وفِعْلِهما (١) ، فإِنّه لا بدّ من تَعَاطِيهما فإِنّه واجِبٌ في كلّ مِلَّة.
وقيل أُمِر بَوضْع اليَدِ على النَّحْرِ. قلْت : وقال ابن القَطَّاع : نَحَرَ الرجلُ ؛ قامَ في الصّلاة فرَفعَ يَدَيْه عند ذلِك. أَو نَحَرَ : انْتَصَبَ بنَحْره إِزاءَ القِبْلَةِ ولم يَلْتفِت يَمِيناً ولا شِمَالاً.
وقال الفَرَّاءُ في معنى الآية : أَي استَقْبِل القِبْلَةَ بنَحْرِك. وقال ابنُ الأَعْرَابِيّ : النَّحْرُ : انْتِصَابُ الرَّجُلِ في الصّلاة بإِزاءِ المِحْرَاب. وقال في البصائر : وقيل : فيه حَثٌّ على قَتْلِ النَّفْسِ بقَمْع الشَّهْوَة وكَفِّ النَّفْسِ عن هَوَاهَا. فحاصِلُ ما ذُكِر من الأَقوال سَبْعَةٌ ، وزادَ الصّاغَانِيّ فقال عن قَوم :
(وَانْحَرْ) ، أَي استَقْبِل نَحْرَ النَّهَار ، أَي أَوّله. فصارَت الأَقْوَالُ ثمانِيَةً.
ومن المَجاز : النَّحْرُ والنِّحْرِيرُ ، بكَسْرِهِمَا : الحَاذِقُ الماهرُ العاقِلُ المُجَرِّبُ ، وقيل : النِّحْرِير : الرجلُ الطَّبِنُ المُتْقِنُ الفَطِنُ البَصِيرُ بكلّ شيْءٍ ، مأْخُوذٌ من قولهم : نَحَرَ الأُمُورَ عِلْماً ، أَي لأَنّهُ يَنْحَرُ العِلْمَ نَحْراً ، والجمْع النَّحَارِيرُ. وسُئِلَ جَرِيرٌ عن شُعَرَاءِ الإِسْلامِ قال : نَبْعَةُ الشِّعْر للفَرَزْدق. قيل : فمَا تَركتَ لنفْسك؟ فقال (٢) : أَنا نَحَرْتُ الشِّعرَ نَحْراً. قاله الزمخشريُّ.
وبَرَقَ نَحْرُه : لقبُ رَجُلٍ ، كتَأَبَّطَ شَرًّا ، وذَرَّى حَبًّا ، وغَيْرِهما.
ومن المَجاز : مُنْتَحَرُ الطَّرِيقِ : سَنَنُه الوَاسِعُ البَيِّنُ (٣).
ومن كلام العَرَب : إِنهُ لَمِنْحَارٌ بَوَائِكَهَا ، أَي يَنْحَرُ سِمَانَ الإِبِل ، وهو للمُبَالَغَة ، يُوصَفُ بالجُود.
والمَنْحَرُ : المَوْضعُ الذى يُنْحَرُ فيه الهَدْيُ وغَيْرُه ، والجمْع المَنَاحِرُ. ومَسْجِدُ النَّحْرِ مَعروفٌ بمِنًى ، وكذلك المَنْحَر بها.
ومن المَجاز : تَنَاحَرُوا عن الطَّرِيق : عَدَلُوا عنه ، كذا في الأَساس.
ويقال : لَقِيتُه صَحْرَةً بَحْرَةً نَحْرَةً ، مُنَوَّناتٍ ، أَي عِيَاناً ، نقلَه الصاغانيّ ، وقد سبقَ ذِكْرُ كلٍّ من صَحْرَة وبَحْرَة في محلّهما.* وممّا يُسْتَدْرَك عليه : النَّحِيرَةُ : المَنْحُورة.
والناحِرُ : أَوَّلَ الشّهْرِ.
ونَحَرَ الصلاةَ : صَلَّاهَا في أَوَّل وَقْتِهَا.
ونَحَائِرُ الشَّهْرِ : نُحُورُه.
ونَوَاحِرُ الأَرْضِ : مُقَابِلَاتُهَا.
ورجُلٌ مِنْحَارٌ ، بالكَسْر : جَوَادٌ.
والمَنْحُور : المُسْتَقْبَل ، وبه فُسِّرَ قَولُ الشاعِر :
أَوْرَدْتُهُمْ وصُدُورُ العِيسِ مُسْنَفَةٌ |
والصُّبْحُ بالكَوْكَبِ الدُّرِّيّ مَنْحُورُ |
وقال عَدِيُّ بن زَيْد يَصِف الغَيْثَ :
مَرِحٌ وَبْلُهُ يَسُحُّ سُيُوبَ الْ |
ماءِ سَحًّا كأَنّهُ مَنْحُورٌ |
أَي مَذْبُوح.
ويُقَال للسّحاب إِذا انْعَقَّ بماءٍ كَثيرٍ : قد انْتَحَر انْتِحَاراً ، قال الراعي :
فمَرَّ على مَنَازِلِها فَأَلْقَى |
بها الأَثْقَالَ فانْتَحَرَ انْتِحَاراً (٤) |
وهو مَجَاز.
ودائِرَةُ الناحِرِ : تكون في الجِرَانِ إِلى أَسْفلَ من ذلك.
وقَعَدَ فُلانٌ في نَحْرِ فُلان : قابَلَه. ونَحَرْتُهُ نَحْراً : قابَلْتُهُ.
وتَنَاحَرُوا على الطَّرِيق وغَيرِه ، إِذا تَتابَعُوا عليه. وهو مَجَاز.
والنَّحَّارية : قَرْيَة بمصر من أَعمالِ الغَرْبِيّة.
«ونَحِيزَةُ (٥) الرجُل. كسَفِينة : طَبِيعَتهُ. والنَّحيزةُ أَيضاً : طُرَّةٌ تُنْسَج ثم تُخَاطُ على [الفَسَاطِيط شبه] الشُّقَّة. والنَّحِيزة :
__________________
(١) في المفردات للراغب في تفسيره للآية : هو حثّ على مراعاة هذين الركنين وهما الصلاة ونحر الهدي.
(٢) عن الأساس وبالأصل : قال.
(٣) نص الأساس : وطريق منتحر : واسع بين.
(٤) ديوانه ص ١٤١ وانظر تخريجه فيه ، وفيه «وانتحر» بدل «فانتحر».
(٥) من هنا إلى قوله : عن أبي موسى ، وردت نحيرة بالراء بالأصل ، وقد صححها محقق المطبوعة الكويتية نحيزة بالزاي ، في كل المواضع نقلاً عن معجم البلدان «نحيزة» وقد نبه إلى ذلك بهامشها ، والزيادة عن معجم البلدان ، وانظر اللسان «نحز».