الدُّعَاءِ على الشَّيْءِ من غَيْر إِرادَةٍ لوُقُوعه : أَي عَقَرَهَا الله تعالَى وحَلَقَهَا ، أَي حَلَق شَعَرَها ، أَو أَصابَها بوَجَعٍ في حَلْقهَا أَو مَعْناه تَعْقِرُ قَوْمَهَا وتَحْلِقُهُم بشُؤْمِهَا وتَسْتَأْصِلُهم.
وقال أَبو عُبَيْد : معنَى عَقَرَها الله : عَقَرَ جَسَدَها. وقال الزَّمخشريّ : هُمَا صِفَتَانِ للمَرْأَة المَشْؤُمَة ، أَي أَنَّهَا تَعْقِرُ قَوْمَهَا وتَحْلِقُهُم ، أَي تَسْتَأْصِلهم من شُؤْمِهَا عَلَيْهِم ، ومحلُّهما الرَّفْعُ على الخَبَريَّة ، أَي هي عَقْرَى وحَلْقَى.
ويحتمل أَنْ يَكُونَا مَصْدَرَيْن على فَعْلَى بمعنى العَقْرِ والحَلْقِ كالشَّكْوَى للشَّكْوِ. وقيل : الأَلِفُ للتَّأْنِيث مِثْلها في غَضْبَى وسَكْرَى. وحَكَى اللِّحْيَانِيّ : لا تَفْعَلْ ذلك ، أُمُّكَ عَقْرَى ، ولم يُفسِّرْه ، غَيْرَ أَنَّه ذَكَرَه مع قوله : أُمُّك ثاكِلٌ ، وأُمُّكَ هابِلٌ. وحَكَى سِيبَوَيْهِ في الدُّعَاءِ : جَدْعاً له وعَقْراً ، أَو العَقْرَى : الحائِضُ. وفي الحَدِيث : «أَنّ النبيَّ صلىاللهعليهوسلم حين قِيلَ يَوْمَ النَّفْرِ في صَفِيَّةَ إِنّهَا حائِضٌ قال (١) : عَقْرَى حَلْقَى ، ما أُرَاهَا إِلّا حابِسَتَنَا».
وعَقَرَ النَّخْلَةَ عَقْراً : قَطَع رأْسَها فيَبِسَتْ ، وقد عُقِرَتْ عَقْراً : قُطِعَ رَأْسُها فلم يَخْرُجْ من أَصْلِهَا شيْءٌ ؛ قاله ابنُ القَطّاع فهي عَقِيرَةٌ ؛ هكذا في النُّسَخ ، والصَّوابُ : «فهي عَقِرَةٌ» بكسر القاف ، وهكذا في المُحْكَم. قال الأَزهريّ : ويقال : عَقَرَ النَّخْلَةَ : قَطَع رَأْسَها كُلَّه مع الجُمّار (٢) ، فهي مَعْقُورَةٌ وعَقِيرٌ ، والاسمُ العَقَارُ.
وعَقَرَ الرَّجُلُ بالصَّيْدِ : وَقَعَ به ، نَقَلَه الصاغانيّ. وعَقَرَ الكَلأَ : أَكَلَهُ ، يُقَال : عُقِرَ كَلأَ هذه الأَرْضِ ، إِذا أُكِلَ.
وطائرٌ عَقِرٌ ، كفَرِحٍ ، وعاقِرٌ أَيضاً : أَصَابَ في رِيشِه ، ولو قال : أَصابَ رِيشَه ، كما في المحكم كان أَحْسَنَ ، آفَةً فلَمْ يَنْبُتْ.
وفي الحديث فيما رَوَى الشَّعْبِيّ «ليس على زَانٍ عُقْرٌ» أَي مَهْرٌ ، وهو للمُغْتَصَبَةِ (٣) من الإِماءِ كمَهْرِ المِثْل للحُرَّة.
وهكذا فسره الإِمامُ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَل. وقال اللَّيْث : العُقْرُ بالضمّ : دِيَةُ الفَرْجِ المَغْصُوب ، وقال أَبُو عُبَيْدَة : عُقْرُ المَرْأَةِ : ثَوَابٌ تُثَابُه المَرْأَةُ من نِكَاحِها. وقيل : هو صَدَاقُ المَرْأَةِ ، وقال الجوهريّ : هو مَهْرُ المَرْأَةِ إِذا وُطِئَتْ على شُبْهَةٍ ؛ فسَمّاه مَهْراً. وفي الحَدِيث : «فأَعطاهم عُقْرَهَا». قال ابن الأَثِير : هو بالضمّ ما تُعْطَاهُ المَرأَةُ على وَطْءِ الشُّبْهَةِ ، وأَصْلُه أَنّ واطِئَ البِكْرِ يَعْقِرُها إِذا افْتَضَّها (٤) ، فسُمِّيَ ما تُعْطَاهُ للعَقْرِ عُقْراً ، ثم صارَ عامًّا لها وللثَّيِّب. وجَمْعُه الأَعْقَارُ.
