تَمنَعُهم من ذلك ؛ لكَوْنِهَا غَلِيظَةً لا تَطَؤُهَا الخَيْلُ ، ولا يُغَار (١) علينا فيها ، وقوله : من المَظَالِمِ جَمْع مُظْلِمَة ، أَي حَرَّة سَوْدَاء مُظْلِمَة.
وقال ابنُ السِّكِّيت في كتاب الأَلفاظ ، في باب الاختلاط والشَّرّ يقع بين القومِ : وتُدْعَى الحَرَّةُ والهَضْبَةُ أُمّ صَبَّارِ.
ورُوِيَ عن ابنِ شُمَيْل أَنَّ أُمَّ صَبّارٍ هي الصَّفَاةُ لا يَحِيكُ فيها شَيْءٌ ، قال : وأَمّا أُمُّ صَبُّورٍ ، فقال أَبو عَمْرٍو الشَّيْبَانِيّ : هي الهَضْبَة التي ليس لها مَنْفَذٌ ، يقال : وَقَعَ القَوْمُ في أُمِّ صَبُّور ، أَي في أَمْرٍ مُلْتَبِسٍ شَديدٍ ، ليس له مَنْفَذٌ لها وأَنْشَدَ لأَبِي الغَرِيبِ النَّصْرِيّ :
أَوْقَعَهُ الله بسوءِ فِعْلِه |
في أُمِّ صَبُّورٍ فأَوْدَى ونَشِبْ |
وقيل : أُمُّ صَبّارٍ ، وأُم صَبُّورٍ ، كِلْتَاهما الدّاهِيَةُ ، والحَرْبُ الشَّدِيدَةُ وفي المحكم : يُقَال : وَقَعُوا في أُمِّ صَبّار وأُمِّ صَبُّور ، قال : هكذا قرأْتُه في الأَلفاظ : صَبُّور ، بالبَاءِ ، قال : وفي بعضِ النُّسَخِ أُمُّ صَيُّور ، كأَنّها مُشْتَقَّة من الصِّيَارَةِ ، وهِيَ الحِجَارَةُ.
والصَّبِرُ ، ككَتِفٍ ، هذا الدَّوَاءُ المُرُّ ولا يُسَكَّنُ إِلّا في ضَرُورَةِ الشِّعْرِ ، قال الرّاجز :
أَمَرَّ مِنْ صَبْرٍ ومَقْرٍ وحُضَضْ (٢)
كذا في الصّحاح ، وفي الحاشية الحُضَضُ : الخُولانُ ، وقيل : هو بِظاءَيْنِ ، وقيل بضَادٍ وظَاءٍ ، قال ابنُ بَرِّيّ :
صوابُ إِنشادِه «أَمَرَّ» ، بالنصب ، وأَورَدَه بظاءَيْن ؛ لأَنّه يَصِفُ حَيّة ، وقبلَه.
أَرْقَشَ ظَمْآنَ إِذَا عُصْرَ لَفَظْ
قال شيخنا : على أَن التَّسْكِينَ حكاه ابنُ السيد في كتاب الفَرْقِ له ، وزاد : ومِنْهُم من يُلْقِي حركَةَ الباءِ على الصادِ ، فيقول : صِبْر بالكسر ، قال الشاعر :
تَعَزَّبْتُ عنها كارِهاً فتَرَكْتُهَا |
وكان فِراقِيها أَمَرَّ من الصِّبْرِ |
ثم قال : والصِّبْر بالكسر لغة في الصَّبِر ، وذكر مثلَه في كتاب المُثلّث له ، وصَرّح به في المِصْباحِ (٣) ، وذكرَهُ غيرُ واحدٍ انتهى.
وفي المُحْكَم : الصَّبِرُ : عُصارَةُ شَجَرٍ مُرٍّ ، الواحدة صَبِرَةُ ، وجمعه صُبُورٌ ، قال الفَرَزْدَقُ :
يا ابنَ الخَلِيَّةِ إِنَّ حَرْبِي مُرَّةٌ |
فيها مَذاقَةُ حَنْظَلٍ وصُبُورِ |
وقال أَبو حَنيفة : نباتُ الصَّبِر كنَباتِ السَّوْسَنِ الأَخْضَرِ ، غير أَنّ وَرَقَ الصَّبِر أَطولُ وأَعرضُ وأَثْخَنُ كثيراً ، وهو كثيرُ الماءِ جدًّا.
وقال اللَّيْثُ : الصَّبِرُ ، بكسر الباءِ : عُصَارَةُ شَجَر وَرَقُها كقُرُبِ السّكاكين طَوَالُ غِلاظٌ ، في خُضْرَتِها غُبْرَة وكُمْدَةٌ ، مقْشَعِرَّةُ المَنْظَرِ ، يَخْرُج من وَسطِهَا ساقٌ عليه نَوْرٌ أَصفَرُ تَمِهُ (٤) الرّيحِ ، قلْت : وأَجْوَدُه السُّقُطْرِيّ ويعرف أَيضاً بالصَّبّارَة.
وصَبِرٌ ، ككَتِفٍ : جَبَلٌ من جِبَالِ اليَمَنِ مُطِلٌّ عَلَى تَعِزَّ المدينة المشْهُورَة بها.
ولَقِيطُ بنُ عَامِرِ بنِ صَبِرَةَ ، بكسر الباءِ : صَحابِيٌّ وافدُ بني المُنْتَفِقِ ، له حديثٌ في الوضوءِ ، ويقال : هو لَقِيطُ بنُ صَبِرَةَ والدُ عاصِمٍ ، حِجَازِيّ.
والصِّبَارُ ككِتَابٍ : السِّدَادُ ، ويقال للسِّدَادِ : القعولة والبُلْبُلَةُ (٥) والعُرْعُرَةُ.
والصِّبَارُ أَيضاً : المُصَابَرَةُ ، وقد صابَرَ مُصَابَرَةً وصِبَاراً.
وقال المُصَنّفُ في البصائر في قوله تعالى (اصْبِرُوا وَصابِرُوا وَرابِطُوا) (٦) انتقالٌ من الأَدْنَى إِلى الأَعْلَى ، فالصَّبْرُ دُونَ المُصَابَرَة ، والمُصَابَرَةُ دونَ المُرابِطَةِ ، وقيل : اصْبِرُوا بنُفُوسِكُم (وَصابِرُوا) بقلوبِكُم على البَلْوَى في الله ، (وَرابِطُوا)
__________________
(١) عن اللسان ، وبالأصل «ولا تغار».
(٢) في الصحاح : «حُظَظ».
(٣) وعبارة المصباح : الصبر الدواء المرّ بكسر الباء في الأشهر وسكونها للتخفيف لغة قليلة ، ومنهم من قال : لم يسمع تخفيفه في السعة ، وحكى ابن السيد في كتاب مثلث اللغة جواز التخفيف كما في نظائره وبسكون الباء مع فتح الصاد وكسرها فيكون فيه ثلاث لغات».
(٤) الأصل واللسان ، وفي التهذيب : «ثمه».
(٥) كذا بالأصل. وفي التهذيب : «والبلبة»
(٦) سورة آل عمران الآية ٢٠٠.