وهي الكَلِمَةُ التي يَصِير بها العَبْدُ مُسْلِماً ، وهي شَهَادةُ أَنْ لا إِله إِلا الله وأَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُه جاءَ بالحَقّ مِنْ عِنْدِهِ ، فتِلْكَ الفِطْرَةُ الدِّينُ ، والدَّلِيلُ على ذلك حَدِيثُ البَرَاءِ بنِ عازِبٍ عن النّبِيّ صلىاللهعليهوسلم : أَنّه عَلَّم رَجُلاً أَنْ يَقُولَ إِذا نامَ. وقال : «فإِنّكَ إِنْ مُتَّ من لَيْلَتِكَ مُتَّ عَلَى الفِطْرَةِ» ، هذا كلُّه كَلَامُ أَبي الهَيْثم. وهُنَا كَلامٌ لأَبِي عُبَيْد حِينَ سأَلَ محمّدَ بنَ الحَسَنِ وجَوابُه ، وما ذَهَبَ إِليه إِسحاقُ بنُ إِبراهيمَ الحَنْظَلِيّ ، وتَصْوِيبُ الأَزْهريّ له مَبْسُوطٌ في التَّهْذِيب ، فراجِعْه (١).
ومِنْ سَجَعَاتِ الأَساسِ : قَلْبٌ مُطَارٌ (٢) وسَيْف فُطَارٌ.
كغُراب : عُمِلَ حَدِيثاً لم يَعْتُقْ. وقِيلَ : الَّذِي فيه تَشَقُّقٌ ، قاله الزمخشريّ. وفي اللّسَان : صُدُوعٌ وشُقُوقٌ. قال عَنْتَرَةُ :
وسَيْفِي كالعَقِيقَةِ وهْو كِمْعِي |
سِلاحِي لا أَفَلَّ ولا فُطَارَا |
وقِيلَ : هو الّذي لا يَقْطَعُ.
وعن ابنِ الأَعرابيّ : الفُطَارِيّ ، بالضمِّ : الرَّجلُ الفَدْمُ الّذِي لَا خَيْرَ فيه ، ونَصُّ ابنِ الأَعرابِيّ : لا خَيْرَ عِنْدَه ولا شَرَّ ، قال : وهو مَأْخُوذٌ من السَّيْفِ الفُطَارِ.
وفي التَّكْمِلَةِ : الأَفاطِيرُ : جَمْعُ أُفْطُورٍ ، بالضمّ ، وهو تَشقُّقٌ يَخرج في أَنْفِ الشابِّ ووَجْهِه ، هكذا نقله الصاغانيّ فيها ، وهي البَثْرُ الذي يَخْرُج في وَجْهِ الغُلامِ والجارِيَة ، وهي التَّفاطِيرُ والنَّفَاطِيرُ ، بالتاءِ والنُّون. قال الشاعر :
نَفاطِيرُ الجُنونِ بوَجْهِ سَلْمَى |
قَديماً لا تَفَاطِيرُ الشَّبابِ |
واحِدُهَا نُفْطُورَةٌ (٣). والذِي ذكره الصاغانيّ بالأَلِف غريبٌ ، والمصنّف يَتْرُكُ المَنْقُولَ المشهورَ ويَتَّبِعُ الغَرِيبَ ، وهُوَ غَرِيبٌ.
والنَّفَاطِيرُ : جَمْعُ نُفْطُورَة بالنون الزائدة ، وهي الكَلأُ المُتَفَرِّقُ ، ونَقلَ أَبو حنيفةَ عن اللّحْيَانيّ : يُقَال : في الأَرْض نَفَاطِيرُ من عُشْب : أَيْ نَبْذٌ مُتَفرِّقٌ ، لا واحِدَ له أَوْ هِيَ أَوَّلُ نَبَاتِ الوَسْمِيّ ، قال طُفَيل :
أَبَتْ إِبلِي ماءَ الحِيَاضِ وآلَفَتْ |
نَفَاطِيرَ وَسْمِيٍّ وأَحْنَاءَ مَكْرَعِ (٤) |
وفي اللّسَان : التَّفَاطِيرُ : أَوَّلُ نَباتِ الوَسْمِيّ ، ونَظِيرُهُ التَّعاشِيبُ والتَّعَاجِيب وتَباشِيرُ الصُّبْحِ ، ولا واحِدَ لشيْءٍ من هذِه الأَرْبَعَة. وكلامُ المُصَنِّف هُنا غَيْرُ مُحَرَّر ، فإِنَّ الصَّوابَ في البَثْر على وَجْهِ الغُلام هو التَّفاطِير والنَّفَاطِيرُ بالتاءِ والنون ، فجَعَلَه أَفاطِيرَ بالأَلف تَبَعاً للصاغانيّ ، وجَعَلَ أَوَّل الوَسْمِيّ النَّفَاطِيرَ بالنُّون ، وأَنَّهَا جَمْعُ نُفْطُورَة ، وصَوَابُه التَّفَاطِيرُ ، بالتاءِ ، وأَنه لا واحِدَ له ، فَتَأَمَّل.
