سَمَّوْا نَرْزَةَ ونارِزَةَ ، قال : وأَحْسبُه مَصْنُوعاً ، قال : والنَّرْزُ أَيضاً غيرُ مَحْفُوظ. قلتُ : وقد سَبَقَ للمصنِّف أَنه ليس في الكلامِ نُونٌ وراءٌ بلا فاصل بينهُمَا ، وقال شيخُنَا : فيُزَادُ هذا على «ونر» وما مَعَه. قلتُ : قَدَّمْنَا الكلامَ في «ونر» وذَكَرْنا هناك مَا حَصَلَ للمصنِّف من التَّصْحيف في تَقْليده للصّاغانيِّ ، وقد سمعْت عن ابن دُرَيْد في النَّرْز ما يَدُلُّ على أَنه مَصْنُوعٌ ، وما عَدَاهما فإِمّا فارسيَّةٌ مُعَرَّبَةٌ ، أَو كلمةٌ مَصْنُوعَةٌ ، والأَصلُ إِبقاءُ القاعدةِ على صِحَّتهَا ، فتَأَمَّلْ.
وقال ابنُ الأَعْرَابيِّ : النَّرْزُ (١) : ع. قلتُ : وكأَنَّه لغةٌ في النَّرْس ، بالسين ، كما سيأْتي.
قال : والنَّرِيزيُّ صاحبُ الحِسَاب لا أَدْري إِلى أَيِّ شيْءٍ نُسبَ. قال الصّاغَانيُّ : نَريزُ ، كأَمير : ة بأَذْرَبيجَانَ من نواحي أَرْدَبِيلَ ، وإِليها نُسِبَ* النَّريزيُّ صاحبُ الحِساب ، وهو أَحمدُ بنُ عُثْمَانَ الحَافظُ الفَرَضيُّ. قال الحَافظُ : رَوَى عَنْه أَبو المفضل الشَّيْبَانيُّ ، ذَكَرَه أَبو العَلَاءِ الفَرَضيُّ ، ثمّ تَرَدَّدَ فذَكَرَه بفتحِ المُوَحَّدَةِ وزايٍ مُكَرَّرةٍ ، وقال ليُحَرَّرْ.
قُلتُ : الأَوّلُ هو الصَّوَابُ. وقد حَدَّثَ عن أَحمدَ بن الهَيْثَمِ الشَّعْرَانيِّ ، ويَحْيَى بن عَمْرو بن نفلان التَّنوخيّ ، ونَظيرُه عبدُ الباقِي بنُ يُوسُفَ بنِ عليٍّ النَّرِيزيُّ أَبو تُرَابٍ المَراغِيُّ نَزِيلُ نَيسابُور ، مات سنة ٤٩٢ (٢) ذَكَرَه ابنُ نُقْطَةَ. قلتُ : ورَوَى عن أَبي عبد الله المَحَامليِّ وأَبي القَاسم بن بشران ، وعنه أَبو منصور الشَّحّاميُّ ، وغيرُه.
ونَيْرِيزُ ، بالفَتْح ، وزيادة ياءٍ تَحْتيَّة بين النُّونِ والرّاءِ : ة بفارِسَ ، من أَعمال شِيرازَ ، ومنها : الإِمَامُ جمالُ الدِّين محمّدُ بنُ عبد الله بن محمّد الحُسَيْنيُّ النَّيْرِيزيُّ ، ممَّنْ صافَحَ الزَّيْنَ الخوافيّ وأَخَذَ عنه ، وأَبو نَصْر الحُسَيْنُ بنُ عليِّ بن جَعْفَرٍ النَّيْريزيُّ ، ذَكَرَه الأَميرُ.
