قال : بخَطِّ ابنِ حَبِيبٍ النَّسّابَةِ في شِعْرِ القُحَيْف «خُطَّةً» وفي نوادِرِ أَبِي زَيْدٍ : «خِطْبَةً».
قلتُ : فإِنْ صَحَّ ما في نَوَادِرِ أَبِي زَيْدٍ فنسْبَةُ الجَوْهَرِيِّ إِيّاهَا للعامَّةِ محلُّ نَظرٍ.
قال الجَوْهَرِيُّ : وفي حَدِيث قَيْلَةَ بنتِ مَخْرَمَةَ التَّمِيمِيَّة : «أَيُلامُ ابنُ هذِه أَي يَفْصِلَ الخُطَّةَ ويَنْتَصِرَ مَنْ وَرَاءَ الحَجَزَة» (١) أَي أَنَّه إِذا نَزَلَ بِهِ أَمرٌ مُلْتَبِسٌ مُشْكَل لا يُهْتَدَى له ، إِنَّه لا يَعْيَا (٢) به ، ولكِنَّه يَفْصِلُهُ حتى يُبْرِمَه ويَخْرُجَ منه.
وخُطَّةُ ، بلا لامٍ : اسمُ عَنْزٍ سَوْءٍ ، عن الأَصْمَعِيِّ ، قال : ومنه المَثَلُ : «قَبَحَ الله مِعْزَى خَيْرُهَا خُطَّةُ ، نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ.
وقال الصّاغَانِيُّ : يُضْرَبُ لقَوْمٍ أَشْرَارٍ يُنْسَب بَعضُهم إِلى أَدْنَى فَضِيلَةٍ ، وفي اللِّسَانِ : قال الأَصْمَعِيُّ : إِذا كان لِبَعْضِ القَوْمِ على بَعْضٍ فضيلَةٌ إِلاّ أَنهَا خَسِيسَةٌ قِيلَ ذلِكَ ، وأَنْشَدَ :
يا قَوْمُ مَنْ يَحْلُبُ شَاةً مَيِّتَهْ |
|
قد حُلِبَتْ خُطَّةُ جَنْباً مُسْفَتَهُ |
المَيّتَةُ : السَّاكِتَةُ عند الحَلَبِ ، وجَنْباً : عُلْبَة ، ومُسْفَتَةٌ : مَدْبُوغَةٌ بالرُّبِّ.
ومُخَطِّطٌ ، كمُحَدِّثٍ : ع ، قال امْرُؤُ القَيْسِ :
وقد عَمِرَ الرَّوْضَاتُ حَوْلَ مُخَطِّطٍ |
|
إِلى اللُّجِّ مَرْأًى مِن سُعَادَ ومَسْمَعَا |
ومن المجاز : المُخَطَّطِ كمُعَظَّمٍ : الغُلام الجَمِيلُ.
والمُخَطَّطُ : كُلّ ما فيه خُطُوطٌ يُقَال : ثَوْبٌ مُخَطَّط ، وكِسَاءٌ مُخَطَّط ، وتَمْرٌ مُخَطَّط ، ووَحْشٌ مُخَطَّطٌ ، وقال رُؤْبَةُ يصف مَنْهَلاً :
باكَرْتُه قَبْلَ الغَطَاطِ اللُّغَّطِ |
|
وقَبْلَ جُونِيِّ القَطا المُخَطَّطِ |
ومن المَجَاز : خَطَّ وَجْهُهُ واخْتَطَّ : صارَ فيهِ خُطُوطٌ ، وفي الأَسَاس : امتَدَّ شَعْرُ لِحْيَتِه على جَانِبَيْه. وفي الصّحاحِ : اخْتَطَّ الغُلامُ : نَبَتَ عِذَارُه وهو مَجَازٌ.
وخَطَّ الخِطَّةَ واخْتَطَّهَا : اتَّخَذَها لنَفْسِه وأَعْلَمَ عَلَيْهَا عَلامةً بالخَطِّ ليُعْلَم أَنَّه قد احْتَازَها (٣) لِيَبْنِيَهَا دَاراً.
