والفَرْضُ منَ الزَّنْدِ حَيْثُ يُقْدَحُ منْه. أَو هو الحَزُّ الَّذي فيه ، وبه فَسَّرَ بَعْضُهم قَولَ صَخْرِ الغَيِّ السّابق ، كالفُرْضَةِ بالضَّمِّ.
وقولُه تَعَالَى : سُورَةٌ أَنْزَلْناها وَفَرَضْناها (١) أَيْ جَعَلْنَا فِيهَا فَرَائِضَ الأَحْكَامِ ، أَوْ أَلْزَمْنَاكُمُ العَمَل بما فُرِضَ فيها. وقَرَأَ ابنُ كَثِيرٍ وأَبُو عَمْرٍو : وفَرَّضْنَاهَا ، بالتَّشْدِيدِ ، ومَعْنَاهُ حِينَئذٍ على وَجْهَيْنِ : أَحَدهما على مَعْنَى التَّكْثير ، أَي جَعَلْنَا فيهَا فَرِيضَةً بَعْدَ فَريضَةٍ كما في العُبَاب ، وفي اللّسَان : أَي إِنَّا فَرَضْنَا فيها فُرُوضاً ، أَو فَصَّلْنَاهَا ، وعَلَيْهِ اقْتَصَرَ الجَوْهَرِيّ نَقْلاً عن أَبِي عَمرٍو ، وزادَ الأَزْهَرِيّ : وبَيَّنَّاها ، والَّذي في التَّهْذِيبِ : أَي بَيَّنَّا وفَصَّلْنَا ما فِيها من الحَلَالِ والحَرَام.
والفِرَاضُ ، ككِتَابٍ : اللِّبَاسُ يُقَال : ما عَلَيْه فِرَاضٌ ، أَي شَيْءٌ منْ لِبَاسٍ ، كما في الصّحاح. ويُقَالُ : ما عَلَيْهِ فِرَاضٌ ، أَيْ ثَوْبٌ. وقال أَبُو الهَيْثَمِ : ما عَلَيْه سِتْرٌ.
والفِرَاضُ : فُوَّهَةُ النَّهْرِ. قال لَبيدٌ ، رَضيَ الله عنه ، يَذْكُر المُلُوكَ المَاضِيَةَ :
والحَارِثُ الحَرَّابُ خَلَّى عَاقِلاً |
|
دَاراً أَقَامَ بهَا ولم يَتَنَقَّلِ |
تَجْرِي خَزَائِنُه عَلَى مَنْ نَابَهُ |
|
جَرْيَ الفُرَاتِ على فِرَاضِ الجَدْوَلِ |
والفِرَاضُ : ع بَيْنَ البَصْرَةِ واليَمَامَةِ قُرْبَ فُلَيْجٍ (٢) منْ ديارِ بَكْرِ بن وَائلٍ ، قال القَعْقَاعُ :
لَقِينَا بالفِرَاضِ جُمُوعَ رُومٍ |
|
وفُرْسٍ غَمُّهَا (٣) طُولُ السَّلَامِ |
وقال ابنُ أَحْمَرَ :
جَزَى اللهُ قَوْمِي بالأُبُلَّةِ نُصْرَةً |
|
ومَبْدًى لَهُمْ حَوْلَ الفِرَاضِ ومَحْضَرَا |
والفِرَاضُ : الطُّرُقُ ، عن اللَّيْثِ. قال عَمْرُو بنُ مَعْدِيكَرِبَ ، رَضِيَ الله عنه :
سَدَدْتُ فِرَاضَهَا لَهُمْ ببَيْتِي |
|
وبَعْضُهُمُ بقُنَّتِه يُغَدِّي (٤) |
يُرِيد أَنَّه نَزَلَ بَيْنَ الطُّرُقِ لِيَقْرِيَ.
وفَرضَتِ البَقَرَةُ ، كضَرَبَ ، وكَرُمَ ، فُرُوضاً ، وفَرَاضَةً ، فيه لَفٌّ ونَشْرٌ مُرَتَّبٌ ، نَقَلَهُمَا الجَوْهَرِيّ والصّاغَانِيُّ ، وقالَ الأَزْهَرِيّ : يُقَالُ من الْفَارِضِ : فَرَضَتْ ، وفَرُضَتْ ، ولم نَسمَعْ بفَرِضَ ، أَي كَبِرَتْ وطَعَنَتْ في السِّنِّ ، ومنه قَوْلُه تعالَى : (لا) فارِضٌ (وَلا بِكْرٌ) (٥) قال الفَرّاءُ وقَتَادَةُ : الفَارِضُ : الهَرِمَةُ. والبِكْرُ : الشَّابَّةُ. قال عَلْقَمَةُ بنُ عَوْفٍ ، وقد عَنَى بَقَرَةً هَرِمَةً :
لَعَمْرِي لَقَد أَعْطَيْتَ ضَيْفَكَ فَارِضاً |
|
تُجَرُّ إِلَيْه مَا تَقُومُ عَلَى رِجْلِ |
ولَمْ تُعْطِه بِكْراً فيَرْضَى سَمِينَةً |
|
فكَيْفَ يُجَازِي بالمَودَّةِ والفِعْلِ |
وقال أُميَّةُ في الْفَارِضِ أَيْضاً :
كُمَيْتٌ بَهِيمُ اللَّوْنِ لَيْسَ بفَارِضٍ |
|
ولا بخَصِيفٍ ذاتِ لَوْنٍ مُرَّقّم |
وقال أَبو الهَيْثَم : الفَارِضُ هي المُسِنَّةُ. وقال أَبُو زَيْدٍ : بَقَرَةٌ فَارِضٌ ، وهي العَظِيمَةُ السَّمِينَةُ ، والجَمْعُ : فَوَارِضُ.
وقد يُسْتَعْمَلُ الفَارِضُ في المُسِنِّ الضَّخْم مِنَ الرِّجَال.
وفي الصّحاح : الضّخْم من كُلِّ شَيْءٍ ، فيَكُونُ للمُذَكَّرِ والمُؤَنَّثِ ، قالَهُ الأَصْمَعِيّ ، أَي فَلَا يُقَالُ فَارِضَةٌ. يُقَال : رَجُلٌ فَارِضٌ وقَوْمٌ فُرَّضٌ ، وهو مَجَازٌ. قال رَجُلٌ مِن فُقَيْمٍ ، كما في اللِّسَان ، وفي العُبَاب : قال ضَبٌّ العَدَوِيُّ :
شَيَّبَ أَصْدَاغِي فرَأْسِي أَبْيَضُ |
|
مَحَامِلٌ فيها رِجَالٌ فُرَّضُ |
ويُرْوَى :
شَيَّبَنِي فالرَّأْسُ مِنّي أَبْيَضُ
ورَوَى ابنُ الأَعْرَابِيّ :
مَحَامِلٌ بِيضٌ وَقَوْمٌ فُرَّضُ
__________________
(١) الآية الأولى من سورة النور.
(٢) عن معجم البلدان «فراض» وبالأصل «فليح».
(٣) عن معجم البلدانٍ «فراض» ، وبالأصل «عمها».
(٤) بالأصل «ببتي ... يغذي» والمثبت عن المطبوعة الكويتية.
(٥) سورة البقرة الآية ٦٨.