وفي الحَدِيثِ : «إِذا أَقْبَلَ اللَّيْلُ وأَدْبَرَ النَّهَارُ فقد أَفْطَرَ الصائِمُ» : معناهُ حانَ (٥) لَهُ أَنْ يُفْطِرَ ، وقِيلَ : دَخَلَ في وَقْتِه ، أَي الإِفْطَارِ ، وقِيلَ : مَعْنَاهُ أَنّه قد صَارَ في حُكْمِ المُفْطِرِين وإِنْ لم يَأْكُل ولم يَشْرَبْ ، ومنهالحديث : «أَفْطَرَ الحاجِمُ والمَحْجُوم» أَي تَعَرَّضَا للإِفْطَارِ ، وقِيلَ ، حَانَ (٦) لَهُمَا أَنْ يُفْطِرَا ، وقِيلَ : هو على جِهَةِ التَّغْلِيظِ لَهُمَا والدُّعاءِ. كُلّ ذلك قالَهُ ابنُ الأَثير.
ويقال : ذَبَحْنا فِطِيرَةً وفَطُورَةً ، بفَتْحِهِمَا ، أَي شاةً يَوْمَ الفِطْرِ ، نَقَلَه الصاغانيّ والمُصَنّف في البَصَائر.
وقولُ أَميرِ المُؤْمِنِين عُمَرَ رضياللهعنه ، وقد سُئلَ عَن المَذْيِ فقال : هُوَ ، وفي النّهَاية ، ذلِكَ (٧) الفَطْرُ ، بالفَتْح ، هكذا رَواه أَبو عُبَيْد ، قِيلَ : شَبَّهَ المَذْيَ في قِلَّته بما يُحْتَلَب بالفَطْرِ ، وهو الحَلْبُ بأَطْرَاف الأَصابِع. يقال فَطَرْتُ الناقَةَ أَفْطِرُها وأَفْطُرُها فَطْراً ، فلا يَخْرُجُ اللَّبَنُ إِلَّا قَلِيلاً ، وكذلك المَذْيُ يخرج قَلِيلاً ، وليس المَنِيُّ كذلك ؛ قاله ابنُ سِيدَه.
وقِيلَ : الفَطْرُ مَأْخُوذٌ من تَفطَّرَتْ قَدَمَاهُ دَماً ، أَي سالَتَا ، أَو سُمِّيَ فَطْراً من فَطَرَ نابُ البَعِير فَطْراً : إِذا شَقَّ اللَّحْمَ وَطَلَعَ ، شَبَّهَ طُلُوعَهُ من الإِحْلِيلِ بطُلُوع النّابِ. نَقَلَه ابنُ الأَثِير ؛ قال ورَوَاه النَّضْرُ بنُ شُمَيْلٍ : ذلك الفُطْرُ ، بالضَّمّ ، وأَصْلُه ما يَظْهَر من اللَّبَن على إِحْليل (٨) الضَّرْعِ ، هكذا ذكره ابنُ الأَثِير وغَيْرُه.
__________________
(١) التهذيب : فطر ١٣ / ٣٢٧ وما بعدها.
(٢) عن الأساس وبالأصل «فطار».
(٣) في اللسان : واحدتها نفطور.
(٤) في التكملة : ويروى : وساورت.
(٥) في النهاية : «جازَ له».
(٦) في إحدى نسخ النهاية : جاز.
(٧) كذا ، وفي النهاية : «هو الفطر» وفي اللسان : «ذلك الفطر». وفي التهذيب : «ذاك».
(٨) النهاية واللسان : حلمة الضرع.