والأَنِيسُ : المُؤَانِسُ والأَنِيسُ : كُلُّ مَأْنُوسٍ به ، وفي بعض الأُصول : كُلُّ ما يُؤْنَسُ به.
ومن المَجَاز : باتَتْ الأَنِيسَةُ أَنيسَتَه ، قال ابنُ الأَعْرَابيّ : الأَنِيسَةُ بهاءٍ : النّارُ ، كالمَأْنُوسَة ، ويُقَالُ لها : السَّكَنُ ؛ لأَنّ الإِنْسَانَ إِذا آنَسَهَا لَيْلاً أَنِسَ بهَا وسَكَنَ إِلَيْهَا وزالَتْ عنه الوَحْشَةُ وإِنْ كانَ بالأَرْض القَفْر ، وفي المُحْكَم : مَأْنُوسَةُ والمَأْنُوسَةُ جَميعاً : النّارُ ، قال : ولا أَعرفُ لها فِعْلاً ، فأَمّا آنَسْتُ فإِنَّمَا حَظُّ المَفْعُولِ منها مُؤْنَسَةٌ ، وقال ابنُ أَحْمَرَ :
كَمَا تَطَايَرَ عن مَأْنُوسَةَ الشَّرَرُ
قالَ الأَصْمَعيُّ : ولم يُسْمَعْ به إِلاّ في شعْر ابن أَحْمَرَ.
وجَاريَةٌ آنِسَةٌ : طَيِّبَةُ النَّفْسِ ، تُحِبّ قُرْبَكَ وحَديثَكَ ، والجَمْعُ آنِساتٌ وأَوَانِسُ ، قاله اللَّيْثُ ، ومثله في الأَساس ، وفي اللِّسَان : طَيِّبَةُ الحَديث ، قال النّابغَةُ الجَعْديُّ :
بآنِسَةٍ غيرِ أُنْسِ القِرَافِ |
|
تُخَلِّطُ باللِّين منْهَا شِمَاسَا |
وقالَ الكُمَيْتُ :
فيهنَّ آنِسَةُ الحَديثِ حَبيبَةٌ (١) |
|
ليسَتْ بفاحِشَةٍ ولا مِتْفالِ |
أَي تَأْنَسُ حَديثَكَ ، ولم يُردْ أَنّها تُؤْنِسُكَ ؛ لأَنّه لو أَرادَ ذلكَ لقالَ : مُؤْنِسَة.
والأُنْسُ ، بالضّمِّ ، والأَنَسُ ، بالتَّحْريك ، والأَنَسَةُ محرَّكَةً : ضدُّ الوَحْشَةِ ، وهو الطُّمْأَنينَةُ ، وقد أَنسَ به ، مثَلَّثَةَ النُّون ، الضّمُّ : نَقَلَه الصاغانيُّ ، قال شيخُنا وهو ضَبْطٌ للماضي ، ولم يُعَرِّفْ حكمَ المُضَارع ، ولا في كلامه ما يُؤْخَذُ منه ، والصوابُ وقد أَينسَ ، كعَلِمَ وضَرَبَ وكَرُمَ.
قلتُ : ضبطُه للماضي بالتَّثْليث كاف في ضبط الأَبْوَاب الثلاثة التي ذَكَرَها [فهي] لا تَخرُجُ ممّا ضَبَطَه المصنِّفُ ، وهو ظاهرٌ عند التأَمُّل ، وليس الكلامُ في ذلكَ ، وقد روَى أَبو حَاتمٍ عن أَبي زَيْد : أَنسْتُ به إِنْساً ، بكسر الأَلف ، ولا يُقَال : أُنْساً ، إِنَّمَا الأُنْسُ حَديثُ النِّسَاءِ ومُؤَانَسَتُهُنَّ ، وكذلكَ قال الفَرّاءُ : الأُنْسُ بالضّمِّ : الغَزَلُ ، فيُنْظَرُ هذا مع اقْتصَار المُصنِّف على الضّمِّ والتَّحْريك ، وإِنْكَار أَبي حاتمٍ الضّمَّ ، على أَنّ في التَّهْذيب أَنّ الذي هو ضِدُّ الوَحْشَةِ هو الأُنْسُ ، بالضّمِّ ، وقد جاءَ فيه الكَسْرُ قليلاً ، فليتأَمّلْ.
والأَنَسُ ، مُحَرَّكَةً : الجَماعةُ الكَثيرَةُ من الناسِ ، تَقُوَلَ : رأَيتُ بمَكانِ كذا وكذا أَنَساً كَثيراً ، أَي نَاساً كثيراً.
والأَنَسُ : الحَيُّ المُقيمُونَ ، والجمع آنَاسٌ ، قال عَمْرٌو ذُو الكَلْبِ :
بفِتْيَانٍ عَمَارِطَ منْ هُذَيْلٍ |
|
هُمُ يَنْفُونَ آنَاسَ الحِلَالِ |
وأَنَسٌ ، بلا لامٍ ، هو ابنُ مالك بن النَّضْر بن ضَمْضَم الأَنْصَاريُّ الخَزْرَجيُّ ، كُنيتُه أَبو حَمْزَةَ خادمُ ، النَّبيِّ صلىاللهعليهوسلم.
وأَحَدُ المُكْثِرينَ من الرِّوَايَة ، وكانَ آخِرَ الصَّحَابَة مَوْتاً بالبَصْرَة ، قال شُعَيْبُ بنُ الحَبْحَاب : مات سنةَ تسْعينَ ، وقيل : إِحْدَى وتسْعينَ ، وقال أَبو نُعَيْمٍ الكُوفيُّ : سنة ثلاث وتسْعينَ.
ومن المُتَّفق والمُفْتَرق : أَنَسُ بنُ مالِكٍ خَمْسَةٌ : اثْنَان من الصَّحَابَة ، أَبو حَمْزَةَ الأَنْصَارِيُّ ، وأَبُو أُمَيَّةَ الكَعْبيُّ (٢) ، والثَّالثُ أَنَسُ بنُ مالكٍ : الفَقيهُ ، والرّابعُ كُوفيٌّ والخَامسُ حِمْصيٌّ.
وآنَسَهُ إِيناساً : ضِدُّ أَوْحَشَهُ.
وأَنِسَ به وأَنُسَ به ، بمَعْنًى وَاحدٍ.
وآنَسَ الشَّيْءَ إِيناساً : أَبْصَرَهُ ونَظَرَ إِليه ، وبه فُسِّرَ قولُه تعالى : آنَسَ (مِنْ جانِبِ الطُّورِ ناراً) (٣). وفي حَديث هَاجَرَ وإِسْمَاعيلُ «فَلَمّا جاءَ إِسْمَاعيلُ عَلَيْه السَّلَامُ كأَنَّهُ آنَسَ شَيْئاً» أَي أَبْصَرَ ورَأَى شَيْئاً لم يَعْهَدْهُ. كأَنَّسَهُ تَأْنيساً ، فيهمَا ، وبهمَا فُسِّرَ قولُ الأَعْشَى :
لا يَسْمَعُ المَرءُ فيها ما يُؤَنِّسُه |
|
باللَّيْل إِلاّ نَئِيمَ البُومِ والضُّوَعَا |
وآنَسَ الشَّيْءَ : عَلِمَهُ ، يُقَالُ : آنَسْتُ مِنْهُ رُشْداً ، أَي عَلِمْتُه ، وفي الحَديث : «حَتَّى تُؤْنِسَ منْهُ الرُّشْدَ» أَي تَعْلَمَ
__________________
(١) اللسان : حييّةٌ.
(٢) عن تقريب التهذيب وبالأصل «الكفي» وقيل في كنيته : أبو أمية وقيل أبو أميمة وقيل أبو ميّة.
(٣) سورة القصص الآية ٢٩.