اسْمٌ للمَنِيَّةِ ، وأَنْشَدَ قَوْلَ أُمَيَّة بنِ أَبِي عَائِذِ الهُذَلِيّ :
قد كُنْتُ خَرَّاجاً وَلُوجاً صَيْرَفاً |
|
لَمْ تَلْتَحِصْنِي حَيْصَ بَيْصَ لَحَاصِ (١) |
قال الأَصْمَعِيُّ : الالْتِحَاصُ مِثْلُ الالْتِحَاجِ. يقال : الْتَحَصَهُ إِلى ذلِكَ الأَمْرِ ، والْتَحَجَه ، أَي أَلْجَأَه إِليْه واضْطَرَّه.
وقال ابنُ عَبَّادٍ : لَحَاصِ : خُطَّةٌ تَلْتَحِصُكَ ، أَي تُلْجئُكَ إِلى الأَمْرِ. قال الجَوهَرِيّ : ولَحَاصِ ، فَاعِلَةُ تَلْتَحِصْنِي.
ومَوْضِعُ حَيْصَ بَيْصَ نَصْبٌ على نَزْعِ الخَافِض. وقولُه : لم تَلْتَحِصْنِي ، أَي لم تُلْجِئْنِي الدَّاهِيَةُ إِلى ما لا مَخْرَجَ لِي مِنْه.
قال : وفيه قَوْلٌ آخَرُ : يُقالُ : الْتَحَصَهُ الشَّيْءُ ، أَي نَشِبَ فيه ، فيكونُ حَيْصَ بَيْصَ نَصْباً على الحالِ من لَحَاصِ. انْتَهَى.
ورُوِيَ عن ابْنِ السِّكِّيت في قَوْلِهِ : لَمْ تَلْتَحصْنِي ، أَي لم أَنْشَبْ فِيهَا. وقَرَأْت في «شَرْحِ دِيوانِ الهُذَلِيّين» ما نَصُّه : لَحَاصِ : اسمٌ مَوْضوعٌ على قَطَامِ وما أَشبَهَها ، من قَوْلِك قد لَحَصَ في هذا الأَمْرِ : إِذا نَشبَ.
واللَّحَصُ ، مُحَرَّكَةً : تَغَضُّنٌ كَثِيرٌ في أَعْلَى الجَفْنِ ، وهُوَ غيْر اللَّخَصِ ، بالخَاءِ ، وقد لَحِصَتْ عَيْنُه ، كفَرِحَ ، إِذا الْتَصَقَتْ. وقيلَ : الْتَصَقَتْ مِن الرَّمَص.
واللَّحَصَانُ ، مُحَرَّكَةً : العَدْوُ والسُّرْعَةُ ، نَقَلَه الصَّاغَانِيّ.
والمَلْحَصُ ، مثْلُ المَلْجَأ والمَلاذ ، قال :
فَهوَ إِلَى عَهْدِي سَرِيعُ المَلْحَصِ
والتَّلْحِيصُ : التَّضْيِيقُ ، والتَّشْديدُ في الأَمْرِ ، والاسْتقْصَاءُ فيه. ومنه حَدِيثُ عَطَاءٍ وسُئلَ عَنْ نَضْحِ الوُضُوءِ فقال : «اسْمَحْ يُسْمَحْ لَكَ ، كان مَنْ مَضَى لا يُفَتِّشُونَ عن هذَا ، ولا يُلَحِّصُون» أَي ، كَانُوا لا يُشَدِّدُون ، ولا يَسْتَقْصُونَ في هذا وأَمْثالِهِ.
قُلْتُ : وَعَطَاءٌ هذَا ، هُوَ ابنُ أَبِي رَبَاحٍ ، رَحِمَهُ الله تَعَالَى. وقالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيّ : لم يَرْوِ هذا الحَدِيثَ عَنْ رَسُولِ الله صلىاللهعليهوسلم إِلاّ ابنُ عَبّاسٍ ، ولا عَن ابْنِ عَبّاس إِلاّ عَطَاءٌ ، ولا عَن عَطَاءٍ إِلاَّ ابنُ جُرَيْجٍ ، ولا عن ابْنِ جُرَيْجٍ ـ فيما عَلِمْتُه ـ إِلاّ الوَلِيدُ بنُ مُسْلِمٍ ، وهو من ثقَاتِ المُسْلمين.
قُلتُ : ولكِنْ لَيْسَ في رِوَايَتِهم هذِه الزِّيَادَةُ ، وقد رَوَى عن الوَلِيدِ بن مُسْلم هِشَامُ بن عَمَّارٍ ، وعنه الأَزْدِيُّ والبيروتيّ وابنُ الغامِدِيّ والباغَنْدِيُّ وابنُ الرّوّاسِ. ولهذا الحَديث طُرُقٌ أُخْرَى ، وقد سبقَ لي فيهَا تَأْلِيفُ جُزْءٍ مُخْتَصرٍ ، أَوردتُ فيه ما يَتَعَلَّق بتَخْرِيج هذا الحَدِيث في سنة ١١٧٠ والله أَعْلَمُ.
والالْتحَاصُ : الالْتِحَاجُ ، نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ عن الأَصْمَعيّ ، وقد تَقَدَّم قَرِيباً ، وفي مَعْنَاه الاضْطرارُ ، ومنه الْتَحَصَهُ إِلَى ذلِكَ لأَمْرٍ ، أَي اضْطَرَّهُ إِلَيْه.
والالْتِحَاصُ : الحَبْسُ والتَّثْبِيطُ. يُقَالُ : الْتَحَصَ فُلاناً عن كَذَا ، إِذَا حَبَسَهُ وثَبَّطَهُ. وبه فَسَّر بَعْضٌ قَوْلَ أُمَيَّةَ الهُذَليِّ السَّابِقَ ، لم تَلْتَحْصني ، أَي لم تُثَبِّطْني.
والالْتِحَاصُ أَيضاً تَحَسِّي ما في البَيْضَة ونَحْوِهَا ، عَن اللِّحْيَانِيّ. تقولُ : الْتَحَصَ فُلانٌ مَا في البَيْضَةِ الْتِحَاصاً ، إِذا تَحَسَّاها.
والْتَحَصَهُ الشَّيْءُ : نَشبَ فِيه ، نقله الجَوْهَرِيُّ في شَرْح قَوْلِ الهُذَليّ السَّابِقِ ، وقد تَقَدَّم.
والْتَحَصَه إِلَى الأَمْرِ ، إِذا أَلْجَأَه إِليْه ، وهذا قد تَقَدَّم قَرِيباً في قَوْل المُصَنِّف : خُطَّة تَلْتَحصُك. فهُوَ كالتَّكْرارِ.
والْتَحَصَتِ الإِبْرَةُ ، إِذا انْسَدَّ سَمُّهَا ، نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ ، وزاد غيْرُهُ : والْتَصَقَ.
والْتَحَصَ الذِّئبُ عَيْنَ الشَّاةِ : اقْتَلَعَهَا وابْتَلَعَهَا ، وهو من بَقِيَّة قَوْلِ اللِّحْيَانيّ ودَاخِلٌ في قَوْلِ المُصَنِّفِ آنفاً : ونَحْوها ، مع أَنَّ نَصَّ اللِّحْيَانيّ : الْتَحَص الذِّئْبُ عَيْنَ الشَّاة ، إِذا شَرِبَ ما فِيها من المُحّ (٢) والبَيَاضِ ، وكَأَنَّ المُصَنِّفَ غَيْرَهُ بالاقْتِلاعِ ، والابْتِلاعِ لِيُرِيَنَا أَنَّهُ مُغَايِرٌ للقَوْلِ الأَوَّلِ ، وليْسَ كذلِكَ ، فتَأَمَّلْ.
* وممّا يُسْتَدْرَك عَلَيْه :
اللَّحْصُ ، واللَّحَصُ ، واللَّحِيصُ ، الضَّيِّقُ ، الأَخيرُ نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ ، وأنشَد للرّاجِز :
__________________
(١) صدره في التهذيب :
قد كنت ولاّجاً خروجا صيرفا
(٢) عن التهذيب وبالأصل «المخ».