والحَرِيشُ أَيضاً : المُتَدَلِّعُ الشَّفَتَيْنِ من خَرْطِ الشَّوْكِ ، نقلهما الصّاغَانِيّ ج حُرُشٌ ، بضَمَّتَيْن.
والحَرِيشُ : دَابَّةٌ لهَا مَخَالِبُ كمَخَالِبِ الأَسَدِ ، قاله إِبراهِيمُ الحَرْبِيّ ، وقال اللَّيْثُ : ولها قَرْنٌ وَاحِدٌ في وَسَطِ هَامَتِهَا ، تُسَمِّيها الناس الكَرْكَدَّن ، كما في الصّحاح ، وقِيلَ : هي دَابّةٌ بَحْرِيَّةٌ ، ورَوَى الأَزْهَرِيّ عن أَشْيَاخِه : الهِرْمِيسُ : الكَرْكَدَّنُ أَعْظَمُ من الفِيلِ ، لَهُ قَرْنٌ ، يكونُ في البَحْرِ ، أَو عَلَى شَاطِئهِ ، قال : وكأَنَّ الحَرِيشَ والهِرْمِيسَ شَيْءٌ وَاحِدٌ ، فظَهَر مِنْ هذَا أَنّ القَوْلَيْنِ وَاحِدٌ ، فقَوْلُ المُصَنِّف : ودَابَّةٌ بَحْرِيّة ، يَقْتَضِي أَنّه غَيْرُ الكَرْكَدَّنِ ، فتَأَمَّل.
ويُقَال : أَخْرَجْتُ لَهُ حَرِيشَتِي ، أَي مِلْكَ يَدِي ، نَقَلَه الصّاغَانِيّ عن ابْنِ عبّادٍ.
والحُرْشَةُ بالضَّمِّ : شِبْهُ الحَمَاطَةِ ، وهي الخُشُونَةُ ، كالحَرْشِ ، ومِنْهُ دِينارٌ أَحْرَشُ ، أَيْ خَشِنٌ ، لجِدَّتِه ، والجَمْعُ حُرْشٌ ، ومنه الحَدِيث : «أَنّ رَجُلاً أَخَذَ من رَجُلٍ آخَرَ دَنَانِيرَ حُرْشاً» وهِيَ الجِيَادُ الخُشْنُ ، الحَدِيثَةُ العَهْد بالسِّكَّة ، الَّتِي عليها خُشُونَةُ النَّقْشِ. وكَذَا ضَبٌّ أَحْرَشُ ، أَي خَشِنُ الجِلْدِ ، كأَنّه مُحَزّزٌ (١).
وقِيلَ : كُلُّ شيْءٍ خَشِنٍ أَحْرَشُ ، وحَرِشٌ ، الأَخِيرَةُ عن أَبي حَنِيفَةَ ، قال الأَزْهَرِيّ : وأُرَاهَا عَلَى النَّسَب ، لأَنّي لَمْ أَسْمَعْ له فِعْلاً.
والحَرّاشُ ، ككَتّانٍ : الأَسْوَدُ السّالِخُ لأَنّهُ يَحْرِشُ الضِّبَابَ ، ويُرِيدُ أَنْ يَدْخُلَ في جُحْرَها.
والحَرّاشُ بنُ مالِكٍ ، مُحَدِّث ، سَمِعَ يَحْيَى بنَ عُبَيْدٍ ، وحَكَى ابنُ مَاكُولَا فيه الخِلافَ : هَلْ هُوَ هكذا كما ضَبَطَه المُصَنِّف؟ أَو بالمُهْمَلَة والتَّخْفِيفِ ، أَيْ ككِتَابٍ؟ أَو بالمُهْمَلَة والتَّشْدِيد ، ككَتّانٍ؟ قال الحافِظُ : فصَحَّ أَنّ حَرَّاشَ بنَ مالِكٍ وَاحِدٌ لا اثْنَان.
