وعَقُرَ الأَمْرُ ، ككَرُمَ عُقْراً ، بالضمّ : لم يُنْتِج عاقِبَةً. قال ذو الرُّمَّة يمدَحُ بِلالَ بنَ أَبِي بُرْدَةَ بنِ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيّ :
أَبُوكَ تَلافَى الناسَ والدِّينَ بَعْدَ ما |
تَشَاءَوْا وبَيْتُ الدِّين مُنْقَطِعُ الكَسْرِ |
|
فشَدّ إِصَارَ الدِّينِ أَيّامَ أَذْرُحٍ |
ورَدّ حُرُوباً قد لَقِحْنَ إِلى عُقْرِ (١) |
قولُه : لَقِحْنَ إِلى عُقْر ، أَي رَجَعْنَ إِلى السُّكُون. ويقال :
رَجَعَتِ الحَرْبُ إِلى عُقَر ، إِذا فَتَرَتْ. ومن المَجاز : العاقِرُ من الرَّملِ : ما لا يُنْبِتُ يُشَبَّهُ بالمَرْأَة. وقيل : هي الرَّمْلَة التي تُنْبِتُ جَنَباتُها ولا يُنْبِتُ وَسَطُها ، أَنشد ثعلب :
ومِنْ عاقِر يَنْفِي الأَلاءَ سَرَاتُها |
عِذَارَيْنِ عَنْ جَرْدَاءَ وَعْثٍ خُصُورُهَا |
وقِيلَ العاقرُ : العَظِيمُ مِنْهُ ، أَيْ مِنَ الرَّمْلِ ، وخَصَّهُ بعضُهُم بأَنَّهُ لا يُنْبِتُ شَيْئاً. وقيل العاقِرُ : رَمْلةٌ معروفةٌ لا تُنْبِتُ شَيْئاً. قال :
أَمّا الفُؤادُ فلا يَزالُ مُوَكَّلاً |
بِهَوَى حَمَامَةَ أَو برَيَّا العاقِر |
حَمَامَةُ : رَمْلَةٌ معروفةٌ أَو أَكَمَةٌ. والعاقِرُ : المَرْأَةُ التي لا مِثْلَ لَهَا ، أَنشد ابْنُ الأَعْرَابِيّ قَوْلَ الشاعِرِ :
صَرَّافَةَ القبِّ دَمُوكاً عاقِرَا
وهكذا فَسَّرَهُ. والدَّمُوكُ هُنَا : البَكْرَة التي يُسْتَقَى بها عَلَى السّانِيَة.
والعَقْرُ : الجَرْحُ ، وقد عَقَرَه فهو عَقِيرٌ والعَقْرُ : أَثَرٌ كالحَزِّ في قَوائِمِ الفَرَسِ والإِبِلِ ، يُقَال : عَقَرَهُ ، أَي الفَرَسَ والإِبِلَ ، بالسَّيْف يَعْقِرُه ، من حَدِّ ضَرَبَ عَقْراً ، بالفَتْح ، وعَقَّرَه تَعْقِيراً : قَطَع قَوائِمَه. وقال ابنُ القَطّاع : عَقَرْتُ الناقَةَ عَقْراً : حَصَدْتُ قَوائمَها بالسَّيْف.
والعَقِيرُ : المَعْقُور ، يقال : ناقَةٌ عَقِيرٌ وجَمَلٌ عَقِيرٌ. وفي حديث خَدِيجَةَ رضياللهعنها : «لَمَّا تَزَوَّجَتْ رَسُولَ الله صلىاللهعليهوسلم كَسَتْ أَباها حُلَّةً وخَلَّقَتْه ونَحَرَت جَزوراً. فقال : ما هذا الحَبِيرُ ، وهذا العَبِيرُ ، وهذا العَقِيرُ؟» أَي الجَزُور المَنْحُور. قيل : كانُوا إِذا أَرادُوا نَحْرَ البَعِيرِ عَقَرُوه ، أَي قَطَعُوا إِحْدَى قَوَائِمِه ثمّ نَحَرُوه ، يُفْعَلُ ذلك به كَيْلا يَشْرُدَ عند النَّحْرِ. وفي النّهاية في هذا المَكَان : وفي الحَدِيثِ : «أَنّه مَرّ بحِمارٍ عَقِيرٍ» أَي أَصابَهُ عَقْرٌ ولم يَمُتْ بَعْدُ. ولم يُفَسِّرْه ابنُ الأَثِير.