وفي اللِّسَانِ : الخِطّة ، بالكَسْر : الأَرْضُ والدَّارُ يَخْتَطُّهَا الرَّجُلُ في أَرْضٍ غير مَمْلُوكَةٍ ليَتَحَجَّرَها ويَبْنِيَ فيها ، وذلِكَ إِذا أَذِنَ السُّلْطَانُ لجَمَاعَةٍ من المُسْلِمينَ أَنْ يَخْتَطُّوا الدُّورَ في مَوْضِعٍ بعَيْنِه ويَتَّخِذُوا فيها مَسَاكِنَ لهم ، كما فَعَلُوا بالكُوفَةِ والبَصْرَةِ.
والمِخَطُّ ، بالكَسْر : العُودُ الذي يَخُطُّ به الحَائكُ الثَّوْبَ ، كما في اللِّسَانِ ، وأَخْصَرُ منه عِبَارَةُ الجَوْهَرِيِّ ، فإِنَّه قال : العُودُ يُخَطُّ به ، وهو يَشْمَلُ ما قَالَه المُصَنِّفُ وغَيْرُه.
وفي العُبَابِ : خَطْخَطَ البَعِيرُ في سَيْرِهِ ، إِذا تَمَايَلَ كَلَالاً ، أَي تَعَباً.
وخَطْخَطَ ببَوْلِهِ : رَمَى به مُخَالِفاً ، كما يَفْعَلُ الصَّبِيُّ.
* ومِمّا يُسْتَدْرَكُ عليه :
الخَطَائِطُ : طَرَائقُ تُفَارِقُ الشَّقَائِقَ في غِلَظِها ولِينهَا.
والإِبلُ تَرْعَى خُطُوطَ الأَنْوَاءِ. وهو مَجَازٌ.
ويُقَال : الكَلأُ خُطُوطٌ في الأَرْضِ وشِرَاكٌ (٤) ، أَي طَرائِقُ ، لم يَعُمَّ الغَيْثُ البلادَ كُلَّهَا ، وهو مَجَازٌ.
والتَّخْطِيطُ : التَّسْطِيرُ ، وفي التَّهْذيب : كالتَّسْطِيرِ ، تقول : خُطِّطَتْ عليه ذُنُوبُه ، أَي سُطِّرَت.
والخَطُّ : الكِتَابَةُ ونَحْوُها مِمّا يُخَطُّ.
ورَوَى ثَعْلَبٌ عنْ ابْنِ الأَعْرَابِيِّ أَنَّه قالَ في الطَّرْقِ وعِلْم الخَطِّ : هو عِلْمُ الرَّمْلِ. قال ابنُ عبّاسٍ : عِلْمٌ قديمٌ تَرَكَهُ النّاسُ ، وقد جَاءَ في حَدِيثِ مُعَاوِيَة بنِ الحَكَمِ السُلَمِيِّ ، رَفَعَه : «كان نَبِيٌّ من الأَنْبِيَاءِ يَخُطُّ ، فمَنْ ، وَافَقَ خَطَّه عَلِمَ مِثْلَ عِلْمِهِ» وفي روايَة : «فَمَنْ وَافَقَ خَطَّه فذاكَ» قال اللَّيْثُ : وهو مَعْمُولٌ به إِلى الآنَ ، ولهم فيه أَوْضَاعٌ واصْطِلاحٌ ، ويَسْتَخْرِجُون به الضِّمِيرَ وغيرَهُ ، وكثيراً ما يُصِيبُونَ فيه.
__________________
(١) الحجزة بالتحريك جمع حاجز ، أي مانع.
(٢) عن الصحاح وبالأصل «يعبأ».
(٣) في النهاية : اختارها.
(٤) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله : وشراك ، والأولى أن يقول ؛ وشرك كما في الأساس ونصه : وفي الأرض خطوط من كلأ وشرك أي طرائق ، جمع شراك ا ه».