والعُقْرُ : مَحَلّةُ القَوْمِ بَيْنَ الدّارِ والحَوْض. ويُفْتَح. وقيل : العُقْرُ مَؤَخَّرُ الحَوْضِ أَو مَقَامُ الشارِبِ ، هكذا في سائر النُّسخ. وفي التَّهْذِيب والنِّهاية : «مَقَامُ الشارِبَةِ» (٥) منه ، وفي الحَدِيث : «إِنّي لَبِعُقْرِ حَوْضِي أَذُودُ الناسَ لأَهْلِ اليَمَن» : أَي أَطْرُدُهُم لأَجل أَنْ يَرِدَ أَهلُ اليَمَنِ ؛ قاله ابنُ الأَثِير.
والجَمْعُ أَعْقَارٌ. قال :
يَلُذْنَ بأَعْقَارِ الحِيَاضِ كأَنَّهَا |
نِسَاءُ النَّصَارَى أَصْبَحَتْ وهْي كُفَّلُ |
وقال ابنُ الأَعْرَابِيّ : مَفْرَغُ الدَّلْوِ من مُؤَخَّرِه عُقْرُه ، ومن مُقَدَّمِه إِزَاؤُه ، والعُقْرُ : مُعْظَمُ النارِ أَو أَصْلُهَا الذي تَأَجَّجُ منه ، وقِيلَ : مُجْتَمَعُهَا ووَسَطُها ، قال عَمْرُو بن الدّاخِل يَصِفُ سِهَاماً :
وبِيضٌ كالسَّلاجِمِ مُرْهَفَاتٌ |
كأَنَّ ظُبَاتِها عُقْرٌ بَعيجُ (٦) |
قال ابن بَرِّيّ : العُقُر : الجَمْرُ ، والجَمْرَةُ عُقْرَةٌ ، وبَعِيجٌ : بمعنَى مَبْعُوجٌ ، أَي بُعِج بعُودٍ يُثَارُ به ، فشُقَّ عُقْرُ النارِ وفُتِح ، كعُقُرِها ، بضَمَّتَيْن. وقد رُوِيَ في عُقْرِ الحَوْض كذلك مُخَفَّفاً ومُثَقَّلا ، كما صَرَّح به صاحِبُ اللسان ، وعبارةُ المُصَنِّف لا تُفهِمُ ذلك. وفي الحديث : «مَا غُزِيَ قَوْمٌ في عُقْرِ دارِهم إِلَّا ذَلُّوا». العُقْرُ : وَسَطُ الدارِ ، وهو مَحَلَّةُ القَوْمِ ، وقال الأَصْمعيّ : عُقْرُ الدارِ : أَصْلُهَا ، في لُغَة الحِجَازِ ، وبه فُسِّر حديث : «عُقْرُ دارِ الإِسْلامِ الشامُ» ، أَي أَصْلُه ومَوضِعُه ، كأَنَّه أَشارَ به إِلى وَقْتِ الفِتَنِ ، أَي يكونُ الشامُ يومَئذٍ آمِناً منها ، وأَهلُ الإِسْلامِ به أَسْلَمُ.
ويُفْتَحُ ، في لغَةِ أَهْلِ نَجْدٍ ، كما قاله الأَصْمَعِيّ. قال
__________________
(١) في التهذيب والنهاية واللسان : فقال.
(٢) كذا نسب القول للأزهري ، وهي عبارة الصحاح أما قول الأزهري كما في التهذيب : عَقْر النخلة أن يُكشط ليفها عن قُلبها ويُستخرج جذبها ، وهو جمارها ، فإذا فعل بها ذلك يبست ولم تصلح إلا للحطب.
(٣) عن النهاية واللسان وبالأصل «من المغتصبة».
(٤) الأصل والنهاية ، وفي اللسان : اقتضها بالقاف ، وكلاهما بمعنى واحد.
(٥) في التهذيب : «مقام الواردة» وفي النهاية : «موضع الشاربة».
(٦) شبه النصال وحدّها بالجمر إذا سُخي.