والنَّيْرُوزُ : اسمُ أَوَّل يومٍ من السَّنَةِ عند الفُرْس ، عند نُزُولِ الشَّمْس أَوَّلَ الحَمَلِ ، وعند القِبْط أَوَّل تُوت ، كما في الْمصْبَاح ، مُعَرَّبُ نوْرُوزٍ ، أَي اليَوْمُ الجَديدُ ، وقد اشْتَقُّوا منه الفِعْلَ ، كما
حُكيَ أَنَّهُ قُدِّمَ إِلى عليٍّ رضيَ الله عنه شيْءٌ من الحَلْوَى ، فسَأَلَ عنه ، فقالوا : للنَّيْرُوز ، فقال : نَيْرِزُونَا كلّ يوم ، وفي المَهْرجان قال : مَهْرِجُونا كلَّ يَوم ، وفيه استعمالُ الفعْل من الأَلْفَاظ الأَعْجميَّة ، وهو من قُوَّةِ الفَصاحة ، وطَلَاقَة اللِّسان ، والقُدْرةِ على الكلام ، فهو إِمّا أَنْ يُلْحَقَ بالمنْحُوت ، أَو الْمَأْخُوذ من الأَلْفَاظ الجَامدَة ؛ كتَحَجَّرَ الطِّينُ : صارَ حَجَراً ، ونَحوه ، كما حَقَّقَه شيخُنَا ، ونَقَلَ عن «عَبَثَ الوَليد» للمَعَرِّيِّ. كلاماً يُنَاسِبُ ذِكْرُه هنا ، فَنَقَلْتُه برُمَّته لأَجْل الفائدَة ، ونَصُّه : النَّيْرُوزُ : فارسيٌّ مُعَرَّبٌ ، ولم يُسْتَعْمَلْ إِلاّ في دَولة بَني العَبّاس ، فعند ذلك ذَكَرَتْه الشُّعَرَاءُ ، ولم يأْتِ في شِعْرٍ فَصيحٍ ؛ إِذْ كان نُقِلَ عن أَعيادِ فارسَ ، والمُحْدَثُون يَسْتَعْملُونه على جِهَتَيْن : منهُم مَن يقول : نَيْرُوز ، فيَجيئُ به على فَيْعُول ، وهو الأَسماءِ العربيّةِ كثيرٌ ؛ كالعَيْشُوم : نَبْتٌ ، وكذا القَيْصُوم ، والدَّيْجُور ، للظُّلْمَة. وفَوْعُول معدُومٌ في كلام العرب ، والنَّيْرُوزُ إِذا حُمِلَ على العَربيَّة يَجبُ أَن يَكُونَ اشتقاقُه من النَّرْز ، ولم يَصِحَّ في اللُّغَة أَنّ النَّرْزَ يُسْتَعْمَلُ ، وقد زَعَمَ بعضٌ أَنه الأَخْذُ بأَطْرَاف الأَصابع ، وقيل : الأَخْذُ في خُفْيَةٍ ، ولم يَبْنُوا في الثُّلاثيَّة المَحْضَة اسْماً أَوَّلُه نُونٌ وراءٌ ، وأَما النَّرْدُ الذي يُلْعَبُ به فليستْ بعربيَّة ، وقالُوا : النَّيْرَبُ للنَّميمَة والدَّاهيَة ولم يقولوا : النَّرْبُ ، ولم يَهْجُرُوا هذا البنَاءَ لأَنَّهُ ثَقيلٌ عَلى اللِّسَان ، ولكنْ تَرَكُوه باتِّفاق أَنّ الرّاءَ تَجيءُ بعد النّون كثيراً في غَيْر الأَسْمَاءِ ، يَقُولُون : نَرْضَى ونَرْقَى ونَرْمِي في أَفْعَالٍ كثيرةٍ يَلْحَقُهَا نُونُ المُضَارَعَة وأَوّلُ حُرُوفِهَا الأَصْليَّة راءٌ ، وإِنّمَا تُرِكَ هذا اللَّفْظُ كَمَا تُركَ الوَدْع ، ولو اسْتُعْملَ لكانَ حَسَناً. انتهى. وابنُ نَيْرُوزٍ الأَنْماطيُّ : مُحَدِّثٌ. قلت : هو أَبو بكرٍ محمّدُ بنُ إِبراهيمَ بن نَيْرُوزٍ الأَنْمَاطيُّ ، حَدَّثَ عن يَحْيَى بن محمّد بن السَّكْن ، وعنه أَبو محمَّد عُبَيْدُ الله بنُ أَحمدَ بن مَعْرُوفٍ قاضِي القُضَاة. كذا وَجدتُه في رَوْضَةِ الأَخْبَار ، للخَطيب عبد الله بن أَحمدَ الطُّوسيِّ. قلتُ : وقد حَدَّثَ عنه أَيضاً الدَّارَقُطْنيُّ.
وعبدُ الله بنُ نَيْرُوز الْمِصْريُّ الناسخُ ، حَدَّثَ عنه ابنُ رَوَاحٍ بالإِجازة.
* وممّا يُسْتَدْرَك عليه :
نِيرُوزُ : مَدينَةٌ من نَوَاحِي السِّنْدِ ، بين الدَّيْبُل (٣)
__________________
(١) ضبطت نصاً في معجم البلدان بالتحريك. قال : ونَرَز موضع عن الأزهري.
(*) في القاموس : يُنْسَبُ.
(٢) في اللباب ومعجم البلدان «٤٩١» وبالنص في اللباب.
(٣) عن معجم البلدان وبالأصل «الدبيل».