وفي اللّسَان : عَقَرَ الناقَةَ وعَقَّرَهَا : إِذا فَعَلَ بها ذلك حَتَّى تَسْقُطَ فَنَحَرَها مُسْتَمكِناً مِنها ، وكذلك كُلّ فَعِيلٍ مَصْرُوف عن مَفْعُول به فإِنّهُ بغَيْرِ هاءٍ. وقال اللّحْيَانيّ : وهو الكلامُ المُجْتَمَعُ عليه ، ومنه ما يُقَال بالهاءِ ، وقَوْلُ امرِئ القَيْسِ :
ويومَ عَقَرْتُ للعَذارَى مَطيَّتي (٢)
فمَعْنَاه نَحَرْتُهَا ، ج عَقْرَى ، يقال : خَيْلٌ عَقْرَى ، قال الشاعِرُ :
بِسِلَّى وسِلَّبْرَى مَصارعُ فِتْيَةٍ |
كِرامٍ وعَقْرَى من كُمَيْتٍ ومِنْ وَرْدِ |
وعَاقَرَه : فاخَرَه وكارَمَه وفاضَلَه في عَقْرِ الإِبِل.
ويقال : تَعَاقَرَا ، إِذا عَقَرَا إِبلَهُمَا يَتَبَارَيَانِ بِذلك لِيُرَى أَيُّهما أَعْقَرُ لَهَا. ومِن ذلك مُعَاقَرَةٌ غالِبِ بن صَعْصَعَةَ أَبي الفَرَزْدقِ وسُحَيْمِ بن وَثِيل الرِّيَاحِيّ ، لَمّا تَعاقَرَا بصَوْأَر ، فعَقَر سُحَيْمٌ خَمْساً ثم بَدَا لَهُ ، وَعَقَر غالبٌ مِائَةً. وقد تقدم في «ص أ ر». وفي حَدِيثِ ابنِ عَبّاس : «لا تَأْكُلُوا مِنْ تَعاقُرِ الأَعْرَابِ ، فإِنّي لا آمَنُ أَنْ يَكُونَ مِمّا (أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللهِ)».
قال ابنُ الأَثير : هو عَقْرُهُم الإِبِلَ ؛ كان الرَّجُلان يَتَبَارَيان في الجُودِ والسَّخَاءِ ، فيَعْقِرُ هذا وهذا حَتَّى يُعَجِّزَ أَحَدُهما الآخَرَ ، وكانوا يَفْعَلُونَهُ رِياءً وسُمْعَةً وتَفَاخُراً ، ولا يَقْصِدُون به وَجْهَ الله تعالَى ، فشَبَّهَه بما ذُبِحَ لِغَيْر الله. وفي الحَدِيث : «لا عَقْرَ في الإِسْلام». قال ابنُ الأَثِير : كانُوا يَعْقِرُون الإِبِلَ على قُبُور المَوْتَى ، أَي يَنْحَرُونَهَا ، ويَقُولون : إِنَّ صاحِبَ القَبْرِ كان يَعْقِر للأَضْيَاف أَيَّامَ حَياته ، فنُكَافِئُه بمِثْلِ صَنيعِهِ بَعْدَ وَفَاتِه ، وأَصْلُ العَقْرِ ضَرْبُ قَوَائمِ البَعِيرِ أَو الشاةِ بالسَّيْفِ ، وهو قائمٌ. وفي الحديث : «لا تَعْقرَنَّ شاةً ولا بَعِيراً إِلَّا لمَأْكَلَةٍ». وإِنَّمَا نُهِيَ (٣) عنه لأَنَّه مُثْلَةٌ وتَعْذِيبٌ
__________________
(١) قوله الكسر : جانب البيت. والإصار : حبل قصير يشد به أسفل الخباء إلى الوتد.
(٢) ديوانه وعجزه :
فيا عجباً من رحلها المتحمل
(٣) ضبطت عن اللسان بالبناء للمجهول ، وضبطت في النهاية بالبناء للفاعل.