ونَبَضَ العِرْقُ يَنْبِضُ نَبْضاً ونَبَضَاناً ، محرَّكةً ، أَي تَحَرَّكَ وضَرَبَ ، وقد يُسَمَّى العِرْقُ نَفْسُه نَبْضاً فيقولون : جَسَّ الطَّبِيبُ نَبْضَهُ ، والأَفْصَحُ مَنْبِضَهُ.
ونَبَضَ في قَوْسِهِ : أَصَاتَهَا ، والذِي نَصَّ عليه أَبو حَنِيفَةَ : نَبَّضَ في قَوْسِهِ تَنْبِيضاً ، وأَنْبَضَ ، إِذَا أَصاتَهَا ، وأَنْشَد :
لَئِنْ نَصَبْتَ لِيَ الرَّوْقَيْنِ مُعْتَرِضاً |
|
لأَرْمِيَنَّكَ رَمْياً غيْرَ تَنْبِيضِ |
أَي لا يَكُون نَزْعِي تَنْبِيضاً وتَنْقِيراً ، يَعنِي : لا يكونُ تَوَعُّداً ، بل إِيقَاعاً. والمُصَنِّف صَحَّفَ قَوْلَ أَبي حَنِيفَةَ فانْظُرْه وتَأَمَّلْ. وكذلك قولُه : أَوْ حَرَّكَ وتَرَهَا لِتَرِنَّ ، كأَنْبَضَ ، فإِنّ الَّذِي نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ وابنُ سِيدَه والصّاغَانِيُّ والأَزْهَرِيُّ الاقْتِصارُ عَلَى أَنْبَضَ ، قالوا : أَنْبَضْتُ القَوْسَ وأَنْبَضْتُ بالوَتَرِ ، إِذا جَذَبْتَهُ ثُمَّ أَرْسَلْتَهُ لِتَرِنَّ. وفي المَثَلِ : «إِنْبَاضٌ بغَيْرِ تَوْتِيرٍ» هذا نَصُّ الجَوْهَرِيِّ ، وفي المُحْكَم والتَّهْذِيب : أَنْبَضَ القَوْسَ مثلُ أَنْضَبَهَا : جَذَبَ وَتَرَهَا لِتُصوِّتَ ، وأَنْبَضَ بالوَتَر ، إِذا جَذَبَه ثُمَّ أَرْسَلَهُ لِيَرِنَّ ، وأَنْبَضَ الوَتَرَ أَيضاً ، إِذا جَذَبَه بغَيْرِ سَهْمٍ ثُمَّ أَرْسَلَه ، عن يَعْقُوب. قال اللِّحْيَانِيُّ : الإِنْبَاضُ : أَنْ تَمُدَّ الوَتَرَ ثمّ تُرْسِلَه فتَسْمَعَ له (١) صَوْتاً. وفي كتاب العَيْن : الْإِنْبَاضُ : أَجْوَدُ في ذِكْرِ الوَتَرِ والقَوْسِ ، كقول مُهَلْهِلٍ :
أَنْبَضُوا مَعْجِسَ القِسِيِّ وأَبْرَقْ |
|
نا كما تُوعِدُ الفُحُولُ الفُحُولَا |
وقال الشَّمّاخُ يصفُ قَوْساً :
إِذَا أَنْبَضَ الرَّامُون عنها تَرَنَّمَتْ |
|
تَرَنُّمَ ثَكْلَى أَوْجَعَتْهَا الجَنَائِزُ |
وفي الجَمْهَرَة : أَنْبَضَ الرَّجُلُ بالوَتَرِ ، إِذا أَخَذَهُ بأَطْرَافِ إِصْبَعَيْهِ ثمّ أَطْلَقَه حتَّى يَقَعَ على عَجْسِ القَوْسِ فتسْمَع له صَوْتاً ، وكذلِكَ في العُبَابِ والأَساس ، وكلامُ الكُلِّ مُقَارِبٌ لبَعْضِه ، وليس فيه ذِكْر نَبَضَ بالقَوْسِ ، ولا نَبَضَ بالوَتَرِ ، ثلاثيًّا ، إِنَّمَا هو أَنْبَضَ وأَنْضَبَ ، غير أَنَّ اللَّيْثَ جَوَّدَ الْإِنْبَاضَ. فَتَأَمَّلْ ما في كلامِ المُصَنِّف من الخِلافِ الشَّدِيدِ لنُصُوصِ الأَئِمَّةِ. وأَمَّا شيخُنَا رَحِمه الله تعالَى فإِنَّهُ أَسْقَط هذَا الفَصْلَ برُمَّتِه ، ولم يَذْكر شيْئاً.
ونَبَضَ البَرْقُ : لَمَعَ لَمَعَاناً خَفِيًّا ، كنَبَضَ العِرْقُ.
وقولُهُم : مَا بِه حَبَضٌ ولا نَبَضٌ ، بالتَّحْرِيكِ فيهِمَا ، أَيْ : حَرَاكٌ ، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ هكَذا ، ورَوَاه الصّاعَانِيُّ أَيضاً بالفَتْحِ فيهما ، ونَقَلَ عن الأَصْمَعِيِّ قال : النَّبَضُ : التَّحَرُّك ، ولا أَعرِفُ الحَبَضَ.
قلتُ : وقد تَقَدَّم في «ح ب ض» الحَبَضُ ، مُحَرَّكةً : التَّحَرُّك ، وقِيلَ : الصَّوْتُ. وقال ابنُ دُرَيْدٍ : ما بِه حَبَضٌ ولا نَبَضٌ ، أَي قُوَّةٌ ، وفي اللِّسَانِ : ولم يُسْتَعْملْ مُتَحَرِّكُ الثّاني إِلاّ في الجَحْدِ. وفي كلامِه نَوْعُ قُصُورٍ يَظْهَرُ بالتَّأَمُّل.
ومن المَجَاز : له فُؤَادٌ نَبْضٌ ، ويُحَرَّك ، وككَتِفٍ ، الثّلاثَةُ ذَكَرَهُنَّ الصّاغَانِيُّ ، وزادَ الزَّمَخْشَرِيُّ : فُؤَادٌ نَبِيضٌ (٢) ، كأَمِيرٍ ، أَي شَهْمٌ رَوَّاحٌ (٣). قال الصّاغَانِيُّ : ويُنْشَدُ بالأَوْجُهِ الثَّلاثَةِ قولُ المُسَيَّبِ بنِ عَلَسٍ يَصِفُ ناقَةً.
وإذا أَطَفْتَ بِهَا أَطَفْتَ بكَلْكَلٍ |
|
نَبْضِ الفَرَائِص مُجْفِرِ الأَضْلاعِ |
ووَضَع يَدَه عَلَى مَنْبِضِ القَلْبِ ، هو حَيْثُ تَرَاهُ يَنْبِضُ ، وحيثُ تَجِدُ هَمْسَ نَبَضَانِهِ ، كما في الأَسَاسِ والعُبَاب.
والمِنْبَضُ ، كمِنْبَرٍ : المِنْدَفَةِ ، وفي الصّحاحِ : المِنْدَفُ مثْل المِحْبَضِ ، قال : وقالَ الخَلِيلُ قد جاءَ في بعضِ الشِّعْرِ : المَنَابِضُ : المَنَادِفُ. قلتُ : والمُرَادُ به قولُ الشّاعرِ :
لُغَامٌ عَلَى الخَيْشُومِ بَعْدَ هِبَابِهِ |
|
كمَحْلُوجِ عُطْبٍ طَيَّرَتْه المَنَابِضُ |
وقالَ اللَّيْثُ : النَّابِضُ : اسمُ الغَضَب ، صِفَةٌ غالِبَةٌ ، وهو مَجَازٌ ، يُقَال : نَبَضَ نَابِضُهُ ، أَي هَاجَ غَضَبُه.
* وممّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْه :
نَبَضَتِ الأَمْعَاءُ تَنْبِضُ : اضْطَرَبَتْ ، وأَنْشَدَ ابنُ الأَعْرَابِيِّ :
__________________
(١) سقطت من المطبوعة الكويتية.
(٢) الذي في الأساس : له فؤاد نَبِض.
(٣) في الأساس : رُوَاغ.