وكُلُّ فاضِلٍ رَفِيعٌ ، ومِنْ ذلِك قَوْلُه صلىاللهعليهوسلم : «الوَلَدُ لِلْفِرَاشِ ولِلْعاهِرِ الحَجَرُ» مَعْنَاه : أَنَّهُ لِمَالِكِ الفِرَاشِ ، وهُوَ الزَّوْجُ ، والمَوْلَى لأَنَّهُ يَفْتَرِشُهَا ، وهذا مِنْ مُخْتَصَرِ الكَلامِ ، كقَوْلِه عَزَّ وجَلّ (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ) (١) يُرِيدُ أَهْلَ القَرْيَةِ.
قُلْتُ : وذَكَرَ الرّاغِبُ في المُفْرداتِ وَجْهاً آخَرَ ، فقَالَ : ويُكْنَى بالفِرَاشِ عَنْ كلِّ وَاحِدٍ من الزَّوْجَيْنِ.
قُلْتُ : وهُوَ قَوْلُ أَبِي عَمْرٍو ، فإِنّه قالَ : الفِرَاشُ : الزّوْجُ ، والفِرَاشُ : الزّوجَةُ ، والفِرَاشُ : ما يَنامانِ عَلَيْهِ (٢) ، وعَلَيْه خُرِّجَ قَوْلُه صلىاللهعليهوسلم «الوَلَدُ للفِرَاشِ» فعَلَى هذا لا يَكُونُ عَلَى حَذْفِ مُضافٍ فتَأَمّل.
والفِرَاشُ : عُشُّ الطّائِرِ ، أَيْ وَكْرُه ، قالَ أَبو كَبِيرٍ الهُذَلِيُّ :
حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلى فِرَاشِ عَزِيزَةٍ |
|
سَوْدَاءَ رَوْثَةُ أَنْفِهَا كالمِخْصَفِ |
يَعْنِي : وَكْرَ عُقَابٍ ، كَأَنّ أَنْفَهَا طَرَفُ مِخْصَفٍ ، فاللَّفْظُ لِلْعُقابِ ، والمَعْنَى لِلْجَارِيَةِ ، أَيْ هِيَ مَنِيعَةٌ كالعُقَابِ ، وقَالَ أَبو نَصْرٍ : إِنّما أَرادَ : لَمْ أَزَلْ أَعْلُو حَتَّى بَلَغْتُ وَكْرَ الطّائِرِ في الجَبَلِ ويُرْوَى «حَتّى انْتَمَيْتُ ...» أَي ارْتَفَعْتُ ، وقد تَقَدَّم البَحْثُ فيه في «ع ز ز».
وقال أَبُو عَمْرٍو : الفِرَاشُ (٣) : مَوْقِعُ اللِّسَانِ في قَعْرِ الفَم ، وقِيلَ في أَسْفَلِ الحَنَكِ ، وقِيلَ : فِرَاشُ اللِّسَانِ : الجِلْدَةُ الخَشْنَاءُ الَّتِي تَكُونُ أُصُولاً لِلأَسْنَانِ العُلْيَا.
والفَرِيشُ ، كأَمِيرٍ : الفَرَسُ بَعْدَ نَتَاجِها بسَبْعَةِ أَيّامٍ (٤) ، يُقَال : فَرَسٌ فَرِيشٌ ، وهُوَ قَوْلُ الأَصْمَعِيّ ، وهُوَ مَجَازٌ ، وقَال الجَوْهَرِيُّ : وكَذَا كُلُّ ذَاتِ حَافِرٍ وهُوَ خَيْرُ أَوْقَاتِ الحَمْلِ عَلَيْهَا ، وقالَ القُتَيْبِيُّ : هِيَ الَّتِي وَضَعَتْ حَدِيثاً كالنَّفَساءِ من النّسَاءِ إِذا طَهُرَتْ ، وقالَ غَيْرُه : وكالعُوذِ من النُّوقِ (٥) ، قالَ : ومِنْهُ حَدِيثُ طَهْفَةَ النَّهْدِيِّ «لَكُمُ العارِضُ والفَرِيشُ». ج : فَرَائِشُ ، قالَ الشَّمّاخُ :
راحَتْ يُقَحِّمُهَا ذُو أَزْمَلٍ وَسَقَتْ |
|
لَهُ الفَرائِشُ والسُّلْبُ القَيَادِيدُ |
وقالَ اللَّيْثُ : الفَرِيشُ : الجارِيَةُ الَّتِي قَدِ افْتَرَشَها الرّجُلُ فَعِيلٌ جَاءَ مِن افْتَعَلَ ، يُقَالُ : جارِيةٌ فَرِيشٌ ، لِغَيْرِه.
ووَرْدَانُ بنُ مُجَالِدِ بنِ عُلَّفَةَ بنِ الفَرِيشِ ، التّيْمِيُّ ، كأَمِيرٍ ، شارَكَ ابنَ مُلْجَمٍ في دَمِ أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ عليٍّ ـ رَضِيَ الله تَعَالَى عنه ـ قالُوا : كانَ مَعَهُ لَيْلَةَ قُتِلَ سيِّدُنَا عَلِيٌّ ، كَرَّمَ الله وَجْهَهُ ، وكانَ خارِجِيًّا ، وعَمُّه المُسْتَوْرِدُ بن عُلَّفَةَ بنِ الفَرِيشِ ، كانَ خارِجِيًّا أَيْضاً ، قَتَلَه مَعْقِلُ بنُ قَيْسٍ صاحِبُ عَلِيٍّ ، رَضِيَ الله تَعالَى عَنْه.
والفِرِّيشُ كسِكِّيتٍ : د ، قُرْبَ قُرْطُبَةَ ، ومِنْهُ خَلَفُ بنُ بَسِيلٍ الفِرِّيشِيُّ القُرْطُبِيُّ.
وفَرّاش ، كشَدّاد : ة ، قُرْبَ الطّائِفِ.
والمِفْرَشُ ، كمِنْبَرٍ : شَيْءٌ يَكُونُ كالشّاذَكُونَةِ (٦) ، وهُوَ الوِطَاءُ الّذِي يُجْعَلُ فوقَ الصُّفَّةِ.
والمِفْرَشَةُ : أَصْغَرُ مِنْهُ ، تكونُ على الرَّحْلِ ، يَقْعُدُ (٧) عَلَيْهَا الرَّجُلُ ، ويَقُولون : اجعَلْ على رَحْلِكَ مِفرَشَةً ، أَيْ وِطَاءً.
وهُوَ حَسَنُ الفِرْشَةِ ، بالكَسْرِ ، أَي الهَيْئَةِ.
ومِنَ المَجَازِ : ضَرَبَه ف مَا أَفْرَشَ عَنْهُ حَتَّى قَتَلَه ، أَيْ ما أَقْلَعَ عَنْهُ.
ومِنَ المَجَازِ : أَفْرَشَهُ ، إِذا أَساءَ القَوْلَ فِيهِ واغْتَابَهُ ، ويَقُولُونَ : أَفْرَشْتَ في عِرْضِي.
ويُقَالُ : أَفْرَشَهُ ، إِذا أَعْطَاهُ فَرْشاً مِنَ الإِبِلِ صِغَاراً أَو كِبَاراً.
وأَفْرَشَ السَّيْفَ : رَقَّقَهُ ، وأَرْهَفَه ، قال يَزِيدُ بنُ عَمْرِو بن الصَّعِقِ :
__________________
(١) سورة يوسف الآية ٨٢.
(٢) انظر التهذيب ١١ / ٣٤٧.
(٣) ضبطت بالكسر على أنها معطوفة على ما قبلها ، أما في التهذيب واللسان فضبطت فيهما بالفتح.
(٤) في القاموس : بسبع ليالٍ.
(٥) في التهذيب : وبمنزلة العائذ من الإبل.
(٦) الشاذ كونة : ثياب مضرية تعمل باليمن ، عن القاموس.
(٧) ضبطت في القاموس : «يُقْعدُ عليها» بالبناء للمجهول.