَاز : رَجُلٌ. رَابِطُ الجَأْشِ ، ورَبِيطُهُ ، أَي شُجَاعٌ شَدِيدُ القَلْب ، كَأَنَّه يَرْبِطُ نَفْسَه عن الفِرَارِ يَكُفُّهَا بجَرَاءَتِه وشَجَاعَتِه.
ورَبَطَ جَأْشُه رِبَاطَةً ، بالكَسْرِ ، أَي اشْتَدَّ قَلْبُه ، ووَثُقَ وحَزُمَ فلم يَفِرَّ عند الرَّوْعِ ، ومن سَجَعَاتِ الأَساس : لولا رَجَاحَةُ عَقْلِه ، ورَبَاطَةُ جَأْشِه ، ما طَمِعَ (٣) الجدُّ العاثِرُ في انْتِعاشِه.
ومن المَجَازِ : رَبَطَ الله تَعالَى عَلَى قَلْبِه ، أَي أَلْهَمَهُ الصَّبْرَ ، وشَدَّه وقَوّاهُ ، ومنه قولهُ تعالَى : (لَوْ لا أَنْ) رَبَطْنا (عَلى قَلْبِها) (٤). وكذا قَوْلُه تعالَى : (وَ) رَبَطْنا (عَلى قُلُوبِهِمْ إِذْ قامُوا) (٥) أَي أَلْهَمْنَاهُم الصَّبْرَ.
ونَفَسٌ رِابِطٌ : وَاسِعٌ أَرِيضٌ ، وحكى ابنُ الأَعْرَابِيّ عن بَعْضِ العَرَب أَنَّه قال : اللهُمَّ اغْفِرْ لي والجِلْدُ بارِدٌ ، والنَّفْسُ رابِطٌ والصُّحُفُ مُنْتَشِرَةٌ ، والتَّوْبَةُ مَقْبُولَةٌ» يعني في صِحَّتِهِ قبل الحِمَامِ ، وذكَرَ النَّفْس حَمْلاً على الرُّوحِ ، وإِنْ شِئْتَ على النَّسَب.
ومَرْبُوطُ : ة ، بالإِسْكَنْدَرِيَّةِ ، هكَذَا نقَلَهُ الصّاغَانِيُّ في كتَابَيْه ، وهو وَهَمٌ ظاهرٌ منه ، والصَّوابُ : أَنَّ القَرْيَةَ المَذْكُورةَ هي «مَرْيُوطُ» بالتَّحْتِيِّة ، لا بالمُوَحَّدَة ، وأَعادَه الصّاغَانِيُّ ثانِياً على الصّوَاب في «ر ى ط» في التكملة ، وذَكَر أَنَّ أَهْلها أَطْولُ النّاسِ أَعْمَاراً ، وقال فِيهَا : إِنَّهَا من كُوَرِ الإِسْكَنْدَرِيَّة.
قال المُصَنِّف : وقد رَأَيْتُ منْهُم أُناساً بالاسْكَنْدَرِيَّةِ ، وبثَغْرِ رَشِيد منهم جَمَاعَةٌ.
وارْتَبَطَ فَرَساً : اتَّخَذَهُ للرِّبَاطِ أَي لمُرَابَطَة العَدُوّ وتقولُ هُوَ يَرْتَبِطُ كَذا وكَذَا من الخَيْلِ.
وحكَى الشَّيْبَانِيُّ : ماءٌ مُتَرَابِطٌ ، دائمٌ لا يُنْزَحُ (٦) ، كما في الصّحاحِ.
وقد تَرَابَطَ الماءُ في مَكَانِ كَذَا وكَذَا ، إِذا لم يَبْرَحْه ولم يَخْرجْ منه ، وهو مَجَازٌ ، قال الشّاعِرُ يَصفُ سَحاباً :
تَرَى الماءَ منه مكنف مُترابِطٌ |
|
ومُنْحَدِرٌ ضاقَتْ به الأَرْضُ سائِحُ (٧) |
ومِرْبَاطٌ ، كمِحْرَابٍ : د ، بسَاحِل بَحْرِ الهِنْد مِمَّا يَلِي اليَمَن ، في أَعْمَالِ حَضْرَمَوْتَ (٨).
* ومّما يُسْتَدْرَك عليه.
ارْتَبَطَ الدّابَّةَ ، كرَبَطَهَا بحَبْلٍ لئلاّ تَفِرَّ.
وخَلَّف فُلانٌ بالثَّغْرِ خَيْلاً رَابِطَةً ، وببَلَدِ كذا رَابِطَةٌ من الخَيْلِ ، كما في الصّحاحِ.
وفي حَدِيثِ ابْنِ الأَكْوَعِ : «فرَبَطْتُ عليه أَسْتَبْقِي نَفْسِي» ، أَي تَأَخَّرْتُ عنه ، كأَنَّهُ حَبَسَ نَفْسَه وشَدَّهَا.
والرُّبُطُ ، بضَمَّتَيْنِ : الخَيْلُ تُرْبَط بالأَفْنِيَة وتُعْلَفُ ، وَاحِدُهَا رَبِيطٌ ، ويُجْمَع الرُّبُط رِبَاطاً ، وهو جَمْعُ الجَمْعِ. وقال الفَرّاءُ في قوله تعَالَى (وَمِنْ) رِباطِ (الْخَيْلِ) (٩) ، قال : يُرِيد الإِناثَ من الخَيْل.
__________________
(١) في مختصر جمهرة ابن الكلبي ص ١٨٩ حتى بلغ ثم نزعته.
(٢) زيد في جمهرة ابن حزم ٢٠٦ والغوث بن مرّ ، وهو صوفة ، قال : فأما صوفة فإنهم كانوا يجيزون بالحاج ، لا يجوز أحد حتى يجوز والي ذلك منهم.
(٣) الأساس : لما طمع.
(٤) سورة القصص الآية ١٠.
(٥) سورة الكهف الآية ١٤.
(٦) ضبطت في اللسان يَنْزَحُ.
(٧) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله : مكنف ، الذي في اللسان : ملتق ، وقوله : منحدر ، الذي في الأساس منجرد ، وقال : منجرد : جار ذاهب. وقوله : سائح الذي في الأساس : سابح بالباء الموحدة» قلت : والذي في الأساس المطبوع : «سائح» كالأصل. وقد نبه مصحح اللسان أيضاً إلى رواية في الأساس أنها سابح بالموحدة. ولعله قد وقع بأيديهما نسخة أخرى غير التي بيدنا.
(٨) قيدها ياقوت بالكسر ثم السكون ، فرضة مدينة ظفار بينها وبين ظفار ... مقدار خمسة فراسخ.
(٩) سورة الأنفال الآية ٦٠.