قُلْتُ والعَجَبُ من المُصَنِّف ، رَحِمَهُ الله تَعَالَى ، نَبَّه في الحَرِيشِ على وَهَمِ الذّهَبِيّ ، وتَبِعَه في الحَرَّاشِ مُقَلِّداً له من غَيْرِ تَنْبِيهٍ عَلَيْه ، أَيْ ذَكَرَ حِرَاشَ بن مالكٍ الَّذِي عاصَرَ شُعْبَةَ أَوّلاً ، ثم ذَكَرَه ثانياً ، وقال فيه : إِنَّهُ سَمِعَ يَحْيَى بن عُبَيْدٍ ، تَقْلِيداً للذَّهَبِيّ ، وهُمَا وَاحِدٌ ، وإِنَّمَا لِاخْتِلاف في الضّبْطِ ، فتَأَمَّلْ. والله تعَالَى أَعْلَم.
وحَيَّةٌ حَرْشَاءُ بَيِّنَةُ الحَرَشِ ، مُحَرَّكَةً : خَشِنَة الجِلْدِ ، قال الشّاعِر :
بحَرْشَاءَ مِطْحَانٍ كأَنَّ فَحِيحَهَا |
|
إِذا فَزِعَتْ ماءٌ هُرِيقَ علَى الجَمْرِ |
وقال الجَوْهَرِيّ بعد إِنْشاد هذا البيت : والحَرِيشُ : نَوعٌ من الحَيّاتِ أَرْقَطُ ، وقال الصّاغَانِيّ : وهو تَصحيفٌ ، والصواب : حِرْبِشٌ كهِجْرِسٍ.
قلت : وقد سَبَقه إِلى ذلك أَبو زَكَرِيّا ، وقال : المَحْفُوظ حِرْبِشٌ ، وكأَنَّ الصّاغانِيَّ قلَّدَه ، مع أَنَّ أَبا زكرِيّا لمْ يُوَهِّمْه ، والعَجَبُ من المُصَنِّفِ كيْف أَغْفَل عن هذا التَّوْهِيمِ للجَوْهَرِيّ ، مع أَنّه غايَة مُناه.
وأَنا أَقُولُ : إِنّ الصّوَابَ مع الجَوْهَرِيّ ، فإِنّ هذا النَّوْعَ من الحَيّاتِ ـ الَّذِي يَكُونُ أَرْقطَ ـ من شَأْنِه خُشُونَةُ الجِلْدِ دائماً ، وقدْ جَوَّزُوا وَصْفَ الحَيَّة بالحَرْشاء اتفاقاً ، وتقدم عن ابنِ دُرَيْدٍ قَوله : أَفْعَى حِرْبِيشٌ : خَشِنٌ ، فجازَ وَصْفُهَا بالحَرِيشِ كالحِرْبِيشِ ، هذا مَا يَقْتَضِيهُ الاشْتِقاقُ ، وأَما الحِفْظُ والنّقْلُ فنَاهِيكَ بالجَوْهَرِيِّ ، وشَرْطُهُ في كِتَابِهِ أَن لا يَذْكُرَ فيه إِلاّ ما صَحَّ وسُمِع من الثَّقَاتِ ، فتأَمَّلْ.
والحَرْشاءُ : نَبْتٌ سُهْلِيٌّ كالصَّفراءِ والغَبْرَاءِ ، وهي أَعْشَابٌ معروفةٌ تَسْتَطِيبُهَا الرّاعِيةُ ، قاله الأَزهريّ : وقيلَ : الحَرْشَاءُ :ضَرْبٌ من السُّطّاحِ ، أَخْضَرُ ، يَنْبُتُ مُتَسَطِّحاً على وَجْهِ الأَرْضِ ، وفيه خُشُونَةٌ ، قال أَبو النَّجْمِ :
والخَضِرُ السُّطّاحُ من حَرْشائِهِ (٢)
أَو هُوَ خَرْدَلُ البَرِّ ، قالَهُ أَبو نَصْرٍ ، وأَنشَدَ الجَوْهَرِيُّ لأَبِي النَّجُمِ :
وانْحَتَّ مِنْ حَرْشَاءِ فَلْج خَرْدَلُهْ |
|
وأَقْبَلَ النَّمْلُ قِطَاراً تَنْقُلُهْ |
__________________
(١) عن اللسان وبالأصل «مخرّز».
(٢) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله : السطاح ، قال المجد : السطاح ، كالرمان : نبت».