بَابْ السّين
هي والصّاد والزّاي أَسَليَّةٌ ؛ لأَن مَبْدَأَهَا من أَسَلَة اللِّسَان ، وهي مُسْتَدَقُّ طَرفِ اللِّسَان ، وهذه الثَّلاثةُ في حَيِّزٍ وَاحدٍ.
والسِّينُ من الحُرُوفِ المَهْمُوسَة ، ومَخْرَجُ السِّين بين مَخْرَجَيِ الصّاد والزّاي. قال الأَزْهَريُّ : لا تَأْتَلفُ الصَّادُ مع السِّين ولا مع الزّاي في شيءٍ من كلام العَرَب.
فصل الهمزة
مع السين المهملة
[أبس] : أَبَسَه يَأْبِسُه أَبْسا : وَبَّخَه ورَوَّعَه وغَاظَه ، قالَهُ الخَلِيلُ.
وأَبَسَ به يَأْبِسُ أَبْساً : ذَلَّلَه وقَهَرَه ، عن ابن الأَعْرَابِيِّ.
وكَسَّرَه وزَجَرَه ، قال العَجّاج :
لُيُوثُ هَيْجَا لم تُرَمْ بأَبْسِ (١)
أَي بزَجْرٍ وإِذلالٍ.
وأَبَسَ فُلاناً : حَبَسه وقَهَرَهُ.
وبَكَعَه (٢) بما يَسُوؤُه وقَابَلَه بالمَكْرُوه.
وقيل : صَغَّرَه وحَقَّره ، نقلَه الأَصْمَعِيُّ ، كأَبَّسَه تَأْبِيساً. وبكُلِّ ذلك فُسِّرَ حديثُ جُبَيْرِ بن مُطْعِمٍ : «جاءَ رجلٌ إِلى قُرَيْش من فَتْح خَيْبَرَ فقال : إِنّ أَهلَ خَيْبَرَ أَسَرُوا رسولَ الله صلىاللهعليهوسلم ، ويُريدُون أَن يُرْسِلُوا به إِلى قَومه ؛ ليَقْتُلُوه ، فَجَعَلَ المُشْرِكُون يُؤَبِّسُون به العَبّاسَ». وكذلك قَوْلُ العَبَّاس بن مِرْدَاسٍ يُخَاطبُ خُفَافَ بنَ نُدْبَةَ.
إِنْ تَكُ جُلْمُودَ صَخْرٍ لا أُؤَبِّسُه |
|
أُوقِدْ علَيْه فأُحْمِيه فيَنْصَدعُ |
السَّلْمُ يَأْخُذُ منها ما رَضِيتَ به |
|
والحَرْبُ يَكْفيكَ من أَنْفَاسها جُرَعُ |
قال ابنُ بَرِّيٍّ : التَّأْبيسُ : التَّذْليلُ ، ويُرْوَى : «إِنْ تَكُ جُلْمُودَ بِصْرٍ» ، وقال : البِصْرُ : حجارةٌ بِيضٌ. وقال صاحبُ اللِّسَان : ورأَيْتُ في نُسْخَةٍ من أَمالي ابن بَرِّيٍّ بخطِّ الشيخ رَضيِّ الدِّين الشّاطبيِّ رَحمَه الله تعالَى ، قال : أَنْشَدَه المُفَجِّعُ في التَّرْجُمَان :
إِنْ تَكُ جُلْمُودَ صَخْدٍ ..
وقال بعدَ إِنشادِه : صَخْدٌ : وَادٍ. وقال الصّاغَانيُّ : الصَّوَابُ فيه لا أُؤَيِّسُه ـ بالتَّحْتيَّة ـ بالمَعْنَى الذي ذَكَرَه ، كما سيأْتي.
والأَبْسُ : الجَدْبُ نقَلَه الصّاغَانيُّ في كتابَيْه.
والأَبْسُ : المَكَانُ الغَليظُ الخَشِنُ ، مثلُ الشَّأْز ، ومنه : مُنَاخٌ أَبْسٌ ، إِذا كان غيرَ مُطْمَئنٍّ ، قال مَنْظُورُ بنُ مَرْثَدٍ الأَسَديُّ يَصفُ نُوقاً قد أَسْقَطَتْ أَولادَهَا ؛ لشِدَّة السَّيْر والإِعْيَاءِ :
__________________
(١) روايته في الصحاح :
أسود هيجا لم ترم بأبس
وفي اللسان :
وليث غابٍ لم ...
(٢) عن التكملة وبالأصل «